الهوية وانتهاك الذاكرة يهيمنان على "بينالي القاهرة"
المتجول في القاعات الـ3 التي تحتضن أنشطة بينالي القاهرة يلاحظ أن موضوع الهوية يمثل قاسما مشتركا بين غالبية الأعمال المعروضة.
هيمنت أسئلة الهوية وسبل مواجهة الانتهاك المستمر للذاكرة على أغلب الأعمال المشاركة في بينالي القاهرة الـ13 المقام حالياً تحت رعاية وزارة الثقافة المصرية، والذي تستمر فعالياته حتى 10 أغسطس/آب المقبل.
ويلاحظ المتجول في القاعات الـ3 التي تحتضن أنشطة البينالي، الذي يشهد مشاركة 78 فناناً من 52 دولة، تحت شعار "نحو الشرق"، أن موضوع الهوية يمثل قاسماً مشتركاً بين غالبية الأعمال المعروضة، كما لا يزال موضوع الصراع العربي الإسرائيلي والتمسك بعروبة القدس هاجساً لدى كثير من الفنانين.
وفاز الفنان البلجيكي يورس فان دو مورتل بالجائزة الكبرى ”جائزة النيل“ للبينالي وقيمتها 250 ألف جنيه مصري (نحو 15 ألف دولار)، وذهبت الجوائز الـ5 الأخرى وقيمة كل منها 150 ألف جنيه (نحو 9 آلاف دولار) إلى العراقي صادق الفراجي والأردني أيمن يسري والنمساوية برجيت كوفانس والمصري أحمد البدري وكيم هيتشيون من كوريا الجنوبية.
وعن اختيار "نحو الشرق" يقول الفنان المصري إيهاب اللبان، قوميسير البينالي: "المطلوب في التعاطي مع موضوع الشرق أن نبتعد قليلاً عن الوجهة السياسية الضيقة، ونركز على الشرق الذي احتضن مجموعة من الحضارات لاستعادة الولع والشغف به من جديد".
وفي منحوتاته يراهن الفنان الإماراتي مطر بن لاجج، على إبراز الهوية العربية عبر اعتماده على الاستفادة من جماليات الحرف العربي وعناصره الزخرفية، ما يعطي لأعماله المتنوعة في خاماتها حضوراً وميزة كأحد الحلول الشاملة للتصميمات، ومن ناحية أخرى يضفي عليها سمة حركية وحيوية لخلق التوازن المثالي بين عين الناظر ومحيط الجسم متكاملاً، كما يشير إلى ذلك "كتالوج البينالي".
وتكاد الفنانة السعودية سارة العبدلي تسعى لتحقيق الهدف نفسه من خلال اللجوء لجماليات الحرف العربي واستعمال عناصره التجريدية في أعمالها.
وتشتغل الفنانة الجزائرية أمينة زبير على موضوع الهوية، انطلاقاً من البحث في الأرشيفات الموسيقية وذاكرتها البصرية التي ارتبطت بأصوات لمغنيين عرب وجزائريين وفرنسيين وأمازيغ.
وتواصل المصرية مروة عادل، وهي مصورة فوتوغرافية بارزة، لعبتها في التعامل مع الوجه الانثوي ولعبة الاخفاء والإظهار لهوية هذا الوجه باستعمال الخطوط والأشكال الهندسية، ما يبرز الوجه كمرآة لصراعات كثيرة.
ويمضي عمل الفنان المصري حازم المستكاوي في سياق البحث، لإجابة عما الذي تعنيه كلمة الهوية تماماً، ويراكم بهذا العمل فوق خبراته العميقة في العمل بخامات الكارتون.
وحسب الفنان عكس شطرنج الباوهاوس الذي يحاكي، بل يقترب أكثر من فلسفة لعبة "سينت" senet المصرية القديمة من حيث التلخيص والبساطة.
وتأسيساً على معادلة القوة وموازين الصراع يعمل الفنان الفلسطيني حازم حرب على العمارة كعلامة بصرية على الهيمنة والقوة، ليعكس كيف أثرت العمارة الاستيطانية المشكلة من هجين استعماري على تغيير الهوية المعمارية داخل فلسطين.
ويبرز عمل الفنان خوسيه أباسولو من تشيلي حسه التضامني مع القضية الفلسطينية، من خلال تشكيل قميص رياضي عليه عبارة "بنك فلسطين" ويتوسط خريطتي تشيلي وفلسطين.
ويشير عمل الفنان المصري رضا عبدالرحمن، لرغبته في مغادرة عوالمه القديمة التي استقرت علاماتها البصرية، ففي حين كانت لوحاته التصويرية في الماضي تعتمد على الموتيفات الفرعونية وطرق تمثلها يعمل هذه المرة بحس تجريدي على تأمل ما تحدثه "الكابلات الكهربائية" كأدوات للاتصال والتواصل عبر عمليات الانتقال المكاني، وتبدو الكابلات وكأنها الثابت الوحيد في عمليات الانتقال والتحول المكاني، وينظر لها الفنان كحامل لهويات كثيرة.
ويستعيد اللبناني أيمن البعلبكي، تأثيرات الحرب اللبنانية على الذاكرة والمعمار؛ حيث يرسم البنايات المهجورة التي تحولت لـ"ندب وجروح" في جسد بلاده.
وفي عمله الحائز على جائزة البينالي يتناول العراقي صادق الفراجي، اعتماداً على الكثافة التعبيرية للرسم والتركيز على أفكار ومفاهيم الوجود، وضعية العراق في اللحظة الراهنة.
ويركز عمل الفنان المصري أحمد البدري، الذي نال جائزة البينالي، على موضوع الشرق ولغته، في محاولة لاستكشاف لغة الشرق، من خلال دعوة مجموعة من الكتاب والفنانين المهتمين باللغة لاقتراح أسماء لأداة هجينة.
ويبرز عمل الفنانة النمساوية ريجيته كوفانس، الفائزة بجائزة البينالي، وعنوانه "متحدون في التنوع"، الإيمان بالتكنولوجيا الجديدة وانعكاس آثارها على المجتمع المعاصر وفرصها ومخاطرها؛ حيث تؤكد أن الضوء ليس عماد الحياة فحسب، بل أساس الاتصال ما بعد التناظري أيضاً.