بالصور: عجلة للكتب تجوب شوارع القاهرة
عجلة لبيع الكتب، صممها اثنان من الأصدقاء، تلفت أنظار المارة وتجذب الصغار والكبار للقراءة.. ما قصتها؟
منذ شهر واحد، قررت هدير وصديقها محمد أن يضفيا إلى عملهما بهجة وجاذبية وسهولة، خاصة أنهما يعملان في مجال لا يشهد رواجاً كبيراً في مصر الآن مع غزو الإنترنت، صمم الصديقان عجلة متنقلة وقررا أن يبيعا من خلالها الكتب.
هدير منصور، فتاة تبلغ من العمر 27 عاماً، تخرجت من كلية التجارة في عام 2012 وبعدها عملت في إقامة معارض وفعاليات صغيرة لبيع الكتب بالمدارس والشركات المختلفة، ومع الوقت شعرت بأنها في حاجة إلى التغيير.
تقول هدير لـ"العين": "كنت أشعر بالتعب الشديد من حمل الكتب في صناديق كرتونية، كان الأمر صعباً، خاصة أنني لم أحب أن أطلب مساعدة الآخرين في حمل الكتب، وهذا ما جعلني أنجذب في البداية لفكرة طرحها على صديقي بتصميم "عجلة كتب"، وشعرت بأنها ستساعد كثيراً على نشر وتحبيب القراءة إلى الجميع".
بدأ الصديقان في تخيل رسم مبدئي للعجلة، أحبّا أن يمنحانها ألواناً كلاسيكية وجذابة في الوقت نفسه، لتتمكّن من لفت أنظار المارة من جميع الأعمار، أطفالاً وشباباً وكبار السن، كانا حريصين على عدم اختيار الألوان المثيرة التي تستخدمها عادة عربات الطعام الجاهزة، وحين انتهيا من تخيلهما ذهبا إلى أحد الحدادين ليصنعها، كان متعجباً من الفكرة ولكنه نفذها.
خلال شهر واحد، لمست هدير تغيرات في سلوك المارة تجاه الكتب عقب رؤية العجلة، لفت نظرها أن الكتب الظاهرة من شباك العجلة تجذب العيون إلى تفحص عناوينها فيقرر البعض أن يعود للتعرف على الكتب التي تبيعها، إضافة إلى ذلك أصبح البعض يقف ليلتقط صوراً مع العجلة المبهجة، أو ليتبادل معها أطراف الحديث حول اقتراحاتها لكتب مفيدة، وهو ما يجعلها سعيدة لأنها تقدم النصائح حول الكتب التي تحبها.
تضيف: "أحياناً يشتري البعض منا لتشجيع الفكرة، وأحياناً يأتي إلينا شباب لم يقرأوا من قبل وتشجعهم التجربة.. أشعر بالسعادة لأني حين أمنح شخصاً ما كتاباً فأنا أمنحه خلاصة تجربة إنسان غيره في الحياة، أؤمن فعلاً بأن حياة الإنسان قد تتغير بكتاب واحد".
يختار الصديقان نوعية الكتب التي يبيعانها من خلال خبرتهما بالأكثر طلباً وشعبية، كما ينتقيان الكتب الأعلى مبيعاً في المكتبات، أيضاً ينوعان بين الكتب العربية والإنجليزية والمترجمة ليكون لدى جمهورهما مجالاً واسعاً.
وحول الأماكن التي يتم اختيارها للمرور بالعجلة، تقول: "نحن نختار الأماكن التي لا يتوفر بها مكتبات لبيع الكتب، نمكث في كل منطقة نحو 10 أيام لنمنح أهلها فرصة للشراء، ولكننا نخطط للتوسع في المستقبل وصنع عدد من العجلات في مناطق مختلفة في القاهرة؛ لأنه من الصعب نقل العجلة عبر مناطق بعيدة".
تبيع هدير الكتب بأسعارها الثابتة التي تباع بها في المكتبات ودور النشر، إلا أن هامش ربحها البسيط تصنعه من نسبة الخصم التي تحصل عليها من دور النشر حين تشتري مجموعات كبيرة. تضيف: "حتى الآن المشروع يستطيع أن ينفق على نفسه، وأتمنى ألا نتعرض للخسارة حتى لا نواجه مشكلات استمراريته".
لم يقتصر دور الشابين على بيع الكتب، إنما يحبان أن يقدما نبذات عن مضمونها للمشترين، لأنهما يدركان وجود احتياجات مختلفة للكتب، إضافة إلى ذلك يفكران في صنع قسم لتبادل الكتب المستعملة دون الحصول على هامش ربح منها، حيث يتيحان حصول كل شخص على أكبر استفادة ممكنة.
يعمل الصديقان على العجلة منذ الصباح وحتى حلول المغرب، لأن تصميمها البسيط لا يوجد بها كهرباء تؤهلها للعمل ليلاً، إلا أنهما يتيحان خدمة "ديلفري الكتب"، ويقومان عن طريق أصدقائهما وأقاربهما بتوصيل الكتب لمن يطلبها في مناطق القاهرة المختلفة.
العمل على تلك الفكرة على بساطته لم يخلُ من مضايقات في الشوارع، وفقاً لما يقوله محمد "الذي رفض ذكر اسمه الثنائي" للعين. يضيف: "أطالب الحكومة بتقنين وضعنها أو السماح لنا باستصدار أي تصريحات تمكننا من العمل لأننا نتعرض لمضايقات الأمن، الذي يجبرنا على ترك مكاننا أحياناً لأنهما لا يحملان تصريحاً.. نحن نضطر إلى الإغلاق بعض الأوقات والبحث دائماً عن أماكن آمنة خوفاً من تلك المضايقات".