اضطراب ثنائي القطب يداهم المشاهير.. علماء يكشفون السبب
اضطراب ثنائي القطب يتسم بتناوب بين مراحل هوس يكون خلالها المرضى في حال إثارة نفسية عالية ويشعرون بحماسة مفرطة.
أقر مغني الراب الأمريكي كانييه ويست على الملأ بأنه يعاني اضطراب ثنائي القطب، وأدلى بتصريحات تنم عن اضطرابات خلال اجتماع مرتبط بترشيحه للانتخابات الرئاسية في أمريكا.
ويعتبر ويست من بين عدد من مشاهير الفن والسياسة والأدب الذين داهمهم المرض. قد كشف ويست العام الماضي أن المرض يسبب له نوبات هذيان مرتبطة بحالات البارانويا (جنون الارتياب).
وأعلن ويست ترشحه للانتخابات الرئاسية الأمريكية المزمع إجراؤها في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وعقد، الأحد، أول تجمع انتخابي اتسم بتصريحات ملتبسة في مواضيع متعددة تشمل الأسلحة والإيمان والعبودية والإجهاض، وقد أجهش خلاله بالبكاء.
وقد تحدث كانييه ويست عن هذا الاضطراب بوصفه "قوة خارقة".
اضطراب ثنائي القطب
ويتسم اضطراب ثنائي القطب بتناوب بين مراحل هوس يكون خلالها المرضى في حال إثارة نفسية عالية ويشعرون بحماسة مفرطة كما يفكرون ويتحدثون بسرعة، ومراحل اكتئاب.
ويقول أستاذ طب النفس في جامعة هارفرد أندرو نيرنبرغ لوكالة الأنباء الفرنسية: "قد ينسون تقريبا كل عوامل الكبت لدرجة أنهم قد ينفقون على سبيل المثال كل مدخراتهم في يوم واحد. قد يقترفون أخطاء فادحة في الحكم لا يرتكبونها في العادة، على المستويات الجنسية والعلائقية والمهنية".
في المقابل، في مرحلة الاكتئاب، لا يجد الأشخاص المصابون باضطراب ثنائي القطب أي متعة في ممارسة أنشطتهم الاعتيادية ويكونون في حالة معاناة.
هذا المرض قد يطاول ما يصل إلى 3 % من السكان، ما يجعله أكثر انتشارا من الفصام، لكنه أقل تفشيا من حالات الاكتئاب.
ويوضح تيموتي ساليفان رئيس قسم الطب النفسي في مستشفى ستايتن أيلاند الجامعي أن المصابين باضطرابات ثنائية القطب يظهرون أعراضا مختلفة، إذ إن بعضهم يميلون إلى الاكتئاب أكثر من موجات الإثارة، فيما العكس صحيح مع آخرين.
وهذا يسفر جزئيا تأخر التشخيص الذي لا يحصل قبل مرور 6 سنوات أو أكثر من الإصابة في بعض الأحيان، خصوصا لدى الأشخاص الذين يعانون الاكتئاب.
عوامل خطر
وتقول الأخصائية النفسية في هارفرد وفي جامعة "بريجهام أند ويمنز هوسبيتال" كاثرين بورديك إن اضطراب ثنائي القطب هو "أحد الأمراض الذهنية الأكثر انتقالا بالوراثة".
وتشير إلى أن خطر إصابة أحدهم بهذا الاضطراب يراوح بين 10 % و20 % في حال تشخيص هذه الحالة لدى أحد والديه.
ويسعى الباحثون إلى تحديد الجينات المسؤولة عن هذا الاضطراب كما يحاولون فهم طريقة تأثيرها على الجزء المسؤول عن التحكم بالعواطف في الدماغ.
كذلك يهتم علماء آخرون بعوامل بيئية محتملة، إذ إن مرضى كثيرين لكن ليس جميعهم، "عاشوا صدمات في الطفولة وتعرضوا لانتهاكات وللإهمال"، بحسب كاثرين بورديك.
ويشكل إدمان المخدرات أحد عوامل الخطر أيضا.
علاجات
ويتألف العلاج التقليدي لهذا النوع من الاضطرابات من أدوية التحكم بالمزاج، وأفضلها يبقى الليثيوم المستخدم منذ أربعينات القرن الماضي.
وقد اهتم الخبراء أخيرا بالدور الذي يؤديه انقطاع الأشخاص عن اعتماد "الوتيرة الاجتماعية" التي اعتادوا عليها.
على سبيل المثال، يمكن لنفوق حيوان منزلي أن يسبب حلقة من اضطرابات الهوس والاكتئاب، غير أن العلماء لاحظوا أن حالة الحداد جراء فقدان كائن عزيز ليس العامل المؤثر الوحيد على المرضى.
ويقول تيموتي ساليفان "الأمر لا يقتصر على المعاناة النفسية الناجمة عن الفقدان، لكن الشخص المعني كان يقوم بنزهة مع الكلب ويمارس معه الرياضة كما أن الحيوان كان يستيقظ مع صاحبه باكرا ويوفر له تفاعلات اجتماعية".
كذلك قد تزيد الحساسية الزائدة لدى الأشخاص الذين يعانون اضطرابات ثنائية القطب إزاء التبدلات الاجتماعية من ضعفهم في مواجهة وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) وتدابير الحجر.
هذه حالة مريضة سابقة لدى ساليفان اتصلت به خلال الوباء بعد استقرار حالتها لعشر سنوات.
داء المشاهير
وتسجل نسبة كبيرة من الفنانين بين مجموع الأشخاص المصابين باضطرابات ثنائية القطب، وهو موضوع تطرق إليه كتاب "تاتشد ويذ فاير". وربما كان الرسام الشهير فنسنت فان جوخ يعاني المرض.
وأصاب المرض أيضا الكاتبة الشهيرة في القرن العشرين "فرجينيا وولف"، بالإضافة إلى "ونستون تشرشل" رئيس وزراء المملكة المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية، بالإضافة إلى بز ألدرن رائد الفضاء الأمريكي وغيرهم.
وعن سبب إصابة المشاهير بهذا المرض، يقول تيموتي ساليفان إن "الناس المبدعين يتميزون بطريقة خاصة جدا في التفكير، ما يعرضهم لتجارب عاطفية كثيفة".
ويضيف "من الممكن أن تحرك هذه الحساسية أنظمة التحكم الدماغية ما يجعلهم أكثر عرضة لاضطرابات في المزاج".
وينظر بعض المرضى إلى اضطراباتهم كنقطة قوة، رغم الكلفة الكبيرة التي قد تترتب على أقربائهم.
وقد سأل باحثون في إحدى التجارب أشخاصا مصابين بأمراض مختلفة ما إذا كانوا يرغبون في التخلص من مرضهم من خلال الضغط على زر، وفق كاثرين بورديك.
وجاءت النتيجة أن "المجموعة الوحيدة من المرضى الذين لم يضغطوا بأكثريتهم على الزر هي التي تضم أشخاصا مصابين باضطراب ثنائي القطب".
aXA6IDMuMTQ0LjMuMjM1IA== جزيرة ام اند امز