في أزمة قناة بنما.. ترامب مدعو لقراءة حكايات «الفأر والأسد»

يحتاج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على ما يبدو لمراجعة حكايات الفأر والأسد، لتعينه على إعادة قراءة المشهد الدولي.
ومن بين قضايا كثيرة مثيرة للجدل، لا تزال الفوضى التي خلفتها الإدارة الأمريكية في ملف قناة بنما مثيرة للقلق.
ومن المؤكد أن ترامب وفريقه على حق في إدراك الأهمية الاستراتيجية لبنما، لكنهم مخطئون في طريقة تعاملهم مع القضية، وفقا لما ذكره موقع "ناشيونال إنترست" في تقرير طالعته "العين الإخبارية".
وربما تبدو بنما خصما أضعف كثيرا من الولايات المتحدة لكن حكايات الفأر والأسد تظهر الخطر الكامن في الثقة المفرطة في القوة.
وخلال خطاب تنصيبه في يناير/كانون الثاني، تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن الولايات المتحدة "ستستعيد" قناة بنما التي قال إن "الصين تديرها" وبعد وقت قصير من تأكيد تعيينه كوزير للخارجية، سافر ماركو روبيو إلى بنما للقاء رئيسها خوسيه راؤول مولينو.
وبعد الزيارة، أعلن الحساب الرسمي لوزارة الخارجية على منصة "إكس" أنه سيُسمح الآن للسفن الحربية الأمريكية باستخدام القناة مجانًا وهو ما نفاه مولينو قائلا إنه لم يكن هناك اتفاق جديد بين الولايات المتحدة وبنما لتغيير رسوم السفن العابرة.
وفي حين أشار مكتب روبيو إلى أن الوزير ضغط على مولينو لتقليص النفوذ الصيني على القناة أو مواجهة إجراءات أمريكية محتملة، رد رئيس بنما قائلا إن الولايات المتحدة لم تهدد بإلغاء المعاهدة التي تشكل الأساس لتشغيل بلاده للقناة.
وحاليا، يبدو أن إدارة ترامب حولت انتباهها إلى قضايا أخرى فيما يتعلق بالسياسة الخارجية ومع ذلك، فإن هذا الملف الفوضوي مهم لأنه يوضح الرغبة في الإمبريالية تحت ستار حماية المصالح الأمنية الأساسية للولايات المتحدة وذلك وفقا لما ذ كره موقع "ناشيونال إنترست" في تقرير طالعته "العين الإخبارية".
وقال أستاذ القانون جون يو وأستاذ القانون روبرت ديلاهونتي إن ترامب يجب أن "يفكر في إحياء مبدأ مونرو" حول منع نفوذ أي دولة في الأمريكتين ويجب عليه أن يعتبر القوة العسكرية "خيارًا متطرفًا لكنه ممكنًا".
أما جيمس جاي كارافانو من مؤسسة "هيريتيج" المحافظة فيزعم أن ترامب يتعين عليه أن يبحث عن طرق لمواجهة النفوذ الصيني في بنما وقال "هذا لا يتعلق بتأسيس الإمبريالية الأمريكية".
ولا تسيطر الصين على القناة، لكنها تعمل على ممارسة نفوذ متزايد في أميركا اللاتينية الأمر الذي تعتبره الولايات المتحدة تهديدا حقيقيا لكن إدارة ترمب ينبغي لها أن تكون أكثر دبلوماسية في طريقة تعاملها مع بنما.
وتعتمد نظرية ترمب في هذه القضية على أن الحديث بقوة من شأنه أن يزيد من رأس المال السياسي في التعامل مع الحلفاء الأمريكيين وزعم المبعوث الخاص لترامب إلى أميركا اللاتينية، ماوريسيو كلافير كاروني في مقابلة أجريت مؤخرا مع بوليتيكو أن الإدارة الأمريكية تعمل على ترسيخ "المصداقية" من خلال الحديث علنا عن الاستيلاء على قناة بنما ولم يستبعد إمكانية استعادة القناة بالقوة.
ويمكن أن يؤدي اتخاذ موقف علني متشدد، في حين أن التفاوض يتم بهدوء وراء الكواليس، إلى نتائج إيجابية ومع ذلك يظل الخطر المتمثل في أن يأتي هذا النهج بنتائج عكسية مرتفع ولا ينبغي تجاهله.
ومؤخرا، شرح ستيفن والت المشكلات المرتبطة بالدبلوماسية عن طريق التهديد وتتلخص حجته في أن تاريخ السياسة العالمية يشير إلى أن الدول الضعيفة التي تهددها الولايات المتحدة حتى لو لم يكن التهديد حقيقيا ستطلب في النهاية المساعدة من الصين.
وقال والت إن ترامب "قد يفوز ببعض التنازلات في الأمد القريب، لكن النتائج في الأمد البعيد ستكون مقاومة عالمية أكبر وفرصا جديدة لمنافسي أمريكا".
ويعد فشل الرؤساء الأمريكيين السابقين ومستشاريهم في السياسة الخارجية في إدراك أن رأس المال الأمريكي عظيم لكنه محدود هو السبب وراء تزايد النفوذ الصيني في أمريكا اللاتينية.
وتتمثل الاستراتيجية الأفضل في التعامل مع بنما في أن تقدم الولايات المتحدة دعماً هندسياً متزايداً، وأموالاً لتحديث القناة، وإعلاناً عاماً بالشكر لبنما على العمل مع الولايات المتحدة في مشروع مهم.
ولن تؤدي هذه الخطوات إلى إظهار ضعف واشنطن ولن يشجع مولينو على التحرك في اتجاه الصين لكنها ستكون وسيلة منخفضة التكلفة للولايات المتحدة لممارسة النفوذ في أحد أكثر الأماكن أهمية استراتيجية على الخريطة.
aXA6IDE4LjExOS4xNDMuMTc2IA== جزيرة ام اند امز