بعدما اتهمها معارضون بمفاقمة التوتر خلال أسبوع من التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين والاحتجاجات المضادة التي شهدتها بريطانيا، كتب رئيس الوزراء الفصل الأخير في رواية وزيرة داخليته بحكومته.
وأقال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك وزيرة الداخلية المثيرة للجدل سويلا بريفرمان وعين مكانها وزير الخارجية جيمس كليرفرلي، ضمن تعديلات يجريها على فريقه قبل الانتخابات العامة المتوقعة العام المقبل.
وتعرض سوناك لانتقادات من مشرعين معارضين ومطالبات من أعضاء حزب المحافظين الحاكم بإقصاء برافرمان، ومن ثم نفذ سوناك فيما يبدو تعديلا وزاريا كان مزمعا لوقت لاحق لاستقطاب حلفاء والتخلص من وزراء شعر أنهم مقصرون في عملهم.
واضطر لتبكير الخطوة حين تحدته برافرمان المثيرة للجدل الأسبوع الماضي في مقال غير مصرح به واتهمت فيه الشرطة باتباع "معايير مزدوجة" في الاحتجاجات، وأشارت إلى أن الشرطة كانت صارمة في تعاملها مع محتجين يمينيين وتساهلت مع محتجين مؤيدين للفلسطينيين.
فمن هي وزيرة الداخلية المقالة؟
ولدت برافرمان باسم سو إيلين فرنانديز، في أبريل/نيسان 1980 - وسميت على اسم «سو إيلين إيوينغ»، الشخصية النسائية الرائدة في الدراما التلفزيونية الأمريكية.
أطلق عليها المعلمون اسم سويلا في المدرسة. وكانت الميول السياسية لوزيرة الداخلية السابق واضحة في سن مبكرة؛ ففي عام 1997، وهو العام الذي حقق فيه حزب العمال انتصارًا ساحقًا، فازت في انتخابات صورية كمرشحة محافظة في مدرستها المستقلة للفتيات في هارو، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي».
وقالت إحدى زميلاتها في ذلك الوقت إنها حولت المدرسة «في الاتجاه المعاكس تمامًا» خلال الانتخابات، مستخدمة «شخصيتها وبشاشتها وتفاؤلها».
كان والداها من أصل هندي، وقد التقيا في لندن، بعد أن فر الأب من كينيا وهاجرت الأم من موريشيوس لتصبح ممرضة.
درست القانون في جامعة كامبريدج، وترأست رابطة المحافظين في الجامعة - وهو المنصب الذي كان يشغله كبار أعضاء حزب المحافظين (ووزراء الداخلية السابقين) كين كلارك ومايكل هوارد.
بعد كامبريدج، درست لمدة عامين في باريس، وحصلت على شهادة الدراسات العليا في القانون الأوروبي والفرنسي في جامعة بانثيون سوربون.
صعود سياسي
أخذتها مهنة المحاماة من المملكة المتحدة إلى الولايات المتحدة، واجتازت امتحان المحاماة في لندن ونيويورك، وانخرطت أيضًا في السياسة، فحصلت على عمل كمحامية للحكومة.
حاولت أكثر من مرة الترشح دون جدوى للانتخابات عن حزب المحافظين في مقعد حزب العمال في ليستر إيست في عام 2005. وبعد فشلها، ترشحت في الدائرة التي تصوت تقليديًا للمحافظين في فيرهام.
وفي انتخابات عام 2015، انتخبت نائبة في البرلمان، وسرعان ما صنعت اسمًا لنفسها بسبب آرائها الجدلية حول الاتحاد الأوروبي، والهجرة، والقانون، والنظام.
وكانت من المؤيدين المتحمسين لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وترأست مجموعة الأبحاث الأوروبية المتشككة في الاتحاد الأوروبي (ERG) المكونة من نواب حزب المحافظين، بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.
وفي خضم الجدل الذي أعقبت استفتاء عام 2016، حصلت على وظيفة وزيرة دولة في إدارة الخروج من الاتحاد الأوروبي، إلا أنها استقالت من منصبها بعد 10 أشهر، إلى جانب رئيسها دومينيك راب، احتجاجًا على صفقة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي التي توصلت إليها تيريزا ماي.
غيرت اسمها إلى سويلا برافرمان، بعد أن تزوجت من مدير الأعمال الجنوب أفريقي رايل برافرمان في عام 2019.
وقال السير جون هايز، أحد أقدم حلفاء برافرمان في السياسة، إن رايل «عزز» النزعة المحافظة لدى زوجته.
وعادت برافرمان إلى الحكومة عندما تم تعيينها وزيرة للعدل من قبل بوريس جونسون، لكنها حافظت على خط مستقل.
وباعتبارها كبيرة المستشارين القانونيين للحكومة، تعرضت لانتقادات من قبل المحامين لدعمها مشروع قانون السوق الداخلية - الذي يحدد القواعد الجمركية والتجارية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي - الذي ينتهك القانون الدولي «بطريقة محددة ومحدودة».
ودخلت التاريخ في عام 2021 كأول وزيرة في الحكومة تأخذ إجازة أمومة، بعد إقرار قانون جديد.
وبعد استقالة جونسون من منصب رئيس الوزراء، كانت برافرمان أول من أعلنت ترشحها لخلافته. وعينت كوزيرة للداخلية من قبل رئيس الحكومة الجديدة -آنذاك- ليز تراس، لكنها اضطرت إلى الاستقالة في غضون بضعة أسابيع، بعد اعترافها بمشاركة وثائق سرية.
العودة إلى الحكومة
وفي تطور سياسي، أعيدت برافرمان إلى منصب وزيرة الداخلية من قبل ريشي سوناك - وتحت قيادته، اكتسبت سمعة طيبة بسبب تعليقاتها التي تتصدر العناوين الرئيسية.
وبحسب «بي بي سي»، فإن تعليقات برافرمان كانت بمثابة شوكة في خاصرة سوناك، الذي نأى بنفسه مرارًا وتكرارًا بنفسه عن لهجتها بشأن الهجرة والمشردين.
وتقول هيئة الإذاعة البريطانية، إنه حتى وقت قريب، بدا سوناك غير راغب في كبح جماح وزيرة داخليته، مشيرة إلى أنه بينما يمثل رحيلها الآن نهاية فترة مضطربة في عمر الحكومة، فإنه من غير المرجح أن ينهي طموحاتها القيادية.