بريطانيا تقر بـ"جحيم الروس".. كيف تنسحب أوكرانيا من باخموت؟
قالت المخابرات العسكرية البريطانية، إن القوات الأوكرانية التي تدافع عن مدينة باخموت تواجه ضغطا كبيرا متزايدا من القوات الروسية.
يأتي ذلك بالتزامن مع احتدام القتال داخل مدينة باخموت الواقعة شرقي أوكرانيا وحولها، بعد طي الحرب عامها الأول نهاية الشهر الماضي.
وذكرت وزارة الدفاع البريطانية في النشرة المخابراتية اليومية على "تويتر"، أن أوكرانيا تعزز دفاعاتها في المنطقة وتدفع بوحدات من النخبة، بينما تقدمت قوات الجيش الروسي وتلك التابعة لمجموعة "فاغنر" في الضواحي الشمالية لمدينة باخموت.
وأضافت أن جسرين رئيسيين في باخموت دمرا خلال الساعات الست والثلاثين الأخيرة، مشيرة إلى أن طرق الإمداد التي تسيطر عليها أوكرانيا خارج المدينة محدودة.
وقصفت روسيا آخر طرق للإمدادات خارج باخموت أمس الجمعة، بهدف حصار المدينة بالكامل ومساعدة موسكو في تحقيق أول انتصار كبير لها في الحرب منذ نصف العام.
وأعلن قائد مجموعة فاغنر الروسية شبه العسكرية، أمس الجمعة، أن مدينة باخموت حيث تتركز حالياً المعارك في شرق أوكرانيا باتت "محاصرة عمليا" من قواته، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وأوضح يفغيني بريغوجين في فيديو نشره مكتبه الإعلامي على تطبيق "تليغرام" الروسي أن "وحدات فاغنر حاصرت باخموت عمليا، ولم يعد هناك سوى طريق واحد" للخروج من المدينة.
أوضاع صعبة
ومع تواصل المعارك في المدينة، قالت صحيفة الغارديان البريطانية إن عشرات المتطوعين، يخاطرون بحياتهم داخل المدينة، لإسعاف المدنيين وتجميع جثث الضحايا، بل تحدث عدد منهم عن "أوضاع صعبة" خلال الأيام الأخيرة.
وتشهد المدينة المحاصرة بشكل شبه كامل، إطلاق نار كثيف من الجانبين، واندلاع حرائق ووقوع انفجارات قوية منذ أيام، فيما يصف عدد من المتطوعين ما يجري بـ"الجحيم".
وخلال الأيام الأخيرة، ورغم زيادة التعزيزات الأوكرانية في المنطقة، كافحت قوات كييف لصد التقدم الروسي إلى شمال وجنوب المدينة.
لكن طرق الإمداد الأوكرانية تعرضت باستمرار لنيران كثيفة من المدفعية الروسية والصواريخ الموجهة المضادة للدبابات.
انسحاب متوقع
وفي هذا الإطار، قال ألكسندر رودنيانسكي، المستشار الاقتصادي للرئيس فولوديمير زيلينسكي، في وقت سابق: "لقد سيطروا على المدينة حتى الآن، ولكن إذا لزم الأمر، فسوف تنسحب قواتنا استراتيجيا"، مضيفا: "قواتنا تزن كل الخيارات ولن نضحي بكل أفراد شعبنا من أجل لا شيء".
وتابع رودنيانسكي، أن روسيا استخدمت أفضل قوات مجموعة فاغنر لمحاولة تطويق المدينة.
الخبير البارز في الشؤون العسكرية، مايك رايان الذي تظهر تحليلاته عن الحرب بأوكرانيا في كبرى وسائل الإعلام العالمية، كتب على "تويتر": "اندلعت معركة باخموت في أغسطس/آب 2022. وقد تدفع الموارد البشرية والمادية الهائلة التي أنفقها الروس على هذا الهدف، باتجاه انسحاب أوكراني في وقت قريب".
وهناك توقعات في الأوساط السياسية داخل أوكرانيا، وأوساط الخبراء الغربيين، بأن أوكرانيا ستنسحب قريبا من المدينة، تاركة إياها للروس، لكن السؤال الأهم الآن: كيف يحدث هذا الانسحاب؟ خاصة مع محاصرة القوات الروسية للمدينة بشكل شبه كامل.
كيف يحدث الانسحاب؟
ونظريا، يتم تصميم عمليات الانسحاب، التي تعتبر "عملية تراجع" في عقيدة الجيش الأمريكي، للسماح للقوة المقاتلة بفك الارتباط مع الخصم في نقطة ما، وإعادة الانتشار في مهمة جديدة أو إلى موقع جديد، مع تقليل الخسائر إلى أدنى حد.
ووفق مايك رايان، فإن الانسحاب الأوكراني المتوقع يشمل متى وكيف يتم إخلاء المخزونات اللوجستية والمقار وعناصر الاستطلاع والقوات القتالية البرية، مضيفا أن عملية الانسحاب تعتمد على "أين وبأي قوة يضغط الخصم على القوة التي تنفذ الانسحاب".
وتابع: "بالنسبة للأوكرانيين، من المحتمل أن بعضًا من هذا قد تم بالفعل. لكن الأوكرانيين سيحتاجون إلى قوات كافية في الموقع مع القدرة على الحركة بمرونة لمنع حدوث ضربة قوية من الخصم تكلفهم خسارة قوات كبيرة"، وفق ما تابعته "العين الإخبارية".
هنا، يلفت رايان النظر إلى نقطة حيوية للغاية، ويقول "الخداع أمر حيوي في عملية الانسحاب. لكن الحقيقة هي أنه من الصعب إخفاء نية الانسحاب على الروس"، قبل أن يستطرد: "لكن يمكن تحقيق بعض الخداع من خلال زيادة الدعم النيراني من المدفعية في أثناء الانسحاب، والشراك الخداعية، والتظاهر بالقيام بأنشطة اعتيادية، وانضباط الاتصالات".
نقطة أخرى مهمة في الانسحاب الأوكراني المتوقع، هي "تعطيل قدرة الروس على التدخل في الانسحاب"، وفق الخبير ذاته، الذي أوضح "لذلك، من المتوقع زيادة نشاط الدفاع الجوي الأوكراني وقت الانسحاب، وعمليات التشويش والقصف المدفعي".
ومضى قائلا: "ثم يأتي عامل القيادة والسيطرة؛ الأمر لا يتعلق فقط بمن هو المسؤول عن قيادة الانسحاب، بل يتعلق بالتحكم في الانسحاب المنظم وفق تسلسل مخطط له".
ماذا يعني السقوط؟
وحول سقوط المدينة المتوقع، نقلت صحيفة الغارديان عن محللين أن هذا السقوط "سيكون بمثابة ضربة لأوكرانيا وانتصارا دعائيا للكرملين"، لكنهم قالوا إن الاستيلاء على المدينة "لن يقدم ميزة استراتيجية حقيقية لروسيا".
ومن شأن النصر في باخموت، التي بلغ تعدادها السكاني قبل الحرب نحو 70 ألف نسمة، أن يمنح روسيا أول تقدم كبير في هجوم شتوي مكلف، بعد أن استدعت مئات الآلاف من قوات الاحتياط العام الماضي.
وتقول روسيا إن باخموت ستكون نقطة انطلاق نحو الاستيلاء على منطقة دونباس المحيطة، وهو من أهم أهداف الحرب.
aXA6IDE4LjExNi44NS4yMDQg جزيرة ام اند امز