بلومبرج: الأزمة المالية التركية صناعة محلية لن تمتد للأسواق الصاعدة
المؤسسات الاستثمارية العالمية الكبرى، أصبحت تتعامل مع تركيا بمعزل عن التعامل مع غيرها من الاقتصادات الصاعدة.
يوما بعد يوم تشير المقاييس الكمية، التي تظهرها المؤسسات الدولية عن اقتصاد تركيا، إلى تزايد انعزالها عن الأسواق الصاعدة الأخرى.
فقد توسعت تركيا في ضخ السيولة النقدية في نظامها المالي، وأنفقت احتياطياتها النقدية بوتيرة أسرع مما فعلت أي دولة صاعدة رئيسية، كما أن سعر الفائدة لديها أقل كثيرا من معدل التضخم.
والحقيقة أن أسباب هذه الإجراءات وانهيار الليرة التركية حاليا، هي محلية بدرجة كبيرة، وهو ما دفع المؤسسات الاستثمارية العالمية الكبرى، مثل سيتي جروب وفيدليتي إنترناشيونال إلى التعامع مع تركيا بمعزل عن التعامل مع غيرها من الاقتصادات الصاعدة.
- شرخ عميق بـ"عقارات" تركيا.. مشتريات الأجانب تهوي للثلث
- الليرة التركية تنهار و"المركزي" يلوح بخطوات تشديد نقدي
وترى وكالة بلومبرج للأنباء أن هذا الوضع يمثل أمرا إيجابيا بالنسبة لمستثمري الدول النامية، الذين يأملون في تجنب تكرار سيناريو 2018 عندما أدت أزمة انهيار العملة التركية إلى خروج واسع للمستثمرين الدوليين من أسواق الدول الصاعدة ككل، بما في ذلك جنوب أفريقيا والبرازيل والهند، مما سبب مصاعب مالية كبيرة في هذه الدول.
ويشير تحليل اقتصادي لنمو مستوى السيولة النقدية في 25 سوقا صاعدة إلى أن أغلب حكومات آسيا وشرق أوروبا أبقت على معدل نمو سيولة نقدية في حدود أقل من 10%، في حين كان المتوسط في الدول الـ25 قد بلغ 10.63%.
في المقابل، كان معدل نمو السيولة في تركيا سبعة أمثال هذا المتوسط. وفي المركز الثاني جاءت الأرجنتين ولكن بفارق كبير للغاية عن تركيا.
وعلى صعيد احتياطي النقد الأجنبي، تراجع هذا الاحتياطي لدى تركيا بوتيرة أسرع كثيرا من وتيرة تراجعه لدى الدول الصاعدة القليلة التي سجلت تراجعا. جاء هذا التراجع في تركيا نتيجة تدخل البنوك التركية التابعة للدولة في أسواق الصرف لوقف تراجع الليرة.
وبحسب بلومبرج، فإن أغلب الأسواق الصاعدة إما أنها حافظت على احتياطياتها النقدية وإما زادتها، رغم تراجع عائدات الصادرات نتيجة تراجع التجارة العالمية في ظل جائحة فيروس كورونا المستجد.
وفي محاولة من جانبه لدعم الليرة، تحرك البنك المركزي التركي لزيادة تكلفة الاقتراض، لكن دون رفع سعر الفائدة الرئيسية. في الوقت نفسه، فإن سعر الفائدة الحقيقي في تركيا عند مقارنته بمعدل التضخم، هو الأقل بين أسعار الفائدة الحقيقية في 23 اقتصادا صاعدا رئيسيا حول العالم.
ومع تزايد التباين بين المقاييس المالية لتركيا، وتلك السائدة في الأسواق الصاعدة الأخرى، بدأت مؤسسات الاستثمار وإدارة الأموال في العالم تتعامل مع تركيا باعتبارها حالة منفصلة.
يقول بول جرير المحلل الاقتصادي في مؤسسة الاستثمار وإدارة الأموال الموجود مقرها في لندن فيديلتي إنترناشيونال "نشعر بقلق متزايد من الضعف الشديد في صافي احتياطي النقد الأجنبي، وارتفاع معدلات الديون ونمو الاقتراض في تركيا، مع سياسة نقدية شديدة المرونة جعلت العائد على الاستثمار في أدوات الدين التركية غير جذاب. وأدى هذا إلى بعض المخاوف بشأن اتجاهات ميزان الحساب الجاري والتضخم في تركيا".
أما لويس كوستا ودوميترو فيكول وسارا فيلزاردو المحللون في مجموعة سيتي جروب المصرفية الأمريكية العملاقة فيقولون إن "أوضاع الاقتصاد الكلي لتركيا تختلف الآن بشدة عن الأسواق الصاعدة الأخرى، فيما يتعلق بعنصرين، هما التضخم وميزان الحساب الجاري. ونحن نتوقع نمو الاقتصاد التركي خلال العام المقبل بمعدل 5ر4% من إجمالي الناتج المحلي سنويا، لكن من غير المحتمل تحسن ميزان الحساب الجاري وميزان المدفوعات بصورة كبيرة".
وكانت وتيرة تخارج الاستثمارات الأجنبية في الأسهم التركية قد تزايدت خلال الأسبوع الماضي، في ظل تراجع المؤشر الرئيسي للبورصة وتراجع سعر صرف الليرة.
ووفقا لبيانات البنك المركزي التركي، التي جمعتها وكالة "بلومبرج" للأنباء، فقد وصل حجم تخارج التدفقات الأجنبية إلى 566.5 مليون دولار، مقابل متوسط تدفقات خارجية خلال 20 يوما فدره 191.3 مليون دولار.
aXA6IDMuMTQ1LjEwNi43IA== جزيرة ام اند امز