أجساد تتطاير ونيران بركانية.. ناج من "الصولبان" بعدن يصف المشهد لـ"العين"
الجندي حسين الكازمي، نجا من التفجير الإرهابي الذي استهدف معسكر الصولبان بعدن، ليحكي لبوابة العين تفاصيل المشهد كما عايشه
ذهب الجندي اليمني حسين الكازمي "23 عاما" برفقة أقرانه لاستلام رواتبهم المتأخرة من معسكر الصولبان بعدن، فعاد دون الراتب ودون عدد من أقرانه.
الكازمي، الذي قادته الصدفة للابتعاد عدة أمتار عن باب المعسكر، لينجو من التفجير الإرهابي الذي وقع عصر أمس السبت، يعيش لحظات تختلط فيها الفرحة مع الحزن، فهو سعيد لنجاته، لكن هذه السعادة لا تستمر طويلا مع تذكر أقرانه الذين لقوا حتفهم في التفجير.
ويحكي الكازمي ابن محافظة أبين الجنوبية لبوابة العين الإخبارية، تفاصيل هذا اليوم المرعب في حياته، قائلا: " شاركت مع رفاقي ومئات آخرين في المقاومة وانتظرنا ضمنا للجيش الوطني واستلام راتب نهاية كل شهر ضمن قوات الجيش، إلا أن الانتظار طال لأكثر من عام، حتى تواصلنا مع قيادة اللواء 111 مشاة ليؤكدوا لنا بأن عملية انضمامنا وتسلم رواتبنا ستتم في معسكر الصولبان بعدن".
كان الخبر مفرحا للكازمي، كونه جاء بعد عام ونصف من الانتظار، فتوجه إلى معسكر الصولبان منذ صباح أمس السبت, ويقول: "لم يسمح لي وأحد أصدقائي بالدخول إلى المعسكر، وطلبوا منا الانتظار لفترة، ما دعانا للجلوس أمام البوابة الرئيسية".
لم يستمر جلوس الشاب اليمني ابن محافظة أبين طويلا بجوار البوابة الرئيسة للمعسكر، ويضيف: "تعبنا من الجلوس أمام بوابة المعسكر, فابتعدنا قليلا ومكثنا بجوار محطة بيع المشتقات النفطية المجاورة للمعسكر، والتي تبعد قرابة 200 متر عن البوابة, وأخذنا نتبادل الحديث لنكسر ملل الانتظار الذي أيقنا بأنه سيطول, فمنذ وصولنا في الصباح لم يحدث أي جديد".
وتابع: "استمر الوضع كما هو عليه حتى وصلت الساعة لقرابة الرابعة والنصف بعد العصر، فسمعنا فجأة انفجارا عنيفا، وبدون شعور قمت بالركض بأقصى سرعة, لم أكن أدري إلى أي مكان كنت أفر، لكني كنت واحدا بين مئات تسبب الانفجار في إرهابهم".
ويصمت الكازمي للحظات يتذكر خلالها هذا المشهد المرعب، ويضيف: "رأيت حينها النيران ترتفع لأكثر من 10 أمتار، في مشهد قريب من البركان، كما رأيت أجسادا تتطاير في الهواء".
ويعاود الكازمي الصمت مجددا، وتترقرق الدموع في عينيه، قبل أن يقطع صمته بالقول: "كان أحد الجنود يركض بجانبي وفجأة لمحته يتوقف والدماء تغطي وجهه لقد أصابته شظية طائرة من الانفجار, إلا أني لم أتمكن من التوقف لمساعدته، فقد كان المشهد مروعا ولا مجال فيه للتفكير, أما من كانوا في بوابة المعسكر فقد تقطعت أجسادهم إلى أجزاء متناثرة".
ويضيف "ضمن الضحايا ثلاثة من أبناء قريتي.. وضعهم المعيشي صعب للغاية لم يكونوا يملكون حتى قيمة المواصلات التي تنقلهم من أبين إلى عدن وتكبدوا مشقة كبيرة في الحصول على المبلغ الذي يمكنهم من الوصول إلى عدن من أجل الحصول على راتب".
وتعاود الدموع الكازمي مجددا، وهو يقول واصفا شعور أهالي الشهداء: "كان أهلهم ينتظرون عودتهم وهم يحملون رواتبهم التي ستعين الأسرة لتوفير احتياجات العيش الكريم في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد, لكن هذا لم يحدث وأيادي الإرهاب جعلت زملائي يعودون إلى أهاليهم ليس بتحقيق أحلامهم وإنما جثث في الأكفان".
وأعلن تنظيم داعش الإرهابي مساء اليوم مسؤوليته عن التفجير الانتحاري الذي استهدف تجمعا للجنود في معسكر الصولبان بالقرب من مطار عدن الدولي، وراح ضحيته أكثر من 65 قتيلا وجريحا من الجنود.
وقال التنظيم -في حسابات تابعة له على تويتر"- إن انتحاريا من التنظيم يدعى أبوسعد العدني يحمل حزاما ناسفا فجر نفسه في تجمع لما وصفها بعناصر الجيش اليمني، الذي وصفه بـ"المرتد" أمام معسكر الصولبان في خور مكسر بمدينة عدن، ما أسفر عن سقوط 80 جنديا بين قتلى وجرحى, حسب بيان التنظيم مساء أمس.
وكان مصدر طبي أكد لبوابة العين ارتفاع حصيلة ضحايا التفجير الإرهابي إلى أكثر من 35 قتيلا و30 جريحا، عدد منهم في حالة خطرة.
وجاء التفجير الانتحاري بعد ساعات من زيارة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ورئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر إلى مطار عدن الدولي، بالقرب من موقع معسكر الصولبان، للاطلاع على التجهيزات الجارية لإعادة تأهيل المطار، وسير الحركة الملاحية فيه, تمهيداُ لإعلان افتتاحه رسمياً خلال الأيام القليلة المقبلة.
وشهدت مدينة عدن تفجيرات مماثلة خلال الأشهر الماضية، كان آخرها هجوم استهدف أحد مراكز التجنيد في مديرية المنصورة نهاية أغسطس/آب الماضي، راح ضحيته نحو 70 قتيلا وعشرات المصابين، أثناء تجمع العشرات في أحد مراكز التجنيد.
ويقع معسكر الصولبان الذي استهدفه تفجير أمس السبت، في مديرية خور معكسر شرق العاصمة المؤقتة عدن، وهو معسكر للقوات للخاصة -الأمن المركزي سابقا- ويعد أهم معسكرات المنطقة العسكرية الرابعة.
وتتخذ قوات لواء زايد من المعسكر مقرا لها، وتبلغ قوات اللواء قرابة 6 آلاف جندي، تلقوا تدريباتهم العسكرية في معسكرات التحالف العربي بإريتريا، إلا أن الجزء الأكبر من القوات ويتقدمها قائد اللواء الركن عبدالغني الصبيحي يتواجدون في جبهات باب المندب.
وتعد عملية أمس العملية الإرهابية الثالثة التي يتعرض لها المعسكر؛ حيث سبق وتعرض في 23 مايو/أيار الماضي لتفجير انتحاري سقط خلاله العشرات بين قتيل وجريح, ولحقها هجوم انتحاري في 6 يوليو استهدف بوابة المعسكر وخلف عددا كبيرا من الجنود بين قتيل وجريح.
aXA6IDE4LjExNy4xMDMuMTg1IA==
جزيرة ام اند امز