رسم خريطة الكون.. علماء يستعينون بـ"الثقوب السوداء"
الباحثون حددوا 587 ثقبا أسود فائق الكتلة مع وميضها الضوئي وصدى الأشعة تحت الحمراء المتوسطة، وهو أكبر مسح منفرد من نوعه
يمكن للعلماء بسهولة رسم خريطة للنجوم في الكوكبة الخاصة بها، ولكن معرفة أيها أقرب وأيها أبعد يصعب قياسه كثيرًا.
وتتمثل إحدى طرق تحديد المسافة إلى الأشياء في الفضاء في استخدام الشموع القياسية، وهي أجسام ذات سطوع جوهري معروف، ويقيس علماء الفلك الفرق بين مدى سطوع الجسم في الواقع، ومدى سطوعه لنا على بعد سنوات ضوئية، ويستخدمون هذا الاختلاف لحساب المسافة التي قطعها الضوء.
وتشمل هذه الشموع النجوم النابضة التي يرتبط سطوعها الداخلي بتوقيت نبضاتها، والمستعرات الأعظمية (السوبرنوفا) ذات نطاق ذروة السطوع المحدود.
والآن، أظهر علماء الفلك جدوى ما يبدو أنه الأداة الأكثر احتمالًا في الكون لهذه المهمة وهي الثقوب السوداء الهائلة أو على الأقل أصداؤها، ونشروا بحثا عن ذلك في العدد الأخير من مجلة "الفيزياء الفلكية".
وهناك ما يصل إلى مليار ثقب أسود ذي كتلة نجمية في مجرة درب التبانة، وتم تحديد عدد قليل فقط، وما زلنا لا نستطيع رؤيتها، ولكن إذا كانت نشطة، فإن المادة من حولها تضيء بشكل مشرق للغاية بالفعل، ويمكن استخدام الطريقة التي يتصرف بها الضوء في هذه البيئة المباشرة لحساب سطوعها الجوهري.
فالثقب الأسود فائق الكتلة النشط هو الذي يتغذى على المواد، ويمكن أن تكون كتلته أكبر من الشمس بملايين إلى عشرات المليارات من المرات.
وحول الثقب قرص من المواد يسحب بجاذبيته المواد إلى بالوعة الثقب، ويسمى قرص التراكم، ويوجد خارج قرص التراكم سحابة أكبر، وهي حلقة من الغبار على شكل كعكة دائرية تسمى الحلقة.
وبين الحين والآخر، تتوهج منطقة قرص التنامي بشكل ساطع بأطوال موجية بصرية وفوق بنفسجية يتردد صداها، وتمتص السحابة الضوء البصري والأشعة فوق البنفسجية، مما يؤدي إلى تسخين تلك الطاقة الحرارية وإصدارها كضوء متوسط تحت الأحمر.
ويمكن أن تكون أقراص التراكم ضخمة، وقد يستغرق الضوء سنوات حتى يصل إلى الحلقة ويعاد انبعاثه، ولكن نظرا لأن العلماء يعرفون سرعة الضوء يمكنهم استخدام الوقت بين التوهج والصدى لحساب المسافة بين الحافة الداخلية لقرص التراكم والحلقة.
والمعروف أن الحافة الداخلية لقرص التنامي ساخنة للغاية، ويزداد القرص برودة كلما تحركنا للخارج من الثقب الأسود، وعندما تنخفض درجة الحرارة إلى حوالي 1200 درجة مئوية (2200 درجة فهرنهايت)، يمكن أن تتشكل سحب الغبار.
لذلك فإن المسافة بين الحلقة والحافة الداخلية لقرص التراكم تتناسب طرديا مع درجة الحرارة، وإذا عرفنا المسافة يمكننا حساب درجة الحرارة، وبمجرد أن نعرف درجة الحرارة يمكننا حساب مقدار الضوء الذي تنبعث منه تلك المنطقة.
وخلال الدراسة قام فريق من علماء الفلك بقيادة تشيان يانج من جامعة إلينوي بمسح ما يقرب من عقدين من البيانات التي تم جمعها بواسطة التلسكوبات البصرية الأرضية للبحث عن صدى الضوء، ثم درسوا البيانات التي تم جمعها بين عامي 2010 و2019 بواسطة مستكشف مسح الأشعة تحت الحمراء، التابع لناسا، وحددوا 587 ثقبا أسود فائق الكتلة مع وميضها الضوئي وصدى الأشعة تحت الحمراء المتوسطة، وهو أكبر مسح منفرد من نوعه، يساعد في رسم خرائط للكون من خلال صدى الثقب الأسود.
aXA6IDE4LjE5MS42Mi42OCA=
جزيرة ام اند امز