بريطانيا تحل لغز سلالة كورونا الجديدة.. خطأ في التلقيح
بعد أشهر من تفشي سلالة جديدة من فيروس كورونا في المملكة المتحدة، نجحت السلطات الصحية في حل اللغز ومعرفة أسباب الطفرات الحديثة ومخاطرها.
وعانت بريطانيا منذ سبتمبر/أيلول من طفرة جينية طرأت على فيروس "كوفيد-19" أطلق عليها الباحثون مسمى "E484K"، وصنفت سلالة جديدة ظهرت أيضا في جنوب أفريقيا والبرازيل مع بعض التعديلات، ثم انتلقت من هذه الدول إلى ما لا يقل عن 120 دولة أخرى بمختلف القارات.
أرجعت وكالة الصحة العامة في المملكة المتحدة (PHE)، في تقرير أصدرته مطلع فبراير/شباط، ظهور سّلالة جديدة لفيروس كورونا في البلاد إلى أخطاء ارتكبتها السلطات الصحية.
واتهم التقرير سياسة المملكة المتحدة في تطعيم المواطنين بالوقوف غير الإرادي وراء إنتاج طفرات جديدة.
أخطاء التطعيم
وكالة الصحة العامة قالت في تقريرها إن مختصين راقبوا السلالة الجديدة بشكل خاص (E484K"، كونها تجمع بين طفرة (N501Y) المعروفة باسم "المتغير الإنجليزي" الأكثر عدوى، وطفرة (484K) الأكثر تغيرا.
وتحدث التقرير عن طفرة (484K)، موضحا أنه "يبدو أن لها تأثيرا على فعالية اللقاح، والتي من شأنها أن تقلل فعاليته جزئيًا".
وعثر العلماء على الطفرة الفيروسية (E484K) في كل من البديل الجنوب أفريقي (B1351) والمتغير البرازيلي (P1) ، لكنهم لم يعثروا عليها في متغير المملكة المتحدة سوى لدى 11 حالة فقط.
قال عالم الأحياء كلود ألكسندر غوستاف، إن "المملكة المتحدة ارتكبت خطأ عندما باشرت التلقيح على نطاق واسع بينما كان الوباء نشطًا للغاية، فيما أخّرت الجرعة الثانية من اللقاح إلى 12 أسبوعا".
ونجحت السلطات الصحية في المملكة المتحدة في تلقيح نحو 10 ملايين شخص خلال شهرين تقريبا.
ولوحظ انتشار الفيروس خلال أسبوعين متتاليين وتسجيل أكثر من 50 ألف حالة يوميًا، لكن التطعيم بالجرعة الثانية تأخر وبالتالي لم تحقق عملية التلقيح العام النتائج المرجوة منها.
وشرح "غوستاف"، في تصريح لموقع "ياهو نيوز- فرنسي": "التلقيح على نطاق واسع أثناء نشاط الوباء يؤدي حتمًا إلى إنتاج طفرات هاربة من المناعة قادرة على مقاومة اللقاح".
ويرجع السبب في ذلك، بحسب مختصين، إلى إصابة عدد كبير من الأشخاص بالعدوى وتشكيل العديد من خزانات الطفرات، لأن جزءًا كبيرًا من السكان يكتسب مناعة ضد كورونا الذي يخضع بفعل اللقاحات للضغط، و"يرد" بإخراج طفرات قادرة على الإفلات من اللقاح.
وقال عالم الأحياء: "يحاول الفيروس الذي يجد المزيد من الأشخاص المحصنين في مساره، تجاوز الأجسام المضادة بإنتاج طفرات جديدة".
سبق وأوصت شركتا فايزر وموديرنا بألا تتعدى الفترة بين جرعتي التلقيح 21 و28 يومًا، على التوالي، بينما راهنت السلطات البريطانية على تبديل الوقت بين الجرعة الأولى والثانية حتى 12 أسبوعًا، من أجل حقن المزيد من الجرعة الأولى، لضمان مناعة جزئية، وهو ما أحدث العكس.
مقاومة اللقاحات
وكالة الصحة العامة في المملكة المتحدة قالت إنها "عثرت على طفرة (E484K) قد تسمح لـ(كوفيد-19) بالهروب من حماية الأجسام المضادة في عينات من سلالة سريعة الانتشار في المملكة المتحدة".
وأثارت (E484K)، المسماة أيضا بـ"طفرة الهروب"، مخاوف من أن لقاحات كورونا المعتمدة قد لا تكون فعالة ضد هذه المتغيرات.
ووفقا للتقرير، اكتشاف العلماء الطفرة في 11 عينة على الأقل من سلالة (B.1.1.7) في المملكة المتحدة.
وشرح الخبراء أن هذا قد يعني أن "البديل المعروف أنه أكثر قابلية للانتقال قد يصبح مقاومًا إلى حد ما للحماية المناعية التي توفرها اللقاحات، أو من المرجح أن يتسبب في الإصابة مرة أخرى بين الأشخاص المصابين سابقًا".
قال جوزيف فوفر، باحث مشارك في علم الأوبئة بكلية ييل للصحة العامة الأمريكية: "لا يبدو أن هذا خبر سار بالنسبة لفعالية اللقاح".
وأضاف الباحث لموقع "سي إن إن"، أن من الضروري الاستمرار في مراقبة النتيجة الجديدة في الولايات المتحدة، حيث تخلفت جهود البحث عن المتغيرات من خلال التسلسل الجيني عن المملكة المتحدة.
وتابع أن "حقيقة أننا رأينا هذا فقط في المملكة المتحدة قد تكون نتيجة لبرنامج المراقبة الجينومية القوي الخاص بهم".
طفرة الهروب
يقول الخبراء إنه من السابق لأوانه التنبؤ بما إذا كان هذا التطور سيؤثر بشكل كبير على مسار "كوفيد-19" في المملكة المتحدة وحول العالم، ومع ذلك، هناك بعض الأبحاث التي تشير إلى أن (E484K) قد يكون السبب الرئيسي وراء ظهور لقاحات معينة أقل فعالية في جنوب أفريقيا.
مؤخرًا، أعلنت شركة "Novavax" أن لقاحها كان فعالًا بنسبة 89% في تجربتها في المرحلة الثالثة في المملكة المتحدة، لكن لم تظهر فاعلية سوى 60% في دراسة منفصلة للمرحلة (2b) أجريت في جنوب أفريقيا.
بالمثل، في تجربة المرحلة الثالثة لشركة جونسون آند جونسون، اختلفت الفعالية حسب الدولة: 72% في الولايات المتحدة مقابل 57% في جنوب أفريقيا.
وفي كلتا التجربتين، تم ربط 90 إلى 95% من الحالات في جنوب أفريقيا بمتغير (B.1.351)، والذي يحتوي على طفرة (E484K).
دراسة جديدة
من الأدلة المبكرة على ما يسمى بـ"طفرة الهروب" تأتي من بحث في المختبر، يُظهر أن الأجسام المضادة تبدو أقل قدرة على ربط بروتينات الشوكة الناتجة عن الطفرة.
ووجدت الدراسة أن الأجسام المضادة من الأشخاص الذين تم تطعيمهم كانت أقل فعالية في تحييد فيروس اصطناعي يشبه تلك الموجودة في تقرير (PHE)، ما يعني أنها تحتوي على طفرات محورية من (B.1.1.7) إضافة إلى (E484K).
يبدو أن إضافة طفرة (E484K) ترفع مستوى الأجسام المضادة اللازمة لمنع الفيروس المصنوع في المختبر من إصابة الخلايا، مقارنةً بطفرات (B.1.1.7) من تلقاء نفسها.
وجمعت الدراسة عينات دم من 23 شخصًا تلقوا جرعة واحدة من لقاح فايزر قبل 3 أسابيع، بمتوسط عمر 82 عاما.
ونقلاً عن قاعدة بيانات الجينوم (GISAID)، سجلت الدراسة أيضًا عددا إجماليًا أعلى قليلاً من الحالات من تقرير وكالة الصحة العامة (PHE): حالتان غير مرتبطتين في ويلز، ومجموعة أكثر من 12 في إنجلترا، تظهر في وقت مبكر من النصف الأول من ديسمبر 2020.
اختبار اللقاحات
دراسات عديدة اختبرت فاعلية اللقاحات ضد الطفرة الجديدة لفيروس كورونا، من خلال التعرف على حالة الأجسام المضادة للأشخاص الذين جرى تطعيمهم.
وبحثت الدراسة الأولى، التي نشرها علماء في نيويورك، في الأجسام المضادة لـ15 شخصًا جرى تطعيمهم بأي من اللقاحين المعتمدين على أساس mRNA (فايزر أو موديرنا).
أما الدراسة الثانية، التي نشرها علماء في تكساس بالتعاون مع شركة فايزر، بحثت في الأجسام المضادة لـ20 شخصًا تم تطعيمهم بلقاح فايزر، وأيضا نظرت الدراسة الثالثة، التي أصدرها علماء من جامعة كامبريدج البريطانية، إلى 5 أشخاص تم تطعيمهم بلقاح فايزر.
استخدمت دراستا نيويورك وتكساس الأمريكيتان البديل الجنوب أفريقي، بينما اعتمدت دراسة كامبريدج الإنجليزية على اختبار طفرة (E484K) في البديل البريطاني (B117)، وهذا هو الاختلاف الرئيسي بين الدراسات.
ووفقا لموقع "ييزنس استاندرد"، أظهرت كل من دراستي نيويورك وتكساس أنه في حين أن "فعالية اللقاح للحماية من المتغيرات التي تحمل طفرة E484K انخفضت قليلاً بالنسبة لبعض الأشخاص، فإنها لا تزال ضمن المستوى المقبول".
وقال الباحثون: "يتم قياس النقص في قدرة تحييد الجسم المضاد حاليا. على سبيل المثال، ستحتاج الأجسام المضادة التي ينتجها لقاح الإنفلونزا إلى انخفاض بأكثر من 4 أضعاف قبل أن يضطر العلماء إلى تعديل اللقاح".
وأبلغت دراسة تكساس عن انخفاض أضعاف بمقدار 1.48 في الأجسام المضادة.. أما دراسة نيويورك فأبلغت عن انخفاض أضعاف ما بين 1 و3.
ومع ذلك، وجدت دراسة كامبريدج أن الأجسام المضادة لـ3 من الأشخاص الخمسة انخفضت بنسبة أكبر من 4 أضعاف عند تحديها باستخدام فيروس يحمل طفرة (E484K).
aXA6IDUyLjE1LjY4Ljk3IA== جزيرة ام اند امز