من التأسيس إلى الاندحار.. 15 عاما دموية لتنظيم داعش الإرهابي
محطات رئيسية في مسيرة دموية للتنظيم الإرهابي الذي مُني بالهزيمة في سوريا بما أنهى دولته المزعومة التي أعلن قيامها في عام 2013
كتبت قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي، والمكونة من مقاتلين أكراد وعرب في شرق سوريا، الفصل الأخير من قصة دموية دامت نحو 15 عاما أزهق خلالها تنظيم داعش الإرهابي أرواح الآلاف من الأبرياء ونشر الخراب والفوضى في عديد من الدول بالمنطقة والعالم.
وسيظل يوم السبت 23 مارس/آذار محطة مهمة وربما تكون الأخيرة في تاريخ التنظيم الإرهابي الذي مُني بالهزيمة النهائية في جيب "الباغوز" بشرق سوريا بما ينهي دولته المزعومة التي أعلنها التنظيم وامتدت في وقت من الأوقات على مساحة تصل إلى ثلث العراق وسوريا.
بداية وسط الفوضى
البداية كنت عام 2004 في فترة الفوضى التي تلت الغزو الأمريكي للعراق في 2003 مع تأسيس فصيل منشق عن تنظيم القاعدة بقيادة الأب الروحي للتنظيم أبو مصعب الزرقاوي.
وفي 2006 أعلن ما يسمى "مجلس شورى المجاهدين" وهو يضم القاعدة عن تأسيس "دولة سنية" سميت حينها بـ"الدولة الإسلامية في العراق".
ومع بداية الأزمة السورية في 2011، أرسل زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي الذي كان قائد تنظيم القاعدة في العراق آنذاك عناصر إلى سوريا لتأسيس جماعة تابعة له هناك؛ تمهيدا لإعلان الوحدة بين العراق وجبهة نصرة أهل الشام في سوريا تحت مسمى جديد.
وفي هذه الأثناء خاصة في 4 أكتوبر/تشرين الأول 2011، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أن البغدادي يعد إرهابيا عالميا، وأعلنت عن مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يُدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض عليه أو قتله.
أنهى "البغدادي" ارتباطه بشكل تام مع تنظيم القاعدة في 2013 وغير اسم التنظيم الذي عرف اختصارا بـ"داعش".
وجه قبيح للتنظيم
ويعد عام 2014 هو ذروة نشاط التنظيم الإرهابي، حيث استولى على الفلوجة في العراق والرقة في سوريا في مطلع العام، ثم استولى على الموصل وتكريت في يونيو/حزيران قبل أن يجتاح منطقة الحدود مع سوريا، ويعلن أبوبكر البغدادي في العام ذاته من فوق منبر مسجد النوري الكبير في الموصل قيام الدولة المزعومة في المناطق التي سيطر عليها التنظيم.
تمكن التنظيم من السيطرة على عديد من المدن ومواردها التي سخرها في جلب المزيد من الأسلحة والعتاد والأفراد أيضا، في وقت كانت تلك المدن تبحث عن بديل للدولة الغائبة بسبب النزاعات التي خلفت فراغا كبيرا استطاع التنظيم الإرهابي أن يستغله قبل أن يكشف عن وجهه القبيح ويقوم بذبح الآلاف من المدنيين الأبرياء ويمارس إرهابه في المدن الواقعة تحت سيطرته، وينشر مقاطع فيديو مصورة اتسمت بالعنف.
حلف عالمي
ومع تزايد مشاهد العنف والإبادة الجماعية التي أثارت مشاعر الملايين من البشر حول العالم شكلت الولايات المتحدة الأمريكية، في سبتمبر/أيلول، تحالفا للحرب ضد التنظيم الإرهابي بدأ بتنفيذ ضربات جوية لوقف زحفه وساعدت وحدات حماية الشعب الكردية السورية على إجباره على التقهقر من مدينة كوباني على الحدود مع تركيا.
وبين أغسطس/آب 2014 وأبريل/نيسان 2015، خسر تنظيم داعش بين 25% و30% من الأراضي التي يُسيطر عليها في العراق.
