مسعد بولس.. «قشة أمل» لبنانية بمدار ترامب
في ظل الغارات الإسرائيلية على لبنان، ومع حشد دونالد ترامب للصقور ضمن إدارته المقبلة، يعلق اللبنانيون آمالهم على رجل واحد هو مسعد بولس.
وبولس، قطب صناعة السيارات صاحب الأصول اللبنانية، تزوج ابنه مايكل من ابنة دونالد ترامب الصغرى تيفاني.
وقد أمضى معظم العام الماضي في حشد الدعم للرئيس المنتخب بين الأمريكيين من أصول عربية في ولاية ميشيغان المتأرجحة، والتي صوتت لصالح ترامب بسبب الغضب من أداء الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن في الشرق الأوسط.
وحاليا، يأمل الكثيرون في لبنان أن يستخدم بولس قوته في الإقناع للمساعدة في إنهاء الصراع الذي دمر البلد الصغير.
فبصفته أحد أقارب ترامب، سيكون هو الصوت اللبناني الوحيد الأقرب للرئيس المنتخب، وفقا لما ذكرته صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول لبناني قوله "من المؤكد أن حقيقة أنه لبناني، ويريد ما هو الأفضل للمصالح طويلة الأجل لبلاده، يمكن أن تكون إيجابية.. لكن علينا أن ننتظر ونرى".
وعادة ما يضع ترامب أفراد الأسرة والأصهار في مناصب رئيسية في حملته وبالبيت الأبيض، وقد يكون بولس أحدث الأقارب الذين تتم ترقيتهم إلى مدار ترامب السياسي.
وخلال الأيام العشرة الماضية، أشارت وسائل الإعلام اللبنانية بحماس إلى أن بولس سيتولى منصبا رسميا في إدارة ترامب كمبعوث إلى لبنان، وأنه سيساعد في التفاوض على وقف إطلاق النار، وهو ما نفاه الرجل مؤكدا في تصريحات لوكالة رويترز أن هذه التقارير "خاطئة تمامًا".
لا صفة رسمية
قال المسؤولون اللبنانيون إن بولس لم يكن على اتصال بالحكومة بصفة رسمية أو بتفويض من ترامب، لكنه التقى مؤخرا في واشنطن بوزير الاقتصاد اللبناني أمين سلام وكذلك زعيم حزب الكتائب المسيحي سامي الجميل.
ووفقًا لوزارة الاقتصاد، ناقش بولس وسلام "العديد من القضايا اللبنانية"، بما في ذلك مفاوضات وقف إطلاق النار الجارية.
ونُقل عن بولس قوله إن "ترامب ملتزم بتعهده بوقف إطلاق النار" في المنطقة، مؤكدا على الحاجة إلى "إقامة سلام دائم.. مصحوبًا بخطة اقتصادية وإطار عمل لمعالجة القضية الفلسطينية".
ونقلت "فايننشال تايمز" عن دبلوماسي عربي قوله إن بولس التقى أيضًا الرئيس محمود عباس على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي، لفتح قناة اتصال بين الرئيس الفلسطيني ومعسكر ترامب.
بمدار ترامب
دخل بولس مدار ترامب لأول مرة في عام 2019، عندما كان مايكل يواعد تيفاني الابنة الصغرى للرئيس الأمريكي آنذاك، والذي وجه له دعوة لحضور احتفالات عيد الميلاد في البيت الأبيض.
وينحدر بولس من عائلة مسيحية من كفر عكا في منطقة الكورة شمالي لبنان وانتقل إلى ولاية تكساس عندما كان مراهقًا للدراسة في جامعة هيوستن، حيث بدأ وقتها الانخراط في السياسة الجمهورية، وبعد تخرجه انضم إلى شركة عائلته للسيارات في نيجيريا.
وتعد عائلة بولس جزءا من سلسلة طويلة من العائلات اللبنانية المؤثرة التي لديها أعمال تجارية في نيجيريا، وعاش العديد منهم هناك حيث يتمتعون بالنفوذ والعلاقات مع كبار القادة السياسيين.
ترقى بولس ليصبح الرئيس التنفيذي لشركة العائلة "Scoa Motors Nigeria" التي تأسست عام 1926، كما يدير شركته "Boulos Enterprises" التي تحمل اسمه ومقرها نيجيريا وتتعامل في توزيع وتجميع الدراجات النارية والدراجات ثلاثية العجلات والدراجات البخارية.
وبشكل شبه كامل، يحتكر بولس السوق النيجيرية فهو المستورد والموزع الوحيد لمركبات "سوزوكي" اليابانية ودراجات "جينتشنغ" الصينية خاصة مع اعتماد النيجيريين على الدراجات وهو ما يمنحه وضعا مميزا في البلاد.
وإلى جانب شركاته في نيجيريا، يمتلك بولس أيضًا العديد من الشركات التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرًا لها.
أما زوجته آرا فضل بولس، فهي ابنة قطب لبناني آخر له أعماله في أفريقيا حيث يمتلك شركات تمتد في غرب ووسط القارة، وكذلك في أوروبا ولبنان، ولدى الزوجين 4 أبناء هم فارس ومايكل وأوريان وصوفي يشكلون معا أسرة متدينة.
ويتردد أن بولس اعتمد على الترويج للقيم العائلية التقليدية إلى جانب وعد ترامب بإنهاء الحرب في الشرق الأوسط لجذب الناخبين الأمريكيين من أصول عربية.
في لبنان
في مسقط رأسه بلبنان، لم تكن تحركات بولس السياسية مفاجئة خاصة مع النشاط السياسي طويل الأمد للعائلة، فوالده كان رئيس بلدية كفر عكا حتى وفاته في عام 2011، بينما كان عمه الأكبر نائبًا ووزيرًا، كما أن بولس نفسه حاول الترشح لمقعد برلماني في لبنان مرتين، دون جدوى.
وفي تصريحات لصحيفة "لوريان لو جور" اليومية اللبنانية، قال فيليب شقيق بولس إن "السياسة تجري في عروق مسعد".
ورغم تأكيد بولس على عدم انتمائه لأي حزب سياسي لبناني إلا أنه معروف بعلاقاته الوثيقة عبر الطبقة السياسية المسيحية في لبنان، بما في ذلك علاقته مع سليمان فرنجية، وهو سياسي مسيحي بارز ومرشح حزب الله المفضل لشغل منصب الرئاسة الشاغر.
وفي يونيو/حزيران الماضي، وصف بولس نفسه في مقابلة مع وكالة "أسوشيتد برس" بأنه صديق لفرنجية، زعيم تيار المردة اللبناني، الذي تربطه علاقات وثيقة بالرئيس السوري بشار الأسد.
وفي لبنان، تتزايد الآمال في أن يتمكن بولس من التأثير على إدارة ترامب التي تضم مؤيدين متحمسين لإسرائيل مثل بيت هيجسيث، المرشح لترامب لمنصب وزير الدفاع، وستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للشرق الأوسط.
ومنذ الانتخابات، تجمع الصحفيون في منزل والدة بولس في كفر عكا، لكن ماري تيريز بولس رفضت طلبات الصحفيين إجراء مقابلات.
ومع ذلك رحبت بهم، إلى جانب غيرهم من المهنئين، لتناول القهوة والحلويات العربية، حيث شكرتهم على الصلوات التي ساعدت في انتخاب ترامب.