طائفة البهرة في مصر.. ما لا تعرفه عن "أحفاد الفاطميين" (خاص)
منح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الإثنين، السلطان مفضل سيف الدين، سلطان البهرة، وشاح النيل.
وجاء ذلك تقديرًا لجهود سلطان البهرة المتواصلة في مصر على المستويات الثقافية والخيرية والمجتمعية، وخصوصًا دوره في ترميم وتجديد مقامات آل البيت وعدد من المساجد المصرية التاريخية، فضلًا عن الأنشطة الخيرية المتنوعة في مصر، بما يتكامل مع جهود الدولة المصرية لتحقيق التنمية، وحرصها على تطوير القاهرة التاريخية واستعادة وإبراز طابعها الحضاري الأصيل.
أصل البهرة
لمعرفة أصل البهرة ومنبت نشأتهم يجب العودة لأصل تأسيس الطوائف الإسماعيلية وانشقاقها عن الشيعة الإثنا عشرية.
يقول الدكتور عبدالحليم العزمي، الأمين العام للاتحاد العالمي للطرق الصوفية وصاحب "موسوعة سيرة أهل البيت"، إنه في وقت إمامة الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه (الإمام السادس عند الشيعة الإمامية والإمام المجدد الثاني عند الصوفية)، وقعت فتنة تتعلق بانبهار وانجذاب بعض الأتباع للسيد إسماعيل بن الإمام جعفر الصادق، وبعضهم رفعه لمرتبة الإمام.
ويضيف العزمي، في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"، أن الإمام الصادق تصدى لهذه الفتنة وحاول التأكيد على أنه لا يكون إمامان ناطقان في نفس الوقت، إلا أن أتباع إسماعيل لم يستجيبوا، وفي النهاية توفي إسماعيل في حياة والده، وتولى الإمامة بعده الإمام موسى الكاظم.
ويوضح العزمي أن أتباع إسماعيل لم يتقبلوا وفاته، فادعوا إمامته وانقسموا إلى قسمين: الإسماعيلية، وهم ينتظرون عودة إسماعيل في صورة المهدي، ويزعمون أن الإمام الصادق أعلن وفاة إسماعيل كخدعة للعباسيين كي يحميه من اضطهادهم، وزعم بعضهم أن إسماعيل حي، وقد خرج في البصرة وشاهده بعض الناس.
ويشير العزمي إلى أن القسم الآخر كان المباركية، وهي تنتسب إلى إسماعيل المبارك، وهؤلاء يعترفون بوفاته، وبايعوا ابنه محمد بن إسماعيل إمامًا لهم، وإليه يرجع نسب مؤسس الدولة الفاطمية، وإن كان البعض يرد هذا القول.
الانقسام الثاني للإسماعيلية
نمت قوة الطائفة الإسماعيلية حتى حكم أحفاد محمد بن إسماعيل شمال أفريقيا وأسسوا الدولة الفاطمية، لكن هذا الاستعلاء لم يدم طويلاً حيث أسقط صلاح الدين الأيوبي دولتهم، ففروا خارج مصر، وخلال الفرار انقسمت الطوائف الإسماعيلية إلى مستعلية ونزارية، وأسست كل منهما دولة، فقامت دولة الصليحيين في اليمن والتي تمثل الإسماعيلية المستعلية ودولة الصباحيين أو الحشاشين في ألموت وجنوب فارس والتي تمثل الإسماعيلية النزارية.
سبب هذا الانقسام أن المستنصر العبيدي (الإمام الثامن من أئمة الظهور عند الإسماعيلية) لما مات في ذي الحجة من عام ٤٨٧هـ أقام الأفضل ابن بدر أمير الجيوش ابنه المستعلي بالله بن المستنصر واسمه أبو القاسم أحمد للإمامة والحكم وخالفه في ذلك أخوه نزار بن المستنصر وبعد مناوشات بينهما فر إلى الإسكندرية ثم حاربه الأفضل حتى ظفر به فقتله ثم أمر الأفضل بمبايعة المستعلى وقال إنه الذي نص عليه الإمام المستنصر قبل وفاته بالخلافة من بعده.
