حجب مواقع التواصل في العراق.. هل يقضي على الغش وتسريب الامتحانات؟ (خاص)
قبل أيام، أعلنت وزارة الاتصالات العراقية حجب مواقع التواصل الاجتماعي حتى 13 من فبراير/ شباط الجاري.
وأوضح عمر عبدالرازق، المتحدث الرسمي لوزارة الاتصالات، أن الحجب يتزامن مع الامتحانات التمهيدية للطلبة، حتى يوم 13 من الشهر الحالي باستثناء يوم الجمعة، مشيرًا إلى أن القرار يجري تطبيقه من الرابعة فجرًا حتى الساعة الـ12 ظهرًا.
نوه "عبدالرازق" بأن الحجب سيشمل مواقع التواصل الاجتماعي المتداولة لدى المجتمع العراقي، وهي "فيسبوك"، و"تليغرام"، و"واتساب"، و"إنستغرام"، مؤكدًا على أن هذا الإجراء جاء بناء على طلب وزارة التربية وموافقة الجهات العليا".
يأتي تطبيق هذا الإجراء بعدما سجلت وزارة التعليم العديد من حالات تسريب الأسئلة خلال دورات امتحانية سابقة، بشكل أثار جدلًا واستياء بين الأوساط العامة في العراق.
خلال السطور التالية، حاولت "العين الإخبارية" تقييم التجربة العراقية في مواجهة ظاهرتي تسريب الامتحانات والغش، حتى كشف متخصصون جوانبها الإيجابية والسلبية، وقدموا حلولًا إضافية تساهم في القضاء على هذه الأمور.
قرار مقبول.. ولكن
في هذا الصدد، قال إبراهيم عبدالحميد البري، الخبير التربوي، إن قطع وسائل التواصل أثناء الامتحان أمر يعود إلى السياسة التي تتخذها الدولة العراقية بما يتوافق مع مصالحها، معتبرًا أنها من حيث المبدأ "فكرة جيدة".
أضاف "البري"، لـ"العين الإخبارية"، أن تنفيذ القرار لا بد أن تسبقه دراسة جيدة، بخلاف مراعاة جوانب أخرى: "مواقع التواصل تحتاجها بنوك وخدمات تقدمها مؤسسات الدولة وإداراتها، إذًا لا بد أن يوفروا لها بديلًا في فترة حجب المواقع".
واعتبر الخبير أن هذا الإجراء قد تتحايل عليه الأطراف التي تعمل على تسريب الامتحانات، من خلال استخدام وسائل أخرى: "قد يتم التسريب لها قبل أيام من الاختبار، أو أن بعض ضعاف النفوس داخل العملية التعليمية يعملون على هذا الأمر".
من جانبه، أشار الدكتور حسام النحاس، الخبير التربوي والتعليمي، إلى أن عددًا من الصفحات والتطبيقات متخصصة في عمليات التسريب، التي من شأنها أن تحدث بلبلة أثناء سير عملية الامتحانات تحقيقًا لأغراض مالية، كما أنها وسيلة للنصب على الطلاب والأسر بتحصيل الأموال منهم.
ورأى "النحاس"، في تصريحه لـ"العين الأإخبارية"، أن قرار حجب مواقع التواصل الاجتماعي قد يقلل من ظاهرة التسريب ويخفف الضغوط على الوزارة وأولياء الأمور فيما يخص التلاعب بالطلاب، وقد يكون الجانب الإيجابي الآخر هو حماية الطلاب من الانشغال بهذه المواقع والتطبيقات التي يطلعون خلالها على الشائعات والتسريبات بخلاف تضييع وقتهم، وبالتالي التأثير سلبًا على مستواهم التحصيلي.
وأكد "النحاس" على أن صفحات وتطبيقات الغش لديها حيل وألاعيب مختلفة: "الفضاء الإلكتروني مليء بها ويمكنها الوصول إلى الطلاب خارج الإطار الرسمي".
فيما اعتبر الدكتور كمال مغيث، الباحث في المركز القومي للبحوث التربوية في مصر، أن هذه التجربة قابلة للنجاح أو الفشل، متسائلًا: "هل ستقدر الحكومة منع كل المواقع من الأساس؟ خاصة وأنه تتوقف عليها بعض الوظائف الحساسة والمهمة والتي من الصعب التصور أن تمنعها مثل المعاملات البنكية وشركات دولية".
ذكر "مغيث"، في تصريحه لـ"العين الإخبارية"، أن الأهم في هذه العملية هو التأكد من أن هذه الوسيلة ناجعة لمنع عملية التسريب، خاصةً وأن هذه الصفحات لديها قدرة على ممارسة مهامها رغم الحجب بحسب قوله.
أردف: "شخصيًا أوافق على هذا الإجراء مع ضرورة التشويش على المدارس والجامعات أثناء أداء الامتحانات، إضافةً إلى سحب الهواتف المحمولة من الطلاب قبل بدء الامتحانات".
حلول لمنع التسريب والغش
لمنع الغش، أوضح "البري" أن الحل يكمن في إعداد امتحانات الكتاب المفتوح "الأوبن بوك"، مبررًا: "هي تعد بمهارة وحرفية وتكون جميلة وتقضي على الحفظ وتتعامل مع الطالب الفاهم دون الاعتماد على الحفظ، وبها وسائل حديثة للتقويم، وهذا بخلاف الامتحانات الشفوية وتقديم الأبحاث".
ما سبق اتفق معه "مغيث"، قائلًا: "الحل هو إعداد امتحان لا يجدي فيه الغش، ويعتمد على التفكير والتحليل والإبداع، ولو الطالب تواجد داخل مكتبة واطلع على الكتب تكون فكرة الغش ملغية مقابل الاعتماد على قدرات الطالب الذاتية التي بُنيت خلال سنواته الماضية".
فيما رأى "النحاس" أن الحل الأنسب لمنع الغش وتسريب الامتحانات يتمثل في "تأمين الخوادم حماية وضع الامتحانات بدايةً من وضع الامتحان والطابعة خط سير الأسئلة حتى أماكن توزيعها للجان والمدارس المختلفة".
وتابع: "ثم تمتد عملية التأمين لبعض التطبيقات التي يمكن استخدامها في الحماية العملية برمتها، وبذل جهود لمنع الغش والاعتماد على برامج التشويش على شبكات المحمول والإنترنت لحظة انعقاد الامتحان".
عن الامتحانات التمهيدية
كانت وزارة التربية العراقية قد أعلنت الأسبوع الماضي انطلاق الامتحانات التمهيدية للمراحل الدراسية كافة للعام الدراسي 2022 – 2023، لأكثر من 200 ألف طالب وطالبة.
وسجلت العديد من حالات تسريب الأسئلة خلال دورات امتحانية سابقة، ما شكل مثار جدل واستياء بين الأوساط العامة في العراق.
وفي العام الماضي، وعقب تسريب أسئلة وزارية لمادة الرياضيات والإنجليزي للمرحلة المتوسطة، اضطرت وزارة التربية إلى إلغاء إجرائها وتأجيل موعدها لـ10 أيام عن موعدها المقرر.
والأسبوع الماضي، أعلن جهاز الأمن الوطني، الإطاحة بشبكة لتزوير وتبديل الدفاتر الامتحانية في العاصمة بغداد.
aXA6IDMuMTM2LjE5LjIwMyA= جزيرة ام اند امز