تنظيم بوكو حرام الإرهابي في غرب أفريقيا تشكّل منذ أوائل القرن الحادي والعشرين
خلال الأسابيع القليلة الماضية، تم الكشف عن وجود تغييرات كبيرة على مستوى الجماعات الإرهابية في غرب أفريقيا. وفي مالي مثلاً، رسمت جماعة ما يسمى بـ"نصرة الإسلام والمسلمين"، الموالية لتنظيم القاعدة، سنة 2017 خطا مُتخيّلا يعبر حدود مالي مع جارتيها بوركينا فاسو والنيجر للانفصال عن جماعة داعش في غرب أفريقيا.
وخلال حقبة البغدادي، زعيم تنظيم داعش، تم احترام ذلك الخط الفاصل، لكن منذ تولّي الزعيم الجديد للتنظيم، أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، تم تجاوزه باستمرار.
ومنذ يناير/كانون الثاني الماضي، تغلغلت داعش داخل الحدود المالية النيجيرية، بعد تنفيذ هجماتها في عمق 100 كيلومتر داخل منطقة نفوذ جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، الموالية للقاعدة.
أما على حدود بوركينا فاسو مع مالي، فقد كان التقدّم أكثر جرأة؛ إذ هاجمت داعش في عمق 200 كيلومتر، بل تم تجاوز ذلك في إحدى المرات ليصل إلى 300 كيلومتر داخل الأراضي التي تُسيطر عليها جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، قرب الحدود مع موريتانيا.
وإذا أضفنا لكل تلك الأحداث القتال الدائر بين تنظيمي القاعدة وداعش في مالي، يتّضح لنا أننا أمام حرب مفتوحة بين التنظيمين للسيطرة على الأراضي، خاصةً وسط مالي في اتجاه موريتانيا.
بدأ موسم الأمطار في أبريل وسيستمر حتى سبتمبر، وهو أمر لا يصُبّ في مصلحة الجماعات الإرهابية التي تعيش حالة من التدهور
وتتبَع جماعة داعش المذكورة أعلاه للتنظيم في غرب أفريقيا، وهو التنظيم الذي اعتاد الناس في نيجيريا تسميته بـ"بوكو حرام". وإذا كان فرع تنظيم داعش في مالي يعيش حاليا فترة قوة وازدهار، فإن الشيء نفسه لا يحدث مع رفاقهم الجنوبيين.
وعلى الرغم من أن اسم بوكو حرام يُستخدم للإشارة إلى فرع داعش في نيجيريا والنيجر وتشاد والكاميرون، إلّا أن معظم تلك الفروع مجرد انشقاقات من جماعة بوكو حرام التي تشكّلت في أوائل القرن الحادي والعشرين.
وتعيش كل تلك الجماعات الآن حالة غير مسبوقة من الضعف والتقهقر بسبب العملية التي أطلقتها تشاد تحت اسم "غضب بوما"، بالتنسيق مع فرقة العمل المشتركة المتعددة الجنسيات للدول المجاورة، والتي تعمل كل منها داخل أراضيها لتضييق الخناق على الإرهابيين ومنعهم من الفرار.
وبعد عملية تشاد، انشطر تنظيم داعش في غرب أفريقيا إلى خمس مجموعات:
1. تنظيم داعش في الصحراء الكبرى الذي ينشط في النيجر وبوركينا فاسو ومالي.
2. بوكو حرام، التي تُسمى الآن جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد بزعامة أبوبكر شيكاو. وبعد عملية تشاد فقدت الجماعة عددا كبيرا من مقاتليها، ولا يُستبعد انصهارها في إحدى الفصائل الأخرى.
3. مجموعة أمير أبا قانا الذي حلّ محل با إدريسا، نجل مؤسس بوكو حرام محمد يوسف. اغتيل با إدريسا في فبراير الماضي بعد نشوب خلافات حادّة حول قيادة الجماعة.
4. جماعة جديدة مستقلة بقيادة أمير باكو بورجوزو ومودو سولوم. يُعرف عن هذا الفصيل أنه يحوز على أسلحة ثقيلة.
5. مجموعة أخرى مستقلة يتزعمها أمير كنامي وزينامي. لدى هذه الجماعة أعداد كبيرة من المقاتلين الأجانب ذوي الخبرة، ويُعتقد أنها المسؤولة عن الهجوم الذي استهدف الجيش التشادي وأودى بحياة 98 جنديا في بوما.
الاستنتاجات:
بدأ موسم الأمطار في أبريل وسيستمر حتى سبتمبر، وهو أمر لا يصُبّ في مصلحة الجماعات الإرهابية التي تعيش حالة من التدهور.
إنه الوقت المناسب لتكثيف التنسيق بين جيوش تشاد والنيجر ونيجيريا والكاميرون لإضعاف تنظيم داعش في غرب أفريقيا أكثر. لن يحدث الشيء نفسه مع فرع التنظيم في غرب أفريقيا الذي ينشط في مالي، المعروف باسم داعش الصحراء الكبرى.
هذه الجماعة تُعزز صفوفها يوميا بالمجندين الجدد الذين من ضمنهم مقاتلون سابقون في القاعدة فضلوا الانضمام لتنظيم داعش في غرب أفريقيا.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة