قبل مؤتمر الديمقراطيين.. الوحدة هدف وبايدن غاضب
قبل أيام من انطلاق مؤتمر للحزب الديمقراطي يستهدف تحقيق الوحدة، لا تزال التوترات قائمة خاصة أن جو بايدن لا يزال غاضبا.
والرئيس الأمريكي بايدن الذي قال لمساعديه المقربين إنه يتقبل قرار انسحابه من السباق الرئاسي، لا يزال يحمل بعض الإحباط والغضب تجاه قادة الحزب الذين دفعوه للتنحي، وفقا لتصريحات 3 مصادر مطلعة لمجلة "بوليتيكو" الأمريكية.
وقالت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، إن بايدن يشعر بالإحباط لأن الرئيس الأسبق باراك أوباما لم يطلب منه وجها لوجه مغادرة السباق.
كما أنه يشعر بالغضب تجاه رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي التي يرى أنها كانت قاسية معه، وأيضا لا يزال منزعجا من الدور الذي لعبه زعيم الأغلبية الديمقراطية بمجلس الشيوخ تشاك شومر.
وبالأيام الأخيرة، وخلال جولاتها المكثفة للترويج لكتابه الجديد، سعت بيلوسي لشرح دورها في دفع بايدن للتنحي.
ورغم شعوره بالألم، إلا أن الرئيس الأمريكي أخبر مساعديه مؤخرا أنه يحترم على مضض تصرفات رئيسة مجلس النواب السابقة.
وقال بايدن: "لقد فعلت ما كان عليها أن تفعله" من أجل إعطاء الديمقراطيين أفضل فرصة للفوز بالانتخابات المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، مشيرا إلى أن بيلوسي "تهتم بالحزب وليس بالمشاعر".
نقيض الوحدة؟
لكن استمرار التوتر بين كبار الديمقراطيين يكشف الاضطرابات التاريخية التي عصفت بالحزب على مدار الأسابيع الستة الماضية، ما يتناقض مع فكرة الوحدة التي يأملون في تقديمها خلال مؤتمر الحزب المقرر في الفترة من 19 وحتى 22 أغسطس/آب الجاري.
وبعد أدائه الكارثي في مناظرته مع المرشح الجمهوري دونالد ترامب، اقتنعت بيلوسي أن بايدن لا يستطيع الفوز بولاية ثانية في البيت الأبيض، فساعدت في تنظيم تمرد غير مسبوق ضد الرئيس الذي كان صديقا شخصيا لها لعقود من الزمان.
ونقلت "بوليتيكو" عن مسؤول كبير في البيت الأبيض قوله إن بايدن يرى بيلوسي "قاسية" ومستعدة لتجاهل علاقاتهما الطويلة من أجل إبقاء الحزب الديمقراطي في السلطة، والأهم من أجل منع ترامب من العودة إلى البيت الأبيض، مضيفا "كانت هكذا دائمًا".
ومنذ انسحاب بايدن، لم يتحدث مع بيلوسي وظهر غضبه من رئيسة مجلس النواب السابقة خلال مقابلة تليفزيونية مع شبكة "سي بي إس" قبل أيام، حيث قال إنه كان يخشى أن تتسبب تصريحاتها حول مغادرته السباق في تشتيت حقيقي.
وبالنسبة لأوباما، فإن بايدن يشعر بالاستياء لأن صديقه ورئيسه السابق لم يتصل به مباشرة للتعبير عن مخاوفه عقب المناظرة، في حين أنه نشر تغريدة لدعمه.
ولم يحاول أوباما التحرك لإزاحة بايدن من السباق، لكنه لم يحاول أيضا الحد من جهود دفعه للتنحي، وهو ما أثار استياء بعض المقربين من الرئيس الأمريكي.
