10 مؤسسات تمثل أذرع الإخوان في كندا، تصدر فتاوى دينية مضللة وتدير اقتصادا مشبوها، أسهمت في إشعال الأزمة الأخيرة بين السعودية وكندا.
"نبني الفرد المسلم، ومن بعده المجتمع المسلم، ثم الدولة الإسلامية، ومن بعدها الخلافة الإسلامية، وأخيرا أستاذية العالم".. هذه الجملة هي المنهج وربما الأهم في تاريخ جماعة الإخوان الإرهابية.
فكرة الانتشار الطولي والعرضي التي كانت تنتهجها جماعة الإخوان في مختلف دول العالم، لا يمكن أن نأخذها بشكل من السخرية أو التقليل، مع المشكلات التي تزرعها الجماعة الإرهابية بين دول كبرى في العالم، في محاولة للسيطرة على مقاليد الأمور.
فالخلافات الأخيرة بين كندا والسعودية لم تكن بعيدة عن جماعة الإخوان الإرهابية، صاحبة العداء التاريخي مع المملكة العربية السعودية".
أدلة كثيرة تشير إلى أن الإخوان وأذرعها وجمعياتها تقف خلف ستار الأزمة، باعتبار أن السعودية تعد أبرز المساندين للشعب المصري ونظامه السياسي بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، في مقابل كندا الدولة الغربية التي أصبحت ملجأ الجماعة الإرهابية منذ عزل الرئيس الأسبق الإخونجي محمد مرسي في عام 2013.
ويتسق إشعال الأزمات واستغلالها مع أيديولوجية الجماعة الإرهابية امتدادا لخططها للانتشار العالمي منذ تأسيسها، أو منذ ثمانينيات القرن الماضي على مستوى كندا.
ظهرت الأزمة الأخيرة بين المملكة العربية السعودية وكندا بعد تدخل الأخيرة في الشؤون الداخلية للسعودية، بزعم الدفاع عن حقوق الإنسان، إثر توقيف سعوديين والتحقيق معهم باتهامات تتعلق باتصالات مشبوهة مع جهات خارجية، وهي الأزمة التي استغلتها أذرع الإخوان في كندا لإشعال الأزمة.
والواقع أن السعودية لاقت اصطفافا عربيا وعالميا خلال أزمتها مع كندا، ولا سيما موقف دولة الإمارات العربية المتحدة عندما شدد وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية الدكتور أنور بن محمد قرقاش على الوقوف بجانب السعودية، قائلا إنه: "لا يمكن إلا أن نقف مع السعودية في دفاعها عن سيادتها وقوانينها، واتخاذها الإجراءات اللازمة ضد التدخل".
كذلك انضمت مختلف الدول العربية والإسلامية ومعلنة تأييدها لإجراءات المملكة العربية السعودية بحق كندا، التي شملت سحب الاستثمارات وقطع العلاقات الدبلوماسية ردا على التدخل الكندي "السافر" في شؤون المملكة، فيما فضحت الأزمة جحود قطر بما ليس جديدا على نظامها الحاكم التي خالفت الصف العربي والإسلامي الذي ضم أيضا دولا غربية.
ومن كواليس الأزمة لم يذكر أحد أي تفاصيل عن العلاقة بين عائلة أحد الموقوفين في السعودية، وهي "سمر بدوي" الحاصلة على الجنسية الكندية، وبعض المؤسسات والجمعيات الكندية الموالية لجماعة الإخوان الإرهابية، واستخدام تلك المؤسسات هذه الواقعة للضغط على مراكز صناعة القرار في كندا؛ لاتخاذ وإعلان موقف معاد للسعودية لتحقيق أهداف سياسية.
وكشف الباحث بلال الدوي، رئيس مركز الخليج للدراسات السياسية، لـ"العين الإخبارية" عن منهج التحريض الدائم الذي يقوم به وفق أجندة خاصة أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية والموالين لهم في الوسط الكندي، وفي مراكز دعم واتخاذ القرار هناك، ضد دول الخليج ومصر.
وأشار الباحث في هذا الصدد إلى أنه في عام 2013، وعقب عزل جماعة الإخوان الإرهابية عن الحكم في مصر، عقب ثورة شعبية جارفة في 30 يونيو، هرب العديد من قادة جماعة الإخوان الإرهابية من مصر إلى كندا التي وجدوا فيها ملاذا آمنا للابتعاد والهرب من العدالة بحق جرائمهم وإرهابهم ضد الشعب المصري.
وينظر قيادات الجماعة الإرهابية لكندا باعتبارها جزءا لا يتجزأ من المشروع الإخواني الكبير بالسيطرة على أوروبا وصناعة القرار في الجانب الغربي من العالم بشكل عام، ومن ثم سعى تنظيم الإخوان مبكرا للتوغل في المجتمع الكندي تحت مسميات وأنشطة مختلفة تصطبغ بالشكل الإسلامي رغم ما تخفيه من بذور الفتنة والإرهاب.
في عام 2016، حاولت الجالية المصرية بمساعدة أعضاء في مجلس النواب الأمريكي الضغط لإصدار قرار بوضع جماعة الإخوان الإرهابية على قوائم الإرهاب، وبالفعل قررت اللجنة القضائية بالمجلس اعتبار "الإخوان" جماعة إرهابية، لكن على الجانب الآخر لم ينجح هذا الأمر في كندا بسبب الضغط الإعلامي والصحفي الكبير الذي مارسته الجماعة على الحكومة من مؤسسات متنوعة تتبع في الأصل الجماعة الإرهابية نفسها.
كندا بلحية الإخوان
وثائق مسربة للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان، اطلعت عليها "العين الإخبارية" أظهرت أن عدد منظمات الجماعة الإرهابية في الداخل الكندي تتخطى الـ10 مؤسسات بالإضافة إلى عشرات المساجد والمدارس والمنظمات الصغيرة التي تحكمت مع الوقت في إصدار الفتاوى الدينية، ووسعت نشاطها ليشمل الاستثمار الاقتصادي في المشروعات الصغيرة داخل كندا، ومن ثم التحكم في أيدٍ عاملة لمواطنين من الطبقة الأقل ماديا، الأكثر تأثيرا في الانتخابات النيابية.
وحسب وثيقة جاءت ضمن 5 آلاف ورقة خاصة بالتنظيم الدولي للإخوان عثر عليها في منزل إسماعيل البراسي، عضو التنظيم (فلسطيني الأصل وأمريكي الجنسية) عقب القبض عليه في ولاية فرجينيا الأمريكية عام 2004 بتهمة الانضمام لحماس، وضع التنظيم الدولي للإخوان خطة لـ"التمكين" في شمال أمريكا.
الوثيقة المكتوبة