شهدت أبوظبي خلال الأيام الماضية انطلاقة استثنائية للدورة الأولى من قمة «بريدج 2025»، الحدث الإعلامي العالمي الذي ينظمه المكتب الوطني للإعلام في دولة الإمارات، ليقدم للعالم رؤية جديدة حول مستقبل الإعلام وصناعة المحتوى والابتكار.
وجاءت القمة كمنصة تجمع خبراء الإعلام وقادة الفكر والمبتكرين وصنّاع القرار، في لحظة دولية تتزايد فيها الحاجة إلى منظومات إعلامية أكثر نزاهة وابتكاراً وقدرة على مواكبة التحولات التكنولوجية الهائلة.
منذ اللحظة الأولى، عكست القمة فلسفتها الإنسانية الواضحة من مقولة الشيخ عبدالله بن محمد بن بطي آل حامد، رئيس تحالف “بريدج : «لا قيمة لتقنية لا تخدم الإنسان، ولا معنى لابتكار لا يستند إلى أخلاق». ولذا، لم تكن الفعاليات مجرد عروض تقنية أو نقاشات نخبوية، بل كانت فضاءً يعيد وصل ما انقطع بين الحكومات والمؤسسات الإعلامية وشركات التكنولوجيا وصناع المحتوى، في محاولة لبناء جسور جديدة تعيد للإعلام دوره المركزي في تشكيل الوعي وصون الحقيقة.
وتزامناً مع هذا التوجه، تحولت أروقة مركز أبوظبي الوطني للمعارض «أدنيك» إلى مساحة نابضة بالحوار والعمل، حيث جمعت القمة أكثر من 60 ألف مشارك وقرابة 400 متحدث عالمي من 45 دولة، من أبرز القامات الإعلامية ورواد المحتوى والفنون وخبراء التقنية والسياسات.
وعلى مدى ثلاثة أيام، شهدت أبوظبي أكثر من 300 فعالية وجلسة، توزعت على سبعة مسارات رئيسية تشمل الإعلام، وصناعة المحتوى، والفنون والموسيقى، والألعاب الإلكترونية، والتقنية، والتسويق، وصناعة الأفلام، ليجد كل مشارك فيها ما يلائم اهتماماته وطموحه.
ولعل أكثر ما لفت الانتباه في المناقشات هو تركيز القمة على مستقبل نزاهة المعلومات في عالم تعاد صياغته بسرعة هائلة بفعل الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية المتقدمة. فمع تنامي المحتوى المفبرك، وتزايد التلاعب عبر المنصات المغلقة، وتراجع الثقة بالمؤسسات، قدّمت "بريدج" مساحة لحوارات جادة تبحث عن حلول عملية تحمي صدقية المعلومة وتضمن مستقبلا أكثر شفافية وعدلا في المجال الإعلامي.
وتأتي استضافة الإمارات لهذا الحدث العالمي كخيار طبيعي لدولة تحولت إلى مركز رائد يجمع المواهب الإعلامية والإبداعية من مختلف أنحاء العالم. فالإمارات، بما تمتلكه من بنية تحتية متقدمة ورؤية ثقافية منفتحة وسياسات داعمة للابتكار، أثبتت مجددا قدرتها على أن تكون منصة عالمية للأفكار الكبرى والمشاريع التي تُعيد رسم مستقبل القطاعات الحيوية.
وهكذا، لا يمكن النظر إلى قمة «بريدج 2025» كفعالية عابرة، بل كرسالة واضحة مفادها أن المستقبل يبدأ من هنا، من أبوظبي، حيث تتلاقى العقول وتتشكل الشراكات ويتجدد الدور الحضاري للإعلام في خدمة الإنسان وتعزيز ثقافة المعرفة. إنها قمة رسّخت أن الإعلام الحقيقي ليس ضجيجاً ولا أدوات متفرقة، بل جسور تمتد بين الإنسان والمستقبل.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة