بريكس وممر "الاستقطاب".. مخاض عالم متعدد الأقطاب؟
تحولات جيوسياسية متسارعة في النظام العالمي تطوق الدول الفاعلة عالميا، وتصيغ مستقبل التكتلات، خاصة تكتل بريكس الذي يجذب الأنظار.
وغدا الثلاثاء، تنطلق قمة بريكس في جنوب أفريقيا، في سياق من الانقسامات على الساحة الدوليّة تُغذّيها الحرب في أوكرانيا، ودعوات لتحقيق توازن اقتصادي وسياسي في عالم متعدد الأقطاب.
وفي هذا الإطار، أعلن رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامابوزا، الأحد أنّ بلاده "لن تنجرّ إلى منافسة بين القوى العالميّة" في وقت تستضيف قادة دول مجموعة بريكس، في قمّة تُعقد في سياق من الانقسامات على الساحة الدوليّة تُغذّيها الحرب في أوكرانيا".
وقال رامابوزا في خطاب متلفز موجّه إلى الأمّة "لن ننجرّ إلى منافسة بين القوى العالميّة. بلدنا ملتزم سياسة عدم الانحياز".
نظام أكثر توازنا
ومنذ بدء الحرب في أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، ترفض دولة جنوب أفريقيا، إدانة موسكو، قائلة إنّها تُفضّل تغليب لغة الحوار، في موقف قوبِل بإدانات دوليّة.
وأضاف رامابوزا "لقد قاومنا الضغوط الهادفة إلى جعلنا ننحاز إلى أيّ من القوى العالميّة أو إلى أيّ من كُتل الدول المؤثّرة".
وشدّد رامابوزا على أنّه في "عالم يزداد تعقيدا وانقساما بسبب الاستقطاب المتزايد في المعسكرات المتنافسة"، تُفكّر مجموعة بريكس في الترحيب بأعضاء جدد لتوسيع نفوذها.
وأكّد أنّ "جنوب أفريقيا تؤيّد توسيع تشكيلة مجموعة بريكس" لتضمّ دولًا "تتشارك الرغبة في أن يكون هناك نظام عالمي أكثر توازنا".
يأتي هذا الموقف عشية افتتاح القمّة الـ15 لدول البريكس الخمس في جوهانسبرغ (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا). ويُطالب هذا التكتّل المنتج لربع ثروة العالم، بتوازن اقتصادي وسياسي عالمي متعدّد الأقطاب.
ويحضر القمّة رئيسا البرازيل والصين، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا وشي جين بينغ، بينما تتمثّل الهند برئيس وزرائها ناريندرا مودي، على أن يُمثّل روسيا وزير خارجيّتها سيرغي لافروف.
وسيُشارك عبر الفيديو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، المطلوب بموجب مذكّرة توقيف من المحكمة الجنائيّة الدوليّة.
سجال التوسع
إلى ذلك، دعا رئيس جنوب أفريقيا، أكثر من 60 قائدا ورئيسا للحكومة إلى قمة بريكس في جوهانسبرغ، وسط تزايد طلبات الانضمام إلى التكتل.
لكن حدث سجال في الفترة الماضية بين نيودلهي وبكين على توسع التكتل. وقالت مصادر مطلعة لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية، إن التوترات تتصاعد حول ما إذا كان ينبغي أن يكون بريكس ناديًا للمصالح الاقتصادية للبلدان النامية، أو قوة سياسية تتحدى الغرب علانية.
وقال أحد المسؤولين الصينيين، الذي رفض الكشف عن هويته: "إذا قمنا بتوسيع بريكس لحساب جزء مماثل من الناتج المحلي الإجمالي العالمي كـG7، فإن صوتنا الجماعي في العالم سيزداد قوة".
فيما اعتبر ناليدي باندور، وزير الخارجية في جنوب أفريقيا، في وقت سابق، أنه من الخطأ للغاية "رؤية توسع محتمل للبريكس كخطوة معادية للغرب".
ومع ذلك، من المحتمل أن تنظر العواصم الغربية إلى إضافة محتملة لدول مثل إيران وبيلاروسيا وفنزويلا، إلى التكتل، بمثابة احتضان لحلفاء روسيا والصين.
وبحسب موقع "مودرن دبلوماسي"، فإن قمة بريكس المنتظرة في جنوب أفريقيا تحمل وعدًا بتغيرات جيوسياسية كبيرة في العالم، إذ تمثل مبادرة إطلاق عملة مشتركة بين دول المجموعة خطوة جريئة لتحدي الهيمنة القديمة للدولار الأمريكي.
لكن الموقع ذكر أيضا، أنه لا يوجد إجماع داخل المجموعة على تطويرها إلى تكتل منافس للغرب سياسيا واقتصاديا، بل إن الهند على سبيل المثال تتمسك بموقف رافض لهذا التحول، وتطالب بأن تكون المنظمة ناديا للدول النامية.
ووفق مراقبين، فإنه رغم عدم وجود خط واضح متفق عليه داخل مجموعة بريكس، فإن القمة المنتظرة في جنوب أفريقيا وما تلاقيه من ترحيب بين العديد من دول العالم الفاعلة، والرغبة المتزايدة في الالتحاق بالمجموعة، تؤشر على نتائج سياسية محتملة على النظام السياسي العالمي في الفترة المقبلة، وسط رغبة من أطراف عدة في التحول لنظام متعدد الأقطاب.