أكثر «الجمعيات سرية» في العالم تختار زعيماً جديداً
تمر مجموعة بيلدربيرغ -منظمة سرية للنخبة العالمية- بتحول في قيادتها مع استعداد دونالد ترامب للعودة إلى البيت الأبيض.
وبحسب صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، اختارت المجموعة، التي تضم في عضويتها قادة في مجالات السياسة والصناعة والأكاديميين والعسكريين، الرئيس السابق لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ لترؤس "لجنتها التوجيهية".
تأسست مجموعة بيلدربيرغ في عام 1954، وقد أثارت اهتماما كبيرا بسبب اجتماعاتها السرية في الفنادق الفاخرة والمنتجعات الجبلية، حيث يجتمع المشاركون لمناقشة العلاقات الدولية والاقتصاد والأمن.
وتضم في عضويتها رؤساء وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) وMI6، وكان هنري كيسنجر عضواً دائماً إلى جانب شخصيات مثل بيل كلينتون، وبيل غيتس، والأمير تشارلز سابقاً (الملك تشارلز الثالث).
أما الآن فتشهد المجموعة تغييرات كبرى مع اختيار ستولتنبرغ، الذي حضر أول قمة له في بيلدربيرغ عام 2002، لخبرته في مجال الاستراتيجية عبر الأطلسي.
ويأتي ذلك في وقت يشهد عودة ترامب، الذي أثارت هجماته المتكررة على الناتو غضب أوروبا، مرة أخرى إلى المكتب البيضاوي. وقد كان الرئيس المنتخب واضحاً في أنه لن ينفق مليارات من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين لتمويل حروب الدول الأخرى.
تميزت فترة ولاية ستولتنبرغ في الناتو بالصراع بين روسيا وأوكرانيا، حيث قال بفخر إنه أشرف على "أكبر تعزيز لدفاعنا الجماعي في جيل كامل".
واستفاد العديد من زملائه في مجموعة بيلدربيرغ من هذه الزيادة في الإنفاق الدفاعي. من بينهم بيتر ثيل، حليف ترامب ورئيس شركة الذكاء الاصطناعي العملاقة بالانتير، التي استخدمت تقنيتها في أوكرانيا لمواجهة الجيش الروسي.
وحذر ستولتنبرغ الشهر الماضي من أن "خطاب حملة ترامب قد أثار مخاوف مشروعع بشأن التزامه بالأمن الأوروبي. لكن قائد بيلدربيرغ الجديد يمكن أن يطمئن لأنه إذا واجهت الأمور صعوبات فإنه يمتلك الآن خطاً مباشراً مع ترامب من خلال ثيل، الذي كان أحد أكبر الداعمين للرئيس المنتخب.
التكوين والنشأة:
تأسست مجموعة بيلدربيرغ عام 1952، غير أن بدايتها الحقيقية كانت في مايو/أيار 1954 بفندق بيلدربيرغ بمنطقة أوستركيب الهولندية، وحمل المؤتمر منذ ذلك الوقت اسم الفندق الذي شهد لقاءه الأول.
ينعقد المؤتمر سنويا وينظم مرة كل أربع سنوات في الولايات المتحدة أو كندا، وغير اسمه من مجموعة إلى مؤتمر بدءا من عام 1957، ويصنف كمنتدى نخبوي لتبادل الخبرات والمعلومات بين صناع القرار وأصحاب النفوذ الغربيين حول قضايا عالمية.
يشارك بمؤتمر بيلدربيرغ السنوي ما بين 130 و140 عضوا من أكثر من عشرين دولة يطلق عليهم "زبدة الزبدة"، ويمثل معظم هؤلاء الأعضاء دول أعضاء في حلف شمال الأطلسي (ناتو). وفي عام 1989 بدأ المؤتمر بدعوة شخصيات من خارج الحلف الدفاعي الغربي.
تمثل أوروبا بنسبة ثلثي الأعضاء في بيلدبيرغ والولايات المتحدة وكندا بنسبة الثلث الباقي، وينتمي ثلثا المشاركين بالمؤتمر إلى قطاعات السياسة والاقتصاد والإعلام والتعليم العالي والدفاع والأمن، بينما يمثل الثلث الآخر حكومات ومؤسسات سياسية.
العضوية فرصة للقيادة:
لا توجه دعوة الحضور كل عام إلى من يتربعون على قمة المجتمع فحسب، بل أيضا إلى من هم في طريق الصعود إلى القمة، فعندما حضر بيل كلينتون في عام 1991، لم يكن من الواضح آنذاك أنه سيفوز بترشيح الحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة في العام التالي، وبغض النظر أيضا عن أنه كان سيحل محل جورج دبليو بوش في البيت الأبيض.
وحضر توني بلير في عام 1993، ولم يكن بعد زعيما لحزب العمال البريطاني، وهو المنصب الذي تولاه في العام التالي، عقب وفاة جون سميث، ثم إنه انتخب بعد ذلك بثلاث سنوات رئيسا للوزراء.
وعلى الرغم من أن دعاة نظرية المؤامرة ربما يكونون شديدي التحامل في انتقاداتهم للمجموعة، فإن لديهم -كما يقول بروفيسور أندرو كاكابادسي، أحد مؤلفي كتاب (أفراد بيلديربيرغ)- وجهة نظر.
يرى كاكابادسي أن المجموعة تتمتع بسلطة حقيقية تتجاوز المنتدى الاقتصادي العالمي، الذي يجتمع في دافوس، ومع فقدان الشفافية فمن السهل أن نفهم قلق الناس من نفوذها.
وجدول أعمال الجماعة هو أن تجمع بين صفوة السياسيين من اليمين واليسار، وتجعلهم يختلطون في أجواء مريحة وفخمة مع كبار رجال الأعمال، وتفتح المجال للأفكار لتتوالد.
ويعزز طابع الغموض المصاحب لبيلدربيرغ وعدم مشاركة منظمات المجتمع المدني فيه أو السماح لوسائل الإعلام بتغطيته، وبقاء مقرراته طي الكتمان، من الاتهامات التي تتكرر وتتزايد سنويا.
ويعتمد المنتقدون على وصف الرئيس الكوبي السابق فيدل كاسترو للمؤتمر بحكومة العالم السرية، ويتهمون بيلدربيرغ بخدمة المصالح الاقتصادية للقوى الغربية الرئيسية، والسعي لإثارة الاضطرابات بين الطبقات لإبراز النخبة كمنقذ يتمكن من تمرير الرقابة والتسلط الحكومي في السياسية والاقتصاد.