المولد النبوي في اليمن.. عيد "ليلة النور"
تتنوع طقوس الفرح من بلدة يمنية إلى أخرى، خلال الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف الذي يوافق يوم 12 ربيع الأول من كل عام هجري.
غير أن سكان البلدات التهامية (غربي اليمن) هم أكثر أهل اليمن تمسكا بهذه المناسبة الدينية، والتي كانت ذات يوم عادة متوارثة تذكرهم بالألفة والتسامح، حيث يمجدها الأهالي بعيد "ليلة النور".
وتعد ليلة النور فرصة للقاء كبار السن الذين يحتشدون في مجالس ليلة جماعية لتلاوة القرآن ومناقشة سيرة النبي محمد، فيما يحرص الأطفال والأمهات على زيارة الملاهي في صباح اليوم التالي.
وبالنسبة لمعتز عبدالرحمن، فإن يوم المولد النبوي هو إجازة يبتعد فيها عن أي أعمال في الساحل الغربي لليمن ويكون يوما مليئا بالأذكار والأناشيد والمدائح المحمدية والمقامات الدينية المتنوعة التي تسرد حياة النبي محمد ومعجزاته.
يقول عبدالرحمن لـ"العين الإخبارية": "تبدأ بهجة الناس في ذكر المولد النبوي في الصباح بإفطار جماعي فيما يستمر السكان حتى قرب وقت الظهيرة يرددون الأذكار والتواشيح".
حلوى المولد
وليس معتز وحده ممن يحتفل بذكرى المولد النبوي كل عام، بل إن الملايين من اليمنيين يعتبروها مناسبة لتحضير موائد الطعام الشهية وحلوى المولد والتي تعد من أبرز معالم بهجتهم بهذا الاحتفال.
ولا يتناول اليمنيون، طبقا لمعتز عبدالرحمن، وجبة غذاء كاملة في منتصف اليوم وتتجه ربات البيوت لتحضير "المائدة التهامية" كوجبة عشاء، لافتا إلى أن وجبة الغذاء عبارة عن خبز مهروس في المرق (ماء دسم أُغلي فيه اللحم).
ولا تختلف المائدة التهامية عن المائدة الرمضانية المكونة من الأرز الزربيان واللحوم والأسماك، والفطائر المحشوة باللحم المفروم والكبدة، لكن ما يميزها في ذكرى المولد حلوى "الخاجلة" التي تقدم فور انتهاء تناول العشاء ويجتمع حولها جميع أفراد العائلة.
والخاجلة، هي حلوى طيبة المذاق تعد من خلطة تحضر من الدقيق والنشا والسكر والسمن البلدي، ثم يضاف إليها القشطة واللوز المقلي بالزيت، ثم تغمس بماء وسكر مغلي، ويفضل تناولها ساخنة.
وتعد ذكرى المولد فرصة لجمع شمل الأسر اليمنية، ووفقا للمواطن اليمني، فإنه يحرص على زيارة كافة أقاربه مع أبنائه غير أنه هذا العام لم يكن بمقدوره فعل ذلك واضطر للاطمئنان عليهم هاتفيا، لتشرد الكثيرين إثر الحرب الذي فجرتها مليشيا الحوثي الإرهابية قبل 6 سنوات.
عادات دخيلة
يصف الناشط اليمني سهيل سمير العادات اليمنية في الاحتفال بالمولد النبوي بأنها سهلة وبسيطة ولا تتطلب الكثير من المشقة لدى الأسر وهي تحضر الحلوى وموائد الطعام غير أن طقوس جديدة طرأت مؤخرا حولتها إلى مناسبة سياسية بامتياز.
ولفت إلى أن الكثير من العائلات في شمال اليمن باتت تنبذ بشدة العادات الدخيلة والاستغلال الحوثي لذكرى المولد النبوي، عبر مضاعفة متطلبات الاحتفال.
وحسب سمير فإن مليشيا الحوثي تجبر الناس على إنفاق المبالغ طالائلة في تزين الشوارع ورش الطلاء الأخضر وطقوس دينية غريبة لم يعرفها أهل اليمن في كل مذاهبهم.
وقال في تصريح لـ"العين الإخبارية"، إن المناطق اليمنية لها طقوس مختلفة، فعلى سبيل المثال شرق اليمن كمحافظة حضرموت لا تقتصر احتفالات الناس على المقامات الدينية في المساجد، بل تمتد إلى الساحات العامة، حيث يقيم الناس الرقصات الشعبية والأهازيج وكلها تتغنى بالتسامح ورسول العالمين محمد بن عبدالله.
فيما تتسم بهجة مولد النبي في (غرب اليمن ) ببساطة أهالي تهامة الذين ينبذون إنفاق المال بل ويقيمون موائد طعام شهية أشهرها "المائدة التهامية" وحلوى الخاجلة ويتم دعوة الجيران وتكون مناسبة اجتماعية يعزز فيها الأهالي قيمة التسامح والألفة وقيم التعايش.
وطبقا للناشط اليمني، فإنه قبل أن يفرض الحوثيون على الناس دفع قيمة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف تحت عنوان "حق النبي" كان عدد كبير من أبناء الحديدة يحتفلون بالمولد كيوم عيد لا تقل أهميته عن عيد الفطر أو الأضحى؛ فالمحال التجارية تغلق أبوابها والأطفال يلبسون الجديد مع صيام يوم 11 ربيع وطهي اللحم في وجبة العشاء وتستمر المجالس إلى ساعات الفجر.