برقية بريطانية سرية: النقراشي توقع اغتيال الإخوان له بعد حل الجماعة بمصر
"العين الإخبارية" تنشر- على مدار حلقات- برقيات سرية أرسلها دبلوماسيون بريطانيون عن سير الأوضاع في مصر خلال أربعينيات القرن الماضي
على مدار سلسلة من الحلقات، تنشر "العين الإخبارية" عددا من البرقيات السرية التي أرسلها دبلوماسيون بالسفارة البريطانية في العاصمة القاهرة إلى حكومة بلادهم عن سير الأوضاع بمصر خلال عقود مضت.
وتتعلق هذه البرقيات التي حصلت عليها "العين الإخبارية" بفترة الأربعينيات من القرن الماضي، وتختص بملف جماعة الإخوان الإرهابية.
برقية اغتيال النقراشي
وتكشف إحدى البرقيات أن رئيس الوزراء المصري الأسبق، محمود فهمي النقراشي، أبلغ أحد المقربين منه بأنه يتوقع أن يتم اغتياله على يد جماعة الإخوان الإرهابية، بعد أن قام بحلها.
وكتب ج. جينكينز، في برقية موجهة من السفارة البريطانية في القاهرة إلى بلاده، في 6 يناير/كانون الثاني 1949 عن تفاصيل محادثة له مع مقرب من النقراشي- لم يكشف عن اسمه لكنه سماه برمز "ترومبون"، واستهلها بـ"سري للغاية".
وقال جينكينز، الذي يتضح أنه كان المسؤول الأمني في السفارة البريطانية، إن ترومبون تحدث عن أن النقراشي أخبره بأن قراره حل جماعة الإخوان الإرهابية قد يتسبب في موته، وإنه يعي بشكل كامل المسؤولية التي يتخذها في إعلانه أن الإخوان "كيان غير قانوني".
وكانت جماعة الإخوان اغتالت النقراشي، أحد قادة ثورة 1919 في مصر، بإطلاق الرصاص عليه في 28 ديسمبر/كانون الأول 1948، بعد عشرين يوما على قراره بحل الجماعة الإرهابية.
واتضح أن عبد المجيد أحمد حسن، عضو التنظيم الخاص لجماعة الإخوان، أطلق النار على النقراشي بعد أن تخفى في زي ضابط شرطة.
خلايا الإخوان
في برقيته التي اطلعت عليها "العين الإخبارية"، لفت جينكينز إلى أن ترومبون "أخبرني بأن الشرطة منشغلة للغاية بشكل عام هذه الأيام، في ظل كشفها المتواصل عن خلايا الإخوان".
وأضاف أن "هناك تقارير بأنه تم رصد 8 أشخاص وهم يلتقطون رسومات لوكالة السودان في القاهرة، ويراقبون الناس وهم يدخلون ويغادرون الوكالة، وقد تم وضع محققين خاصين في مقهى على ناصية الشارع المواجه لوكالة السودان ومن المتوقع أن تحدث عمليات اعتقال قريبا".
وتابع جينكينز: "سألت ترومبون عن عدد الأشخاص الذين يتم اعتقالهم حاليا بصفتهم أعضاء بالإخوان، ورد بأن هناك 47 شخصا في القاهرة و26 في منطقة القناة، لقد سألني إذا ما كنت مهتما بالحصول على قائمة بأسماء الأشخاص المحتجزين، وأنا قلت إنه إذا ما كان بالإمكان تدبيرها فإنني سأكون ممتنا للغاية، ووعدني بتزويدي بها لاحقا".
واستطرد قائلا: "لقد قال إنه يشعر بأن الشرطة تخطط لشيء كبير جدا في محاولة لسحق الإخوان، وأنهم يدركون بشكل كامل خطر وجود جماعة كهذه في البلد".
مخطط الإخوان في القناة
وتكشف البرقية السرية عن ملاحقة أجهزة الأمن المصرية، آنذاك، لعناصر جماعة الإخوان في منطقة القناة، بعد الكشف عن مخططات لتنفيذ أعمال تخريبية في المنطقة؛ بما في ذلك عمليات اغتيال.
وكتب جينكينز: "ذكر ترومبون أنه منذ أن أخطرني في بداية ديسمبر/كانون أول الماضي باحتمال وقوع أعمال تخريب في منطقة القناة، برز دليل آخر وهو العثور في منازل أعضاء من جماعة الإخوان في منطقة القناة على أدلة موثقة تثبت أن أعضاء في الإخوان كانوا على اتصال وثيق مع متعاقدين معينين في تلك المنطقة، وأنهم حصلوا على خطط مفصلة لمخيمات ومنازل وغيرها بما فيها تلك العائدة لقائد الأركان ومسؤولين آخرين بالبحرية وسلاح الجو الملكي، وأنهم ينوون شن حملة واسعة في منطقة القناة".
وتلفت البرقية السرية إلى معضلة رفض حزب الوفد المصري آنذاك الانضمام إلى حكومة إبراهيم عبد الهادي باشا التي شكلها في 28 كانون أول/ديسمبر 1948 ا] في ذات يوم اغتيال النقراشي.
وكتب جنيكينز: "قال ترومبون إن إبراهيم عبد الهادي باشا حاول إقناع أعضاء من حزب الوفد بالانضمام إلى الحكومة إلا أنه لم ينجح في ذلك حتى الآن، لأنهم كانوا كما العادة، يضعون شروطا مسبقة يصعب جدا تحقيقها؛ طالبوا بضم 5 من الوفديين إلى الحكومة، اثنين منهم بحقائب وزارية وثلاثة بدون، وأيضا بإغلاق البرلمان".
وأضاف، نقلا عن المسؤول المصري الذي لم يذكر اسمه: "أنه شعر شخصيا بأنه لو شارك الوفد فقط في الحكومة الحالية، ستصبح المفاوضات مع بريطانيا العظمى أسهل نظرا لأن الحكومة ستكون مشكلة من كل أحزاب الحكومة".
aXA6IDE4LjIyNy40OC4xMzEg جزيرة ام اند امز