"الرؤية العمياء".. آلية المكفوفين للإدراك
تلف منطقة القشرة البصرية لدى الأشخاص الذين يعانون من العمى، ينقل المعلومات إلى مناطق أخرى من النظام البصري بالمخ لا تزال سليمة.
قبل بضع سنوات أصيب رجل بجلطة جعلته أعمى تماماً وسار بعصا، وفي أحد الأيام وضعه بعض علماء النفس في ممر مليء بالعقبات مثل الصناديق والكراسي، وأخذوا عصا المشي الخاصة به وطلبوا منه أن يسير في الممر.
فوجئ العلماء بأن هذا الرجل كان قادراً على التنقل حول العقبات دون التعثر، وهي الحالة التي تسمى بـ"الرؤية العمياء"، وهي حالة نادرة للغاية، ووثق تفاصيلها الدكتور هنري تايلور، الباحث بجامعة برمينجهام البريطانية في مقال نشره موقع "ذا كونفرسيشن" الأحد.
وقال تايلور: "ينكر الأشخاص المصابون بالعمى باستمرار الوعي بالأشياء أمامهم، لكنهم قادرين على تحقيق نتائج مذهلة، مما يدل على أنهم إلى حد ما، يجب أن يكونوا قادرين على الرؤية".
وأشار إلى حالة أخرى، وضع فيها رجل كفيف أمام شاشة وأخبروه أن يخمن (من عدة خيارات) أي شيء كان على الشاشة، وأصر الرجل على أنه لم يكن يعرف ما هو موجود وأنه كان يخمن فقط، ومع ذلك كان يخمن بدقة تزيد عن 90%".
ويشرح تايلور الألية التي تمكن المكفوفين من "الرؤية العمياء" قائلاً: "ينتج العمى عن الأضرار التي لحقت بمنطقة من الدماغ تسمى القشرة البصرية الأولية، وهذه واحدة من المجالات المسؤولة عن الرؤية، ويمكن أن يؤدي تلف القشرة البصرية الأولية إلى العمى في بعض الأحيان كلياً، وأحياناً جزئياً".
وأضاف: "تتلقى العيون الضوء وتحوله إلى معلومات يتم تمريرها بعد ذلك إلى الدماغ، ثم تنتقل هذه المعلومات عبر سلسلة من المسارات عبر الدماغ لتنتهي في نهاية المطاف في القشرة البصرية الأولية، وبالنسبة للأشخاص الذين يعانون من العمى، فإن هذه المنطقة تالفة ولا يمكنها معالجة المعلومات بشكل صحيح".
وتابع تايلور: "لذا فإن المعلومات لا تصل أبدًا إلى الوعي، لكن المعلومات لا تزال تتم معالجتها من قبل مناطق أخرى من النظام البصري سليمة، مما يمكّن الأشخاص ذوي كف البصر من تنفيذ نوع المهام التي نراها في الحالتين اللتين أشرت إليهما".