اتهامات وشبهات تلاعب.. "بيزنس المراهنات" يهدد سمعة الدوري التونسي

ضربت حمى المراهنات كرة القدم التونسية، حيث تشهد صناعة التوقع بنتائج مباريات الدوري المحلي ازدهارا كبيرا، وسط اتهامات بالتلاعب.
وقامت العديد من الشركات المختصة في المراهنات بفتح مكاتب لها في عدد كبير من المدن التونسية، في ظل الإقبال الكبير من قبل فئة الشباب على التكهن بنتائج مباريات المسابقة المحلية الأبرز.
وككل ظاهرة جديدة، لم يخل "بيزنس" المراهنات من تجاوزات من قبل بعض الأطراف المتداخلة في اللعبة، مما جعل الشكوك تزداد حول مصداقية الدوري التونسي.
ووسط اعترافات بالتلاعب، وتحقيقات يجريها اتحاد الكرة التونسي، تواصلت "العين الرياضية" مع مسؤولى إحدى أكبر شركات التوقعات في تونس، للحديث عن هذا الملف، وتبعاته.
البداية من فرنسا
بدأت أزمة المراهنات في الدوري التونسي عام 2019، عندما قامت الشرطة الفرنسية بالتحقيق مع 3 مقيمين في مدينة نيس من أصحاب الجنسية التونسية، على خلفية شكوى تلقتها من قبل شركة المراهنات المحلية الشهيرة "لا فرانسيز دي جو"، بخصوص تورطهم في مراهنات غير مشروعة خلال مباراة اتحاد بن قردان ونجم المتلوي ضمن منافسات الدوري التونسي.
وراهن الثلاثي بمبلغ مالي مرتفع، بلغ نحو 33 ألف يورو على فوز اتحاد بن قردان بنتيجة هدف دون رد، وهو ما تحقق في نهاية المطاف، مما أثار ريبة الشركة التي تقدمت بشكوى ضدهم.
فضيحة الـ14 هدفا
وخلفت مباراة المستقبل الرياضي بالمحمدية وضيفه النجم الرادسي، ضمن منافسات دوري الدرجة الثانية التونسية، ردود أفعال قوية خلال الأسابيع الأخيرة.
المباراة شهدت تسجيل 14 هدفا دفعة واحدة، تقاسمها الفريقان بالتساوي، لتنتهي بالتعادل 7-7، في مشهد لم يسبق أن عاشته كرة القدم التونسية.
مباراة الـ14 هدفا، كما يطلق عليها، أثارت ردود فعل كبيرة للغاية، مما دفع الاتحاد التونسي لكرة القدم لرفض المصادقة على نتيجتها، في انتظار نتائج التحقيق الذي تم فتحه مؤخرا.
وتحوم شبهات كبيرة حول تورط بعض اللاعبين من الفريقين، في رهانات غير مشروعة مرتبطة بالنتيجة النهائية للمباراة.
بن قردان مرة أخرى
وطفا إلى السطح من جديد اسم نادي اتحاد بن قردان، في فضيحة مراهنات جديدة قبل أسبوعين، بمناسبة المواجهة التي جمعته بشبيبة القيروان ضمن منافسات الدوري التونسي.
وراهن عدد قياسي من الجماهير على فوز اتحاد بن قردان خارج ملعبه بنتيجة 3-1، وهو ما تحقق على أرض الواقع.
إدارة شبيبة القيروان أعلنت نيتها فتح تحقيق في موضوع المباراة، فضلا على "تقديم شكاية جزائية ضد كل من عسى أن يكشف عنه البحث في شبهة التلاعب بنتيجة اللقاء"، وفقا لما جاء في البيان الموجه للرأي العام.
من جهتها، قامت شركة المراهنات "بروموكوت" بإصدار بيانا أعلنت فيه عن إلغاء جميع الرهانات المتعلقة بالمباراة.
شبهات التلاعب تهدد الدوري التونسي
عمر العش مسؤول شركة "بروموكوت" للمراهنات، قال في تصريحات لمراسل "العين الرياضية": "قرار إلغاء جميع الرهانات المرتبطة بمباراة اتحاد بن قردان وشبيبة القيروان يأتي على خلفية تواجد شبهات جدية بحصول عملية تلاعب في النتيجة.".
وتابع: "هناك العديد من المقاييس العلمية التي نعتمدها للتأكد من إمكانية حصول شبهة التلاعب، منها تواجد ارتفاع غير عادي في قيمة الرهانات، فضلا على تواجد عدد كبير من التكهنات بالنتيجة الصحيحة للمباراة".
وأتم: "لاحظنا حصول عملية مراهنات مشبوهة استثمرت فيها مبالغ تتجاوز المعدل العادي بنحو 20 مرة، وهو ما جعلنا نقرر اعتبار الرهانات غير مشروعة".
الشبهات التي أصبحت تلاحق اتحاد بن قردان دفع بالهيئة المنظمة للرهانات الرياضية في فرنسا، لإصدار قرار يقضي بمنع المراهنة على مباراة اتحاد بن قردان أمام الملعب التونسي، التي أقيمت يوم 7 أبريل/نيسان الجاري، ضمن منافسات الجولة 23، وانتهت بالتعادل السلبي.
شهادة صادمة
وأدلى لاعب شبيبة القيروان إيهاب العدامي بشهادة صادمة، عندما أكد أن حكم المباراة نعيم حسني كان يعلم أن اتحاد بن قردان سيفوز بالمواجهة بنتيجة 3-1.
وقال مهاجم الشبيية في تصريحات عبر تلفزيون "قرطاج+": "الحكم نعيم حسني أبدى استغرابه عندما طالبته باستئناف اللعب بسرعة بعد الهدف الثالث لاتحاد بن قردان، وقال لي أليس لك علم بأن المباراة ستنتهي بنتيجة 3-1".
وكانت لجنة أخلاقيات الاتحاد التونسي لكرة القدم، فتحت تحقيقا في الغرض، كما تستعد السلطات القضائية لاستدعاء اللاعب من أجل الاستماع له.
قرارات صارمة
فضيحة المراهنات التي كشفت عن تواجد شبهات قوية لحصول عملية تلاعب بنتائج مباريات الدوري التونسي دفعت السلطات القضائية التونسية بالتحرك على عدة أصعدة.
اتحاد الكرة يدرس، من جهته، السبل الكفيلة بالحفاظ على مصداقية الكرة التونسية، ولو أن بعض الأطراف تتهمه بالتورط من خلال خدمة أجندة بعض الأندية، وبصفة خاصة اتحاد بن قردان، الذي يرتبط بعلاقة وثيقة بوديع الجريء، رئيس الهيكل المشرف على كرة القدم التونسية.
وينتظر أن تشهد الأيام القادمة قرارات صارمة في هذا الصدد قد تطال عدة أطراف متداخلة في كرة القدم التونسية.