ملاحقة البالونات بأمريكا.. "هستيريا" باهظة ومخاوف تجسس
بعد أقل من أسبوع على إسقاط بالون تجسس صيني مزعوم، تلقى الرئيس جو بايدن مكالمة مفاجئة من وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان المشتركة.
وقال القادة العسكريون لبايدن حينها إنه تم رصد جسم طائر مجهول فوق ألاسكا، وإنهم ليسوا متأكدين من ماهيته. لكنهم قالوا إنه يشكل خطرا على الطائرات المدنية، ولا يستبعدون امتلاكه قدرات مراقبة.
وأوصى المسؤولون العسكريون، بايدن، بإسقاط هذا الجسم المجهول تحسبا لتشكيله خطرا، بحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
ووافق بايدن، وأعطى الأوامر، وفي 10 فبراير/شباط، أطلقت طائرة من طراز رابتور "إف-22" صاروخا على الجسم وأسقطته.
ووقعت سيناريوهات مطابقة تقريبا على مدار اليومين التاليين. إذ رصدت الرادارات، السبت، جسما طائرا مجهولا آخر فوق إقليم يوكون الكندي، بالإضافة إلى تالث آخر، الأحد، فوق ميشيغان.
وفي كل مرة، أبلغ وزير الدفاع لويد أوستن واثنان من كبار الضباط -الجنرال مارك ميلي رئيسة هيئة الأركان، والجنرال غلين فان هيرك قائد القيادة الشمالية- الرئيس بالأمر، واتبع بايدن توصياتهم بإسقاط تلك الأجسام.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير: "أردت التأكد من تناول ذلك الأمر من البيت الأبيض. أعلم أن هناك تساؤلات ومخاوف بشأن هذا، لكن لا مؤشر على كائنات فضائية أو نشاط من خارج الأرض مرتبط بالأجسام التي تم إسقاطها مؤخرا".
تحليل معقد
وعلى مدار الأيام الثلاثة، حلل المسؤولون أنماط الطقس، وتواصلوا مع الدول الأخرى، وسارعوا للوقوف على السبب وراء ظهور العديد من الأجسام في تتابع سريع.
وفي مرحلة ما وجد بايدن نفسه يتحدث على الهاتف مع رئيس الوزراء الكندي غاستن ترودو، لمناقشة ما إذا كان سيتم إسقاط الجيش الأمريكي الجسم، الذي عبر المجال الجوي الكندي.
ويبدو الآن أنه من المحتمل -وحتى من المرجح- أن الأجسام الغامضة عادية تماما.
إذ قال بايدن، الخميس، إنه لا توجد أدلة تشير إلى أن الأجسام الثلاثة خدمت أغراضا خبيثة.
وأضاف بايدن: "لا يرجح شيء الآن أنها كانت مرتبطة ببرنامج بالون التجسس الصيني أو أنها كانت مركبات مراقبة من أي بلد آخر.. يشير التقييم الحالي لمجتمع الاستخبارات إلى أن هذه الأشياء الثلاثة كانت على الأرجح بالونات مرتبطة بشركات خاصة أو مؤسسات ترفيهية أو بحثية تدرس الطقس أو تجري أبحاثًا علمية أخرى".
وقال بايدن أيضًا إنه لا توجد أدلة على زيادة مفاجئة في عدد الأجسام الطائرة، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تعثر على المزيد منها بسبب تعديلات الرادار.
وبذلك، فإن الحكومة الأمريكية القلقة، والمتأهبة بعد اكتشاف بالون تجسس صيني، قد تكون استخدمت أسلحة عسكرية متطورة لإسقاط أجسام روتينية.
ومع ذلك، سيمكن التأكد من طبيعة هذه الأجسام بشكل نهائي، عند انتشال حطامها من المناطق البعيدة، وهو ما قد يستغرق أسابيع.
وكانت هناك اختلافات صارخة بين منطاد التجسس الصيني المشتبه فيه والأجسام الثلاثة التي جاءت بعده، وتعاملت الحكومة معها بطريقة مختلفة.
وكان الجيش الأمريكي ووكالات الاستخبارات تتبع المركبة الصينية لحوالي أسبوع بعد أن عبرت إلى المجال الجوي الأمريكي الشهر الماضي، وأجلوا إسقاطها لتقليل الضرر على الناس على الأرض.
تسريع الوتيرة
في المقابل، وعند التعامل مع الأجسام المنقولة جوا الأخرى، لم يعلم المسؤولون الأمريكيون ماهيتها أو ما إذا كانت خبيثة قبل اتخاذ القرار بإسقاطها. ورجح بعض الخبراء أن هواة ربما هم من أطلقوها.
وقال بعض حلفاء البيت الأبيض وخبراء خارجيون إن الإدارة كانت حساسة بشكل خاص تجاه جدالات الجمهوريين حول ضرورة إسقاط بالون التجسس الصيني المشتبه فيه بسرعة.
وقال بريت بروين، مسؤول كبير بمجلس الأمن القومي في إدارة باراك أوباما، إن البيت الأبيض حاول السير على خط رفيع للغاية في هذا الشأن.
وأضاف: "من ناحية، تلقوا العديد من الانتقادات كما هو واضح بسبب الاستجابة البطيئة على البالون الأول، وحاولوا في الحوادث الثلاث الأخيرة تسريع الوتيرة وأظهروا أنهم يدافعون بقوة عن المجال الجوي الأمريكي".
فيما قال مسؤولون أمريكيون إن الأشياء الثلاثة المحمولة جوا والتي أسقطتها واشنطن، بعد أن حلقت على ارتفاع ما بين 20 ألفا و40 ألف قدم، شكلت تهديدا "معقولا" على النقل الجوي المدني، في حين لم يشكل بالون التجسس الصيني الذي حلّق على ارتفاع أكثر من 60 ألف قدم، خطرا على الطيران المدني.
aXA6IDMuMTcuMTc5LjEzMiA= جزيرة ام اند امز