وعلى الرغم من ذلك أصدر البغدادي تسجيلا صوتيا أعلن فيه في 13 نوفمبر 2014 قبوله لمبايعات الولاء من مؤيديه في خمس دول ضمت ليبيا، وأعلن توسيع تنظيمه إلى تلك الدول، وإقامة ثلاث ولايات في ليبيا، برقة في الشرق، فزان بالجنوب، وطرابلس في الغرب.
وفي 11 أكتوبر/تشرين الأول 2015، وجهت طائرة تابعة للقوة الجوية العراقية ضربة لمكان في منطقة الكرابلة اجتمع فيه أبو بكر البغدادي مع قياداته، ويعتقد مقتل الكثير من الحماية الشخصية له وبعض من القيادات الكبار.
انتقام وحشي
الهجمات على التنظيم الإرهابي دفعته لتنفيذ عمليات وحشية في الخارج، حيث تبنى التنظيم في عام 2015 فقط 5 عمليات تفجير انتحارية لمساجد أثناء أداء صلاة الجمعة في كلٍ من مدينة الكويت والقطيف والدمام، كما نفذ عملية تفجير انتحارية في نقطة تفتيش في السعودية مستهدفا الشرطة السعودية، بالإضافة لقتل عشرات السائحين في أحد المنتجعات التونسية، وعشرات الهجمات في الولايات المتحدة وأوروبا، أبرزها على جريدة ساخرة ومتجر لبيع الأطعمة اليهودية الحلال في باريس.
وفي ليبيا قطع التنظيم الإرهابي رؤوس مصريين مسيحيين مختطفين في عملية بثها التنظيم في مقطع فيديو أظهر معاملة مشينة من عناصر التنظيم للأسرى.
كما شن التنظيم هجمات في سيناء المصرية في 2015 على مواقع عسكرية وأمنية في العريش باستخدام السيارات المفخخة وقذائف الهاون.
في مايو/أيار سيطر "داعش" على الرمادي في العراق ومدينة تدمر الأثرية في سوريا لكن زحفها بدأ في التقلص بنهاية العام في الدولتين.
انهيار واندحار
وتمكن العراق في 2016 من استعادة السيطرة على الفلوجة في يونيو/حزيران التي كانت أول مدينة يسيطر عليها التنظيم في بدايته، وفي أغسطس/آب تمكنت قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة التي تقودها وحدات حماية الشعب الكردية السورية من السيطرة على منبج في سوريا.
وفي 16 ديسمبر/كانون الأول 2016، زادت الولايات المتحدة المكافأة إلى 25 مليون دولار، لمن يُدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض على أبو بكر البغدادي أو قتله.
لكن تقدم المسلحين الأكراد ضد داعش في مناطق محاذية للحدود أقلق تركيا؛ ما دفعها لشن هجوم داخل سوريا ضد وحدات حماية الشعب واستمر العداء بين تركيا ووحدات حماية الشعب في تعقيد العمليات العسكرية ضد التنظيم الإرهابي وتأخر نجاحها.
مني التنظيم في 2017 بهزائم منكرة، بعدما خسر سيطرته على الموصل بالعراق في يونيو/حزيران في عملية شنتها القوات العراقية بعد أشهر من القتال الشرس، وأعلنت بغداد على إثر ذلك نهاية داعش في نسخته العراقية.
وفي سبتمبر/أيلول توجه الجيش السوري شرقا بدعم روسي نحو دير الزور لإعادة فرض سيطرة الدولة على منطقة الفرات، وفي أكتوبر/تشرين الأول تمكنت قوات سوريا الديمقراطية من طرد داعش من الرقة.
الحكومة السورية استعادت في 2018 السيطرة على جيوب داعش في اليرموك جنوبي دمشق وعلى الحدود مع هضبة الجولان المحتلة، في حين تواصل قوات سوريا الديمقراطية في هذا العام تقدمها بمحاذاة الفرات فيما تسيطر القوات العراقية على باقي المنطقة الحدودية.
وفي 23 مارس/آذار 2019 تعلن قوات سوريا الديمقراطية هزيمة مسلحي التنظيم المتشدد في آخر جيب على نهر الفرات في قرية الباغوز وزوال الدولة المزعومة بعد أشهر من المعارك الضارية مع فلول التنظيم الذين يرفضون الاستسلام.