اعتبر الخبراء النيجيريون أن عمليات الإعدام المزعومة لقادة فرع "الدولة الإسلامية" مبالغ فيها
بدأنا الأسبوع التاسع من عام 2020 بأخبار نشرتها بعض الوسائل تُفيد بمقتل ثلاثة من كبار قادة التنظيم النيجيري المتطرف، ولاية "الدولة الإسلامية" في غرب أفريقيا على أيدي مقاتليهم. ويتعلق الأمر بإدريس البرناوي، المُكنّى (با إدريس)، الذي كان يُعتبر زعيم تنظيم "الدولة الإسلامية" في نيجيريا، وعضوين آخرين هما، أبومريم وأبوزينب.
ووفقًا للمعلومات ذاتها، فقد تمّت تصفيتهم بعد اتهامهم بالليونة والتساهل مع العدو، بعد أن طالبوا بالتوقف عن "ملاحقة من يتولّى يوم الزحف من المقاتلين، والكفّ عن إعدام الجنود الأسرى".
وبعد هذا التغيير، تم الإعلان عن تسمية با شيماء، كوالٍ جديد على الولاية ولوان أبوبكر، كنائبٍ للوالي. وإذا تم تأكيد هذه الوقائع، فسوف تُمثّل نقطة تحولٍ أخرى في مسار الخلافات الداخلية التي قسّمت بوكو حرام إلى ثلاثة فصائل منذ نشأتها.
اعتبر الخبراء النيجيريون أن عمليات الإعدام المزعومة لقادة فرع "الدولة الإسلامية" مبالغ فيها، وأضافوا أنه من المرجّح أن يكون با إدريسا محتجَزاً في جزيرةٍ في بحيرة تشاد، تماماً كما فعلوا في السابق مع قائد التنظيم وشقيق الزعيم الحالي أبومصعب البرناوي
اضطر الخبراء النيجيريون للخروج عن الصمت وتوضيح تلك الوقائع، مُعتبرين أن عمليات الإعدام المزعومة لقادة فرع "الدولة الإسلامية" مبالغ فيها. وأضافوا أنه من المرجّح أن يكون با إدريسا محتجَزاً في جزيرةٍ في بحيرة تشاد تماماً كما فعلوا في السابق مع قائد التنظيم وشقيق الزعيم الحالي أبومصعب البرناوي، وهو بالمناسبة ابن مؤسس بوكو حرام يوسف. ويشغل أبومصعب البرناوي حالياً منصب رئيس ديوان الإعلام في فرع التنظيم بنيجيريا ويقدّم خدماته إلى فروع "الدولة الإسلامية" الأخرى في المنطقة.
إن السبب الحقيقي لإقالة با إدريس هو تساهله الكبير مع المقاتلين "الفارّين من المعارك" والذين يُكفّرهم التنظيم ويدعو إلى قتلهم وبعضهم يعيش في الشتات. هذا الموضوع الذي لم يكن با إدريس يوليه أهمية كافية من خلال تعامله معه على أنه انحراف أيديولوجي بسيط.
وبعد تنحية با إدريس من المرجح أن يكون قد عُيّن مكانه با شيماء، الذي يحظى بدعمٍ كبير لدى مركزية التنظيم، إذ يرون فيه القائد الذي يتمتع بالصفات المطلوبة لإبقاء التنظيم مُتحداً والتصدّي لأي اشنقاقات أو نزاعات داخلية على الزعامة.
إذا وضعنا جانباً الافتراضات السابقة، يبدو أن هناك معارضة وانشقاقات تعصف بفرع تنظيم "الدولة الإسلامية" في نيجيريا، وأحد الأسباب هو أن فرع تنظيم "الدولة الإسلامية" في الصحراء الكبرى قد اكتسب مكانةً بارزة على حساب الفرع النيجيري للتنظيم والذي يتزعمه با ادريسا.
في مارس الماضي، وفي خضم التغييرات على مستوى القيادة، كانت هناك هجرة لمقاتلي "الدولة الإسلامية" في ولاية غرب أفريقيا إلى تنظيم القاعدة في نيجيريا "أنصارو". وحتى وإن لم يدم ذلك التدفق طويلاً، لكنه تسبب في حدوث انزعاج داخل قادة "الدولة الإسلامية" في ولاية غرب أفريقيا الذين رأوا أن با إدريسا غير قادر على السيطرة على الوضع.
من بوكو حرام التي أسسها يوسف سنة 2002، انبثقت ثلاث جماعات هي: جماعة أنصار السنة (شيكاو)، وأنصارو (تنظيم القاعدة) والدولة الإسلامية في ولاية غرب أفريقيا. ولا يُستبعد أن تظهر مجموعة رابعة، ففي مالي مثلاً كانت هناك حالة مشابهة. أخذ الظواهري، الذي لا تخفى عليه نزعة الانشقاقات داخل الجماعات الجهادية، زمام المبادرة في عام 2017، وضمّ إلى جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" جزءا من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، والمرابطون التي يقودها بلمختار، وأنصار الدين التي يتزعمها إياد أغ غالي، وجبهة تحرير ماسينا بقيادة كوفا، بينما استثني من ذلك التحالف تنظيم "الدولة الإسلامية" في الصحراء الكبرى بزعامة الصحراوي. هذا الأخير فضّل الانضمام إلى "الدولة الإسلامية".
يبلغ إجمالي عدد سكان مالي 19 مليون نسمة، وبوركينا فاسو 20 مليون نسمة، والنيجر 21 مليون نسمة، ويصل إجمالي السكان في المنطقة إلى 60 مليون نسمة، بينما تنشط مجموعتان إرهابيتان فقط، في حين اختفت عملياً. أما ضمن نطاق نشاط تنظيم "الدولة الإسلامية" في ولاية غرب أفريقيا فيبلغ عدد سكان نيجيريا 200 مليون نسمة، وتشاد 15 مليون نسمة، والكاميرون 24 مليون نسمة، ليكون مجموع السكان 239 مليون نسمة، وهناك أيضاً ثلاث مجموعات إرهابية. لذلك، لا نستبعد حدوث انشقاقات في المستقبل المنظور في منطقة بحيرة تشاد تحت مظلة تنظيم "الدولة الإسلامية" دائماً.
وتختلف مصالح فرع "الدولة الإسلامية" في الصحراء الكبرى، التي تريد تثبيت نفسها في الصحراء والساحل، عن مصالح قادة فرع التنظيم في غرب أفريقيا، الذين يريدون السيطرة على محيط بحيرة تشاد الذي تقطنه جماعات عرقية مثل بودوما في جزر بحيرة تشاد، الهوسا في شمال نيجيريا وجنوب النيجر، بينما يريد البيول حرية التنقل مع مواشيهم للرعي في نحو 13 دولة أو المقاتلين الأجانب الذين يهدفون للتوسّع. يتفق الجميع على اتحادهم في الدفاع عن الدين، لكنهم يختلفون في الدفاع عن مصالحهم العرقية. لذلك، قد يكون من مصلحتهم تشكيل مجموعاتٍ متعددة تحت العلم نفسه.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة