رغم مساعيه منذ توليه مقاليد الحكم في البيت الأبيض لتوطيد الحلف الاقتصادي مع قوى آسيوية، مثل الهند واليابان، فإن تعليقات وتصريحات جو بايدن الغامضة قد تهدد الحلف الذي يوصف بكونه «غير قابل للكسر»، وتُحدث توتراً في العلاقات.
رهاب الأجانب
كان الرئيس الأمريكي جو بايدن اعتبر أن "رهاب الأجانب" وراء المصاعب الاقتصادية التي تواجه اليابان والهند، واضعا الدولتين في كفة واحدة مع منافستيه الصين وروسيا بمصاف الدول الرافضة للمهاجرين.
وقال بايدن "لماذا تتعثر الصين اقتصاديا؟ لماذا تعاني اليابان من المشكلات؟ لماذا تعاني روسيا من المشكلات؟ والهند؟ لأنها دول مصابة برهاب الأجانب".
وأدلى بايدن الساعي للفوز بولاية ثانية في البيت الأبيض في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني 2024، بتصريحاته الأربعاء 1 مايو/أيار الجاري خلال مناسبة لجمع التبرعات لحملته في واشنطن وللاحتفال ببدء شهر التراث للأمريكيين الآسيويين وسكان هاواي الأصليين وجزر المحيط الهادئ، ولم تنشر هذه التصريحات سوى الخميس.
وقال الرئيس "أحد أسباب نمو اقتصادنا هو أنتم والعديد من الآخرين، لماذا؟ لأننا نرحب بالمهاجرين".
وبينما تعتبر الصين وروسيا منافستين للولايات المتحدة، جاءت تصريحات بايدن بشأن اليابان والهند بمثابة مفاجأة.
- أزمة «مثيرة للقلق» في اليابان.. 4 ملايين منزل مهجورة
- الأسهم الأمريكية في مرمى تهديدات التضخم والصراع الجيوسياسي.. هل تنجو؟
تعليق بايدن الغامض لا يعكس الواقع في الهند
من جانبها، أسفت الهند لتصريحات جو بايدن، اعتبر فيها أن البلد الحليف للولايات المتحدة يعاني "رهاب الأجانب".
وقال وزير الخارجية الهندي أس. جايشانكار إن ما قاله بايدن لا يعكس الواقع، موضحاً في تعليقات نشرتها السبت صحيفة "إيكونوميك تايمز" إنه "بادئ ذي بدء، اقتصادنا ليس متعثرا".
أضاف "الهند بلد فريد للغاية.. في تاريخ العالم، كانت مجتمعا منفتحا.. مختلف الناس من مختلف المجتمعات يأتون إلى الهند".
والهند هي من أسرع الاقتصادات نموّاً في العالم، وسجلت زيادة مقدارها 8.4% في الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأخير من العام الماضي، وفق أرقام رسمية نشرت في فبراير/شباط.
بايدن لا يعي سياسات اليابان
بدورها، قالت الحكومة اليابانية في بيان، السبت، إنه "من المؤسف أنه تمّ الإدلاء بتصريحات لا تستند إلى فهم دقيق لسياسة اليابان"، مؤكدة أن طوكيو أبلغت البيت الأبيض بهذه الرسالة.
وقد وصفت السفارة اليابانية في واشنطن إشارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى اليابان، على أنها "كارهة للأجانب" بـ"الأمر المؤسف"، موجهة انتقادات خفيفة لتصريحات بايدن.
لكن هذا لن يؤثر في العلاقات بين الحليفين على الأرجح.
وأكدت السفارة معرفتها نية بايدن تسليط الضوء على أهمية المهاجرين للولايات المتحدة، وأن تعليقه "لم يكن بهدف تقويض أهمية العلاقة بين اليابان والولايات المتحدة".
وقالت السفارة إن تعليق بايدن لن يؤثر في عمل اليابان مع الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن زيارة رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا الشهر الماضي، أظهرت كيف أن العلاقات بين اليابان والولايات المتحدة أقوى من أي وقت مضى.
وجاءت تعليقات بايدن حول اليابان -الحليف المهم للولايات المتحدة- خلال حملة لجمع التبرعات استضافتها السيناتور تامي داكوورث، الديمقراطية عن إلينوي، تزامنا مع بداية شهر تراث الأمريكيين الآسيويين وجزر المحيط الهادئ.
جاء هذا الحدث بعد زيارة كيشيدا أواخر الشهر الماضي، حيث احتفل البلدان بـ"التحالف غير القابل للكسر".
ويأتي ادعاء بايدن بأن اليابان "تكره الأجانب" وسط مخاوف من الأزمة السكانية التي تواجه البلاد، إذ قال كيشيدا العام الماضي إن انخفاض معدل المواليد في اليابان هو "أكبر أزمة تواجهها اليابان".
ومن المتوقع أن ينخفض عدد سكان اليابان بنحو 30% ليصل إلى 87 مليون نسمة بحلول عام 2070، بعد أن سجلت البلاد رقما قياسيا منخفضا في عدد المواليد في عام 2023، حسب ما ذكرت رويترز.
ومنذ توليه منصبه عام 2021 حرص بايدن على تعزيز العلاقات مع حلفاء الولايات المتحدة في آسيا، خصوصا نيودلهي وطوكيو، وهو استضاف مودي ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا في البيت الأبيض.
وسعت الرئاسة الأمريكية، الخميس الماضي، إلى التقليل من وقع تعليقات الرئيس، وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي إن "حلفاءنا يعرفون جيدا مدى احترام الرئيس لهم وتقديره لصداقتهم ومساهماتهم".
فيما قدمت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارين جان بيير، توضيحا لبيان بايدن، مشيرة إلى أن الرئيس "كان يحاول" أن يقول إن الولايات المتحدة هي "أمة للمهاجرين".