بايدن وأفغانستان.. خيارات سيئة للتأثير على الواقع
ترى مجلة "ناشيونال إنترست" أن الرئيس جو بايدن كان يمتلك الشجاعة الكافية لإنهاء الحرب في أفغانستان، بدلا من تمريرها لسلفه.
وأشادت المجلة الأمريكية بشجاعة الرئيس جو بايدن في إنهاء الحرب بأفغانستان وعدم تمريرها إلى الإدارة المقبلة، لكنها ألمحت لضرورة التواجد على الأرض لمساعدة المدنيين ومهام أخرى.
كما ترى "ناشيونال إنترست" الأمريكية أن الرئيس بايدن واجه عندما تولى منصبه الاختيار الصعب بين إنهاء الحرب في أفغانستان أو تصدير الأزمة إلى إدارة أخرى، ولكن يُحسب له أنه أظهر شجاعة رائعة في تحمل التكاليف السياسية للانسحاب، وتظل خياراته للتأثير على الواقع في أفغانستان سيئة.
وقالت المجلة، إن بايدن ليس "الرجل الذي فقد أفغانستان"، والذي كان الكثيرون حريصين على جعله يبدو كذلك، لكنه سيكون مسؤولاً عن مدى تأثير السياسات الأمريكية على أفغانستان حاليا.
وتابعت، نظرا لعدم وجود قوات أمريكية في أفغانستان للمرة الأولى منذ عشرين عامًا، لجأت الولايات المتحدة إلى "الأدوات الاقتصادية" للتأثير على طالبان، وهو ما تسبب في انكماش الاقتصاد الأفغاني بنسبة تصل لـ 40 % العام الماضي، حيث يعاني ما يقرب من نصف السكان الآن من سوء التغذية الحاد.
وتشير الصحيفة إلى أن حملة الضغط الأمريكية، التي غالبًا ما يتم تبريرها باسم حقوق الإنسان، ترقى إلى مصاف سياسة العقاب الجماعي، ورغم تأثيرها المدمر، لكن هذه الإجراءات لم تفعل شيئًا للتأثير على حكم طالبان، حيث يعترف عدد من المسؤولين الأمريكيين أن حركة طالبان أثبتت "عدم استعدادها للانحناء للضغط الأجنبي بشأن القضايا ذات الأهمية الأيديولوجية".
وأوضحت أنه من غير المرجح أن تغير المعاناة الاقتصادية أيديولوجية الحركة، ولكن يمكن للولايات المتحدة أن تفعل الكثير للتخفيف من الأزمة الإنسانية التي ساعدت في تفاقمها.
ويضيف التقرير أن تردد الإدارة في التعامل مع طالبان قد يعيق أي تقدم متواضع يمكن إحرازه في مجال حقوق الإنسان، وعلى عكس الولايات المتحدة، أعاد الاتحاد الأوروبي تأسيس "حد أدنى من الوجود" في أفغانستان، لتسهيل أعمال الإغاثة الإنسانية ودعم المجتمع المدني والضغط بشكل أكثر فاعلية على طالبان بشأن إصلاحات محددة ضرورية لمزيد من الحوار.
استخدام الشركاء
ومن خلال الانضمام إلى حلفائها الأوروبيين في إقامة وجود غير رسمي في أفغانستان، يمكن للولايات المتحدة أن تدعم هذه الجهود، وتبدأ في التعامل بشكل تدريجي مع فصائل طالبان الأكثر اعتدالًا وواقعية التي تتنافس حاليًا على السلطة.
وأشارت المجلة إلى أنه بغض النظر عن المسار الذي تسلكه إدارة بايدن، سيكون من الحكمة الاستمرار في استخدام شركاء كوسطاء، ولن يكون من المرجح إحراز تقدم كبير في مجال حقوق الإنسان، ومن الواضح أن الإدارة قلقة بشأن المخاطر السياسية للظهور بموقف "اللين" مع طالبان، وبرغم ذلك، لم يتبق أمام واشنطن سوى خيارات سيئة في أفغانستان.
ولفتت المجلة إلى أن المصلحة الأمريكية الكبرى في أفغانستان، هي منع الهجمات الإرهابية على أمريكا، ومن ثم يجب أن تركز سياسة الولايات المتحدة في أفغانستان على الحد من تهديد الإرهاب العابر للحدود، وهو هدف أكثر إلحاحًا وواقعية.
وترى واشنطن أن إيواء بعض عناصر طالبان للظواهري وترددها في قطع علاقاتها الطويلة الأمد مع القاعدة يؤكد عدم موثوقية الجماعة، لكن هيئات الاستخبارات الأمريكية أكدت أن القاعدة تفتقر إلى "القدرة على شن هجمات ضد" الولايات المتحدة، رغم وجود العشرات من عناصرها في أفغانستان، واستمرار علاقتها مع القاعدة، فإن لدى طالبان حافزًا واضحًا لضمان عدم شن هجوم على الولايات المتحدة، ويجب أن يهدف الضغط والمشاركة الأمريكية إلى تعزيز مخاوف طالبان من المخاطرة بشن مثل هذه الهجمات.
وترى المجلة أن الاعتماد المفرط على عمليات بطائرات مسيرة كعملية اغتيال الظواهري والخسائر المدنية التي ستصاحبها حتماً، يمكن أن تأتي بنتائج عكسية، فالعودة إلى الضربات الجوية المنتظمة ضد المزيد من مقاتلي داعش الصغار، على سبيل المثال، يمكن أن يزيد الدعم للهجمات المناهضة للولايات المتحدة، أو تدفع طالبان لاتخاذ موقف أكثر تشددًا ضد الولايات المتحدة أو دعم الانتقام لمنع رد الفعل القومي.
ويشير أيضا إلى أن الولايات المتحدة وطالبان تشتركان في مواجهة في عدو مشترك - وتهديد أكثر خطورة - هو داعش خراسان، المجموعة المسؤولة عن مقتل ثلاثة عشر جنديًا أمريكيًا وسلسلة التفجيرات الانتحارية الأخيرة في أفغانستان. ومن ثم يجب على الولايات المتحدة ألا تستبعد الاحتمال المستقبلي لتعاون محدود وسري مع طالبان لإضعاف الشر الأكبر لداعش خراسان، وهو الاقتراح الذي قدمه البنتاجون بالفعل.
وخلص التقرير إلى أنه كان هناك درسا يمكن استقاؤه من عشرين عامًا من الوجود في أفغانستان، وهو أن هناك حدودًا كبيرة لقدرة أمريكا على تشكيل الأحداث في أفغانستان، وإعادة تشكيل المجتمعات، وهذا مايبدو جليا اليوم.
aXA6IDMuMTQ0Ljk2LjEwOCA= جزيرة ام اند امز