تم تسمية المستعلية فيما بعد بالطيبية، لقولهم بإمامة الطيبة بن الآمر بن المستعلى، وزعمهم بإمامته وإمامة نسله المستورين من بعده كما يطلق على هذه الفرقة الإسماعيلية الغريبة وهؤلاء هم إسماعيلية مصر واليمن وبعض بلاد الشام تمييزا لهم عن الإسماعيلية الشرقية إسماعيلية بلاد فارس أصحاب الحسن الصباح.
تبنى هذه الفرقة وأبقاها الدولة الصليحية الذين حاولوا نشرها وبسطها في بلاد اليمن حتى انقرضت الدولة الصليحية عام ٥٦٣هـ ولم يقم أتباع هذه الفرقة بأي نشاط سياسي، واتجهوا للتجارة والاقتصاد، ونقلوا الدعوة إلى شبه القارة الهندية، وسموا أنفسهم بـ"البهرة" وهي تعني التاجر باللغة الهندية.
حفاظ على المبادئ
عندما اعتنق بعض الهندوس الدعوة الإسماعيلية الطيبية وكثر عددهم في الهند عرفت الدعوة باسم البهرة، ومن هناك انتشرت دعوتهم في بلاد الهند وباكستان وعدن كما يوجد عدد منهم في اليمن الشمالي في جبال حراز.
وتشتهر البهرة بالحفاظ الشديد على مبادئ مذهبهم وعقيدتهم وتقاليدهم التي ورثوها من قادتهم وزعمائهم، فهم يحافظون عليها محافظة تامة ولا يقبلون تبديلا لتلك التقاليد أو تطويرها، وعلى رأسها ملابسهم.
انقسام البهرة
في القرن العاشر الهجري انقسم البهرة إلى طائفتين تسمى إحداهما بالداودية والأخرى بالسيمانية ويرجع هذا الانقسام إلى الخلاف على من يتولى مرتبة الداعي المطلق للطائفة بعد داوود بن عجب شاه.
الفرقة الداودية تنتسب إلى الداعي السابع والعشرين من سلسلة دعاة الفرقة المستعلية الطيبية ويسمى بقطب شاه داوود برهان الدين المتوفى سنة ١٠٢١هـ وهم الأكثرية وهم بهرة كجرات ولذا أصبح مركز دعوتهم في الهند حيث يقيم داعيتهم المطلق الآن وهو مفضل سيف الدين في مدينة بومباي ويعتبر الداعي الثالث والخمسين من سلسلة الدعاة حيث بينه وبين الداعي الذي تنتسب إليه الداودية اثنان وعشرون داعيا.
أما الفرقة السليمانية فتنتسب إلى الداعي سليمان بن الحسن الذي أبى أتباعه الاعتراف بداوود بدعوى أن عجب شاه اختار سليمان وأعطاه وثيقة بذلك وتدعي جماعته أنها لا تزال عندهم تلك الوثيقة وتبعه شرذمة قليلة نسبوا إليه ويتواجدون في اليمن ورئيسها الحالي علي بن الحسن ومحل إقامته بنجران جنوبي السعودية وهذه الطائفة منتشرة في قبائل بني يام باليمن وبعض أفراده مقيمون في الهند وباكستان.
البهرة في مصر
يقدر أتباع طائفة البهرة حول العالم بمليون شخص غالبيتهم فى اليمن والهند، وأعداد تلك الطائفة فى مصر يُقدّرها البعض بـ10 آلاف شخص.
سمحت السلطات المصرية للبهرة منذ 40 عامًا بالتملك داخل مصر وإقامة فنادق خاصة بهم وترميم مساجد إسلامية تابعة لعصر الدولة الفاطمية مثل مسجد الحاكم بأمر الله بشارع المعز لدين الله الفاطمى.
يعتبر مذهب طائفة البهرة منغلق على نفسه وهو مذهب غير معلن ويرفض الدخول إليه حتى لا تنكشف أسرارهم، ودائما ما يتوافدون على مسجد الأقمر ولا يصلون الجمعة على اعتبار أن إمامهم غائب.
وتعمل طائفة البهرة على إحياء كل ما يتعلق بالفاطميين من قبور ومساجد، فهم يتبرعون بأموال طائلة لتشييد هذه المقامات والمساجد في مصر، لأنهم يجاهرون بأنهم من سلالة الفاطميين الذين حكموا مصر لثلاثة قرون.
aXA6IDE4LjIyNi45My4yMiA= جزيرة ام اند امز