معركة فلوروس.. قصة أول منطاد تجسس في التاريخ
سحبت بالونات التجسس، خلال الساعات الماضية، البساط من الأقمار الصناعية، وسط محاولات واسعة لتتبع قصة ظهورها تاريخيا.
ويحتفظ الفرنسيون بموقع الصدارة كأول مستخدمين مسجلين لبالونات الاستطلاع أو منطاد التجسس، التي بدأت في معركة فلوروس ضد القوات النمساوية والهولندية في عام 1794، أثناء الحروب الثورية الفرنسية.
وتم استخدام مناطيد التجسس أيضاً في ستينيات القرن التاسع عشر، أثناء الحرب الأهلية الأمريكية عندما كان رجال الاتحاد يحلقون في بالونات الهواء الساخن، مزودين بمناظير جاهزة لمحاولة جمع معلومات حول النشاط الكونفيدرالي بعيدًا.
وبالفعل نجحوا حينها في إرسال إشارات عبر رمز مورس أو "قطعة ورق مربوطة بحجر"، وفقا لما نقلته صحيفة الجارديان عن جون بلاكسلاند أستاذ دراسات الأمن الدولي والاستخبارات في الجامعة الوطنية الأسترالية ومؤلف كتاب "كشف الأسرار".
ما هو منطاد التجسس؟
منطاد التجسس المعاصر هو قطعة من معدات التجسس، على سبيل المثال كاميرا معلقة تحت بالون يطفو فوق منطقة معينة، تحمله تيارات الرياح، وقد تشتمل المعدات المرفقة بالمناطيد على رادار وتعمل بالطاقة الشمسية.
وتعمل المناطيد عادة على ارتفاع من 24 ألف متر إلى 37 ألفا، وهي أعلى بكثير من حيث تطير الحركة الجوية التجارية؛ إذ لا تطير الطائرات أبدًا على ارتفاع يزيد على 12 ألف متر.
مناطيد التجسس والأقمار الصناعية
على مدى العقود القليلة الماضية، كانت الأقمار الصناعية ضرورية، باعتبارها الحل ولكن الآن بعد اختراع الليزر أو الأسلحة الحركية لاستهداف الأقمار الصناعية، بدأ الاهتمام مجددًا بالبالونات.
ويرى جون بلاكسلاند أنه رغم عدم تقديم مناطيد التجسس نفس المستوى من المراقبة المستمرة مثل الأقمار الصناعية، ولكنها أسهل في الاسترداد وأرخص بكثير في الإطلاق.
وأضاف: "لإرسال قمر صناعي إلى الفضاء، أنت بحاجة إلى قاذفة فضائية، فقطعة واحدة من المعدات تكلف عادة مئات الملايين من الدولارات".
ويمكن للبالونات أيضًا مسح المزيد من المناطق من ارتفاع منخفض وقضاء المزيد من الوقت فوق منطقة معينة لأنها تتحرك ببطء أكثر من الأقمار الصناعية، وفقًا لتقرير عام 2009 منسوب لكلية القيادة الجوية والأركان التابعة للقوات الجوية الأمريكية.
وأعادت الولايات المتحدة إحياء الفكرة في السنوات الأخيرة، لكنها تميل إلى استخدام البالونات على الأراضي الأمريكية فقط.
وهنا يقول بلاكسلاند: "في أجواء بلد آخر أنت مطالب بالحصول على إذن.. وإذا فعلت ذلك بدون إذن فتوقع أنه لن يتم استقبال الأمر بشكل جيد".
وفي بيان قصير الجمعة، قال البنتاغون: "لقد لوحظت حالات من هذا النوع من نشاط البالون سابقًا على مدى السنوات العديدة الماضية".
ما المتوقع مستقبلا؟
يعتقد أستاذ دراسات الأمن الدولي والاستخبارات في الجامعة الوطنية الأسترالية، أنه "لا يوجد حد لنوع التكنولوجيا التي يمكنك لصقها في الجزء السفلي من البالون".
لكنه مضى قائلا: "يتحدث الاستراتيجيون والناشطون العسكريون عن السيطرة على المناطق المرتفعة.. ونظرًا لأن الفضاء أصبح الآن مزدحمًا ومتنازعًا عليه، فقد تطور مجال الفضاء الفرعي أو الغلاف الجوي العلوي أداة وأهمية جديدة تمامًا للمراقبة الدولية والتجسس وهي المناطيد".
والجمعة، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، باتريك رايدر، إن الحكومة الأمريكية تتبع المنطاد الصيني منذ عدة أيام، في حين يحلق فوق شمال الولايات المتحدة، لافتا إلى أنه يحلق على مسافة أعلى من حركة الطيران التجاري، ولا يشكل تهديدا عسكريا أو ماديا على الناس على الأرض.
قبل أن تعلق الصين على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية بقولها إن المنطاد دخل المجال الجوي الأمريكي بالخطأ، لافتة إلى أنه "منطاد مدني يستخدم في الأغراض البحثية، لاسيما الأرصاد الجوية".