ترامب يحكم قبل الأوان.. انسحاب بايدن يثير غضب الديمقراطيين
بدا الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب حاكما فعليا لبلاده رغم أنه لن يتولى منصبه قبل 20 يناير/كانون الثاني المقبل.
ومع وجود العديد من الأسباب التي تدفع الديمقراطيين للغضب من الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن يبدو أن تنازله عن الأضواء لترامب أكثر ما يثير غضبهم تجاهه.
وبينما بقي بايدن في واشنطن، كان الرئيس المنتخب هو الذي التقى يوم السبت في باريس الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي يضغط على ترامب لمواصلة المساعدات في زمن الحرب وذلك وفقا لما ذكرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية.
ومع تصاعد الأحداث في سوريا، كتب ترامب على الإنترنت عن المصالح الأمريكية قائلا "هذه ليست معركتنا" في المقابل، لم يظهر بايدن علنًا يوم السبت وانتظر حتى يوم الأحد للتعليق على الوضع.
وبالفعل، يملي ترامب سياسة التجارة والهجرة ويتحرك بسرعة لإعادة تشكيل الحكومة الأمريكية في حين انسحب من المشهد العديد من الأشخاص الذين كانوا أشد منتقدي الرئيس المنتخب.
وقد أثار هذا الأمر غضب العديد من الديمقراطيين فبعد أن أمضى بايدن وقادة الحزب، سنوات في تصوير ترامب على أنه تهديد للديمقراطية إلا أنهم تركوا فراغًا في الاتصالات والسياسة خلال فترة الانتقال.
ويعتقد المنتقدون أن كبار الديمقراطيين تجاوزوا الفرص لتقديم قضية ضد ترشيحات الرئيس المنتخب التي يرونها أدوات "الانتقام" الذي وعد به.
وقال حاكم واشنطن الديمقراطي جاي إنسلي "يجب أن نكون أقل عرقلة وأكثر تحفيزًا.. يجب أن نكون صريحين، ونقاوم هؤلاء المرشحين الذين ليسوا سوى كارثة في طور التكوين".
وكان غضب الجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي أكثر حدة، وقال أسامة أندرابي، المتحدث باسم مجموعة الديمقراطيين "العدالة التقدمية" إن "هذه واحدة من أسوأ فترات البطة العرجاء (وصف يطلق على الرئيس الذي يستعد لمغادرة منصبه) التي رأيناها مع إدارة ديمقراطية.. فرصة ضائعة هائلة" وأضاف أن النتيجة هي أن ترامب استحوذ على انتباه الجمهور دون منازع.
وبعدما أدى تعهد ترامب برفع التعريفات الجمركية إلى إثارة قلق جيران الولايات المتحدة، تناول العشاء مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو في مار إيه لاغو وبدأ الدبلوماسية مع رئيسة المكسيك كلوديا شينباوم.
كما عين ترامب حكومته وكبار موظفيه بسرعة غير عادية، فهيمن على بيئة الأخبار وأجبر المشرعين على الرد على العديد من الترشيحات في وقت واحد، بما في ذلك بعض الترشيحات التي دفعت الجمهوريين إلى التراجع.
ويتناقض حضور بايدن الخافت مع الطريقة التي تعامل بها الرئيس الأسبق باراك أوباما مع فوز ترامب لأول مرة في انتخابات عام 2016.
وفي ذلك الوقت، دعا ترامب، بصفته الرئيس المنتخب، الإدارة إلى استخدام حق النقض (فيتو) ضد قرار مجلس الأمن الذي انتقد توسيع المستوطنات الإسرائيلية، لكن أوباما تجاهل الضغوط وسمح للإجراء بالمرور كما حذر نائب مستشار الأمن القومي آنذاك من أن "هناك رئيسا واحدا في كل مرة".
بالإضافة إلى ذلك، عقد أوباما مؤتمرا صحفيا رسميا في البيت الأبيض بعد الانتخابات، وهو ما لم يفعله بايدن حتى الآن.
وبالنسبة لبعض الديمقراطيين، فإن بايدن يخسر فترة الانتقال وقالوا إن الفراغ يرمز إلى واحدة من أكبر المشكلات التي يجب أن يتصدى لها الحزب وهو يضع خططا لإعادة الإحياء بعد هزيمته في السباق الرئاسي وخسارة أغلبية مجلس الشيوخ.
