«بريكس باي».. خطوة أكيدة على طريق إزالة الدولرة
في لحظة هامة للتحالف الاقتصادي، تم الكشف رسمياً عن نظام BRICS Pay، وذلك في منتدى أعمال BRICS الذي أقيم في موسكو.
وتلقى المشاركون نسخة تجريبية من بطاقة نظام الدفع الذي طال انتظاره، وهذه البطاقات هي أول ظهور رسمي للمشروع التاريخي. ووفقا لتقارير إعلامية روسية، فتلك البطاقات التجريبية تحتوي على 500 روبل يمكن استخدامها للدفع في ثلاثة مواقع في مركز التجارة العالمي بموسكو. وقد قدمت الأموال لإنفاقها من خلال النظام القائم على blockchain.
ووفقا لمراقبين، يسعى التكتل إلى العمل على إزالة الدولرة في محاولة لتقليل الاعتماد الدولي على العملات الغربية. ومع اقتراب القمة السنوية للكتلة المقررة بعد آيام، فإن الكشف عن نظام المدفوعات الخاص بمجموعة بريكس يُعد خطوة هائلة نحو هدف إزالة الدولرة.
نظام مدفوعات بريكس باي
BRICS Pay هو نظام مراسلة دفع مستقل لامركزي قيد التطوير من قبل الدول الأعضاء في البريكس، وهو مماثل لنظام SWIFT الأوروبي.
وكان BRICS Pay قيد التطوير لعدة سنوات. وبحسب تقارير إعلامية، بدأت دول البريكس منذ عام 2019 العمل على إنشاء نظام دفع موحد كجزء من منصة الدفع والتحويلات المالية بالتجزئة للدول الأعضاء.
وبعد عام، أشاد إعلان قمة البريكس الثانية عشرة في موسكو، الذي صدر في 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، بالعمل المستمر على التعاون بين أنظمة الدفع الوطنية، وخاصة إنشاء فريق عمل مدفوعات البريكس، وتطلع إلى مزيد من التقدم على هذا المسار، حسبما ذكرت وكالة أنباء "شينخوا".
وأشار الخبراء إلى أن نظام الدفع الجديد - BRICS Pay - يظهر في وقت تسعى فيه الدول، وخاصة النامية، إلى حماية سيادتها الاقتصادية بشكل أفضل مع السعي إلى توسيع التعاون.
وقال سونغ وي، أستاذ في كلية العلاقات الدولية والدبلوماسية بجامعة الدراسات الأجنبية في بكين، لصحيفة "غلوبال تايمز" أمس الأربعاء: "بصفتنا مجموعة من دول الأسواق الناشئة، فإن أهمية إطلاق مثل هذا النظام للدفع بالنسبة للبريكس واضحة... إنه يحمل آثارًا عملية لحماية السيادة الاقتصادية للدول النامية وتوسيع التعاون الاقتصادي والتجاري".
وقال سونغ إن نظام الدفع الجديد هذا يمكن أن يعمق التعاون الاقتصادي بين دول البريكس، ويعزز شراكات التجارة والاستثمار، مما يسمح لهذه الدول باستخدام نفوذها الاقتصادي لدفع الانتعاش الاقتصادي العالمي.
وعلاوة على ذلك، قد يعمل نظام التسوية هذا كمشروع تجريبي للتعاون المتعدد الأطراف، بما في ذلك مبادرة الحزام والطريق، كما قال سونغ.
وقال سونغ إنه مع استمرار مبادرة الحزام والطريق في تبني التنمية عالية الجودة، والتركيز على تعميق التعاون الاقتصادي، سيكون هناك توقع لإيجاد حاجة لاستكشاف طرق لتسهيل تسويات الاستثمار المتعلقة بالتجارة.
اتجاه نزع الدولرة
ووفقا لتقرير نشرته صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية، يعتبر خبراء صينيون إن اتجاه نزع الدولرة تسارع على مدى السنوات الأخيرة، مدفوعًا بفرض الولايات المتحدة عقوباتها المالية، مما أدى إلى عدم قدرة بعض الدول على التسوية بالدولار ودفعها إلى البحث عن أنظمة دفع بديلة، مشيرين إلى سبب رئيسي آخر لوجود طريقة بديلة للدفع بدلاً من الدولار.
وقال الخبراء إن الولايات المتحدة أساءت لفترة طويلة استخدام هيمنتها على الدولار، وتحويل الأزمات المحلية وحصد الثروة العالمية من خلال الإضرار بالاستقرار الاقتصادي والمالي ورفاهية الدول الأخرى.
وقال وانغ بينغ، زميل باحث مشارك في أكاديمية بكين للعلوم الاجتماعية، لصحيفة "غلوبال تايمز" إن إنشاء نظام الدفع لمجموعة بريكس يشكل تحديًا كبيرًا لهيمنة الدولار الأمريكي.
وأشار وانغ إلى أن "الدولار الأمريكي حافظ لفترة طويلة على دور مهيمن في النظام المالي الدولي، مما جعل العديد من البلدان عرضة لمخاطر سعر الصرف والضغوط الاقتصادية ... سيساعد نظام الدفع لمجموعة بريكس في تقليل الاعتماد على الدولار وتقديم بدائل دفع أكثر استقلالية وأمانًا للدول الأعضاء".
وقال الخبراء إن هناك حاجة إلى مشهد تنافسي متنوع في تسوية التجارة والاستثمار والاحتياطيات لتحقيق توازن أفضل بين مصالح جميع الأطراف، مشيرين إلى أن هذا من شأنه أيضا أن يعزز شكلا جديدا من التعاون بين البلدان على مختلف المستويات ومراحل التنمية، بهدف خلق نظام نقدي دولي أكثر شمولا وتوازنا.
قمة هذا العام
هذا العام هو العام الأول بعد توسع مجموعة بريكس، وستعقد أول قمة بعد التوسع في قازان، روسيا، من 22 إلى 24 أكتوبر/تشرين الأول. وبالتزامن مع القمة، لفت نظام الدفع الجديد BRICS Pay الانتباه، مسلطًا الضوء على تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين دول بريكس.
ودعت روسيا، التي ترأس مجموعة بريكس هذا العام، شركاءها إلى إنشاء بديل لصندوق النقد الدولي لمواجهة الضغوط السياسية من الدول الغربية.
وقال وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف، الذي يستضيف الاجتماع، إن النظام المالي العالمي تسيطر عليه الدول الغربية وأن المجموعة، التي تمثل 37% من الاقتصاد العالمي، بحاجة إلى إنشاء بديل، وفقًا لـ"رويترز".
وفي وقت سابق، صرح سيلوانوف، إن "البنية التحتية الجديدة للدفع عبر الحدود ستعتمد على التقنيات المتقدمة وستمكن من معاملات التجارة الخارجية الأسرع والأرخص والتي لا تخضع لتدخل خارجي".