وكانت علاقة الرجلين دائمًا أكثر تعقيدًا مما تبدو عليه، فرغم قربهما الشديد الذي دفع أوباما لأن يعرض سداد قرض بايدن العقاري عقب وفاة ابنه بو في 2015، إلا أن التوترات السياسية كانت حاضرة.
واعتقد بايدن دائما أن موظفي أوباما كانوا ينظرون إليه بازدراء، كما انزعج الكثير من المقربين من بايدن حين اختار أوباما في 2016 وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون لخلافته بدلا من نائبه.
ويعتقد حلفاء بايدن أن حملة إعادة انتخاب الرئيس كانت في طريقها للإنقاذ بعد أسبوعين من محاولات طمأنة الديمقراطيين عقب المناظرة الكارثية.
لكن تصريح بيلوسي في برنامج "مورنينج جو" يوم 10 يوليو/تموز الماضي بأنها لا تدعم استمرار بايدن في السباق، فتح الباب أمام عدد من الديمقراطيين والمانحين لاتباع نفس النهج.
وعشية انسحابه، أعربت الدائرة الداخلية لبايدن عن اعتقادها بأنه إذا استمر الرئيس في السباق فإن بيلوسي ستنقل مخاوفها علنا وهو الأمر الذي اعتبروا أنه سيكون "مهينا جدا له".
والإثنين الماضي، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير إن بايدن "يحترم" بيلوسي، مؤكدة أنه "ليس لديه مشاعر سيئة" تجاهها.
انزعاج
والأسبوع الماضي، قالت بيلوسي في مقابلة مع مجلة "نيويوركر" إنها غير راضية عن العملية السياسية لبايدن رغم فوزه في انتخابات 2020، الأمر الذي أزعج بعض كبار مساعدي البيت الأبيض بشكل خاص.
ومع إشادتها المستمرة بنائبة الرئيس والمرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية كامالا هاريس ونائبها تيم والز حاكم مينيسوتا، دافعت بيلوسي عن علاقتها ببايدن خلال مقابلة مع المتحدثة السابقة باسم البيت الأبيض جين بساكي.
وقالت بيلوسي: "في عائلتنا، لدينا ثلاثة أجيال من الحب لجو بايدن. أنا وزوجي بالطبع، نعرفه منذ فترة طويلة جدًا ونحترمه ونحبه هو وجيل فهما رائعان للغاية، وكذلك عائلتهما".
وردا على سؤال حول ما إذا كانت علاقتها ببايدن على ما يرام، قالت بيلوسي في مقابلة أخرى "آمل ذلك"، وأضافت "عليك أن تسأله".
محاولة تصحيح
كما حرصت بيلوسي خلال جولتها الترويجية لكتابها، على الدفاع عن بايدن، ما اعتبره بعض الديمقراطيين محاولة منها لتصحيح الأمور.
ومنذ انتخابات 2016 وفوز ترامب، أصبحت بيلوسي حصن حزبها ضد الرئيس، وخلال عامين وقفت في وجهه أكثر من مرة.
كما استهزأت به في بعض الأحيان وهو ما يجعلها تظهر على نطاق واسع باعتبارها الزعيمة التي صدت ترامب، وأيضا نجحت في الحفاظ على نفوذها الهائل داخل الحزب حتى بعد ابتعادها عن قيادة الديمقراطيين في مجلس النواب.
أما بالنسبة لزعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، فأعرب بايدن عن إحباط أقل حيث لا يراه في مقدمة التحرك لإزاحته، لكن ذلك لا ينفي شعوره بالانزعاج من الدور الذي لعبه الرجل للضغط عليه.
وتعليقا على ذلك، قال شومر في بيان "الرئيس بايدن وطني ويضرب مثالاً لجميع الأمريكيين من خلال وضع بلاده فوق كل شيء مرة أخرى".
وأضاف: "كنا جميعًا فخورين بالعمل معه لتحقيق سجل تشريعي تاريخي سيترك له إرثًا لا يمحى كرئيس".