هذه المشكلة هي عدم قدرة الحزب على تقديم رسالة متسقة وواضحة للناخبين الذين يتابعون الأخبار بشكل متزايد عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
لقد عفا بايدن عن ابنه هانتر ثم غادر إلى أفريقيا بدلاً من التركيز على أن ترامب يمثل تهديدًا واسع النطاق لنظام العدالة الذي لا يعرض للخطر ابن الرئيس فقط لكن أيضا مجموعة من موظفي الخدمة المدنية وأعداء ترامب المزعومين وعلى عكس المعتاد لم يعقد بايدن مؤتمرًا صحفيًا خلال رحلته الأفريقية.
وعندما زار ترامب البيت الأبيض بعد هزيمة نائبة الرئيس كامالا هاريس في الانتخابات، استقبله بايدن شخصيًا بـ "مرحبًا بك مرة أخرى" وكانت هذه الطريقة الودودة تهدف إلى إظهار التزام الديمقراطيين باستمرارية الحكومة والمعايير الديمقراطية لكن بعض الديمقراطيين كانوا يأملون أن يستغل الرئيس الديمقراطي اللحظة لحث ترامب على احترام استقلال وزارة العدل والمؤسسات الأخرى.
ويركز ترامب على تنفيذ وعود حملته، بما في ذلك التحقيقات الفيدرالية مع الديمقراطيين فقال في مقابلة مع شبكة "إن بي سي" إن أعضاء لجنة مجلس النواب التي حققت في اقتحام الكابيتول في 6 يناير/كانون الثاني 2021 "يجب أن يذهبوا إلى السجن"، لكنه قال إنه لن يوجه إدارته لإجراء اعتقالات.
وردا على سؤال عما إذا كان سيحاكم بايدن وعائلته، قال ترامب "أنا لا أبحث عن العودة إلى الماضي. أنا أتطلع إلى جعل بلدنا ناجحًا.. الانتقام سيكون من خلال النجاح".
ووجد استطلاع للرأي أجرته شبكة "سي بي إس/يوجوف" في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني أن 59% من الناخبين يوافقون على تعامل ترامب مع عملية الانتقال حتى الآن لكن استطلاعات أخرى تظهر أن العديد من الناخبين ليس لديهم آراء ثابتة حول العديد من مرشحي الإدارة الجديدة وهو ما يترك مجالًا للديمقراطيين لتشكيل الانطباعات.
وكانت كيفية تحرك الحزب خلال إدارة ترامب الثانية محورًا رئيسيًا لمناقشات الحكام الديمقراطيين قبل أيام حيث قالوا إنهم بحاجة إلى إيجاد توازن من خلال اعتماد البراجماتية في مواجهة سياسات الرئيس المنتخب التي تتعارض مع مبادئ الحزب مع إيجاد طرق لمساعدة ولاياتهم.
في المقابل، يرى عدد من الديمقراطيين أنه من الطبيعي بعد الهزيمة أن يتخذ بايدن وقادة الحزب الآخرين موقفًا أكثر هدوءًا الآن ويتوقفون مؤقتًا من أجل تطوير استجابة مدروسة لترامب.
وقال جيسي فيرجسون، الاستراتيجي الديمقراطي، إن مواجهة ترامب "لن تتم من خلال التغريدات الغاضبة حول أحدث الأشياء التي يقولها، بل من خلال إظهار عواقب أجندته على الطبقة المتوسطة".
لكنه أكد ضرورة تقويض فكرة فوز ترامب بتفويض شعبي مع الإشارة إلى أن فوز ترامب بفارق 1.5 نقطة في التصويت الشعبي كان ضيقًا نسبيًا.
وفيما يتعلق بترشيحات الإدارة الجديدة يمتنع معظم الديمقراطيين عن توجيه انتقادات مباشرة للمرشحين ويحذرون بدلاً من ذلك من أن ترامب وفريقه يخاطرون بتنصيب مرشحين معيبين.
aXA6IDEzLjU4LjIwNS4xMzIg جزيرة ام اند امز