التسلسل الجيني.. العلم يصل "سن الرشد" على يد كورونا
"لقد بلغ علم الأوبئة الجينومية سن الرشد خلال وباء كورونا".. بهذه العبارة وصف باحث بجامعة أكسفورد، التطور الذي شهده هذا العلم.
وأوضح أوليفر بيبوس، الذي يدرس تطور الأمراض المعدية بالجامعة، في تقرير نشره موقع "نيتشر" في 15 يناير/كانون الثاني الجاري، أن هذا العلم الذي كان غارقا في الركود النظري نضج بشكل كبير خلال الأزمة ليتحول إلى أداة تساعد في دفع قرارات الصحة العامة بسرعة.
وخلال الشهرين الماضيين تمكن المتخصصون بهذا العلم من تحديد العديد من السلالات الجديدة للفيروس سريعة الانتشار، والتي دعت بعض الحكومات لفرض قيود، كما يتم اكتشاف متغيرات جديدة بشكل متكرر.
ويقول خالد شحاتة، أستاذ الفيروسات بجامعة أسيوط، جنوبي مصر، أن هذه العملية تتم بواسطة برامج متخصصة تقوم بعد كل مسحة من مريض باستخراج التركيب الجيني للفيروس، الذي يتم ترجمته إلى سلسلة من الأحرف بشكل رمزي، ليقوم العلماء بمقارنة تسلسل القواعد البروتينية التي تسمح بحدوث طفرات.
ويتم مشاركة هذا الجهد بشكل عالمي لتتبع الطفرات والمتغيرات المثيرة للقلق عند ظهورها، حيث تم في العام الماضي تسلسل أكثر من 360 ألف جينوم للفيروس وتخزينها على GISAID، وهي قاعدة بيانات غير ربحية عبر الإنترنت لمشاركة الجينومات الفيروسية.
ويوضح التقرير الذي نشرته "نيتشر"، أن التوزيع الجغرافي للتسلسلات الجينومية على قاعدة GISAID واسعا، ويغطي أكثر من 140 دولة، لكن معظم الدول قامت بتحميل عدد قليل فقط من التسلسلات، باستثناء المملكة المتحدة والدنمارك وأستراليا، التي تمثل على التوالي 5٪، و 12٪، و60٪ من جينومات الفيروس في قاعدة البيانات.
ويخشى التقرير من أن غياب هذا النشاط عن بعض الدول أو وجوده داخل الدولة في بعض الأماكن وغيابه في أماكن أخرى، قد يعوق إمكانية اكتشاف أي متغيرات جديدة بالفيروس، لأنه كلما زاد انتشار الفيروس، زادت فرص تغييره.
والمفارقة التي أشار إليها التقرير هي أن مشاركة الولايات المتحدة الأمريكية على قاعدة GISAID أقل من 0.3٪ من إجمالي عدد إصابات (كوفيد – 19)، وذلك بسبب وجود الكثير من مختبرات التسلسلسل النشطة في بعض الولايات وغيابها في ولايات أخرى.
ويقول ناثان جروبو، عالم الأوبئة بجامعة ييل الأميركية: "هذا التفاوت يجعل من المحتمل أن يتم اكتشاف متغير جديد بسرعة في بعض الولايات، مثل نيويورك وواشنطن، ولكنها قد تستغرق بعض الوقت في أماكن لا تفعل ذلك، وهذه مشكلة تعوق إمكانية تتبع السلالات الجديدة".
وكانت ماريا فان كيركوف، باحثة الأمراض المعدية في منظمة الصحة العالمية، دعت البلدان إلى زيادة المراقبة الجينية، وقالت: "نحتاج حقًا إلى توسيع هذا الأمر حتى يكون لدينا عيون أفضل على التغييرات التي تحدث في هذا الفيروس، خاصة في المناطق التي يكون فيها انتقال العدوى أكثر كثافة".
ورغم دعوة كيركوف، يظل ما حدث في أزمة وباء كورونا بهذا المجال إنجازا، ويقول خالد شحاتة، أستاذ الفيروسات بجامعة أسيوط جنوبي مصر: "لولا الزخم الذي أعطاه الوباء لهذا العلم، ما كان بالإمكان اكتشاف السلالات الجديدة في بريطانيا وجنوب إفريقيا والبرازيل".
aXA6IDE4LjIyMi41Ni43MSA= جزيرة ام اند امز