انتخابات بريطانيا.. هل تحسم "بريكست" أم تعيده للواجهة؟
انتخابات تأتي وسط حالة ارتباك يصعب التنبؤ بنتائجها في ظل آخر سباق أُجري خلال أعياد الميلاد عام 1923.
انتخابات عامة مبكرة تستعد بريطانيا لإجرائها في الـ12 من الشهر المقبل، في اقتراع يفجر استفهامات حول ما إن كان سيحسم ملف خروج المملكة من الاتحاد الأوروبي "بريكست"، أم سيعيده للواجهة من جديد.
استحقاق انتخابي يأتي في سياق مرتبك يجعل من الصعب استشراف نتائجه، خصوصا أن آخر انتخابات أجرتها المملكة في شهر ديسمبر/كانون الأول، أي خلال أعياد الميلاد، كانت عام 1923، وخسرها مرشح حزب العمال رامزي ماكدونالد أمام المحافظين بزعامة ستانلي بالدوين.
وبما أن المضي نحو انتخابات مبكرة كان الحل الوحيد المتبقي أمام رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، إلا أن ما يشغل المحللين حاليا هو المنحى الذي أعطاه "بريكست" لهذا الاقتراع الاستثنائي، والذي سيجعله يبدو وكأنه استفتاء جديد على خروج البلاد من تكتل القارة العجوز.
بين الحسم والإعادة
عقب تصويت مجلس العموم البريطاني، الأسبوع الماضي، لصالح إجراء انتخابات مبكرة، اعتبر جونسون، في كلمة توجه بها لنواب حزب المحافظين الذي يقوده، أنه "حان الوقت لتوحيد البلاد، وإنجاز الخروج من الاتحاد الأوروبي.
ويأمل جونسون بالفوز بأغلبية تمنحه حق تنفيذ اتفاق "بريكست" الذي كان قد أبرمه مع بروكسل في قمة عقدت في 19 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
في المقابل، يسعى منافسه رئيس حزب العمّال جيريمي كوربين إلى تشكيل حكومة اشتراكية وإجراء استفتاء ثانٍ على الخروج من الاتحاد الأوروبي، في خطوة يجزم بأنها ستسفر في حال إجرائها على رفض بالإجماع من قبل البريطانيين على الخروج من الاتحاد، نظرا للمأزق الراهن جراء "بريكست".
والأسبوع الماضي، وافق 438 نائباً بريطانياً على طلب جونسون إجراء انتخابات مبكرة قبل نهاية 2019، مقابل معارضة 20 نائباً في قرار برلماني جاء قبل يومين فقط من حلول الموعد الثالث لمغادرة المملكة التكتل الأوروبي، المقرر نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لكن حتى الموعد الأخير تم إرجاؤه إلى يناير/كانون الثاني المقبل، بطلب من لندن.
تحليلات الخبراء تجمع تقريبا على أن الانتخابات البريطانية ستكون مرآة عاكسة لاستياء الناخبين من مأزق "بريكست"، ومن الحزبين المحافظين والعمال، ما يدعم سيناريو عدم تحقيق أي حزب فوزا حاسما.
وفي حال تحقق هذا الطرح، سيظل مصير الخروج معلقا مجددا، وسط خيارات تتراوح بين انفصال بدون اتفاق، أو التوجه نحو إجراء استفتاء ثان يلغي الخروج برمته، ويؤيد البقاء بالاتحاد الأوروبي.
استطلاعات رأي وتقارير إعلامية أظهرت أن إجراء الانتخابات في موعد قريب جدا من عطلة عيد الميلاد سيثير حتما قلق الناخبين في وقت يحاول فيه البريطانيون الحصول على "هدنة" من التركيز على أزمة بريكست، والاهتمام باحتفالات أعياد نهاية السنة.
يضاف إلى ذلك الطقس البارد وقلة عدد ساعات النهار، ما يتوقع أن يعرقل إقبال الناخبين، والحملات الانتخابية قبل ذلك.
القضية الأهم؟
إحداثيات الوضع في المملكة المتحدة هذه الأيام تشي بأن "بريكست" بات القضية الأهم بالنسبة للناخبين، ما يعني بأن هذا الملف سيكون له دور حاسم في تشكيل اتجاهات التصويت أكثر مما كان عليه الحال قبل عامين، ومن ثمة تحديد ملامح المشهد السياسي المقبل بالبلاد، وعلاقة الأخيرة بأوروبا.
ووفق استطلاع رأي أجرته شركة "يو غوف" البريطانية لسبر الآراء، قال 78% ممن صوتوا لصالح الخروج من الاتحاد، إنهم يخططون للتصويت لصالح حزب "بريكست" أي حزب المحافظين.
في المقابل، يدعم 81% من أنصار البقاء في الاتحاد الأوروبي دعاة استفتاء جديد، بينهم حزب العمال.
أما الأحزاب، فتركز بدورها بشكل كبير على موضوع بريكست، من منطلق إدراكها بأنه سيكون محددا رئيسيا في تصويت الناخبين، وهذا ما يفسر التعديل الذي شاب مواقفها من الملف مقارنة بـ2017.
فحزب العمال على سبيل المثال كان من المؤيدين لخروج "أكثر ليونة" من التكتل الأوروبي، لكنه لم يطالب حينها بإجراء استفتاء ثان مثلما ينادي به الآن، في تغير لم يشمله فقط وإنما شاب مختلف البرامج الحزبية في علاقة بالخروج من التكتل.
aXA6IDE4LjExNy4xNTguMTI0IA== جزيرة ام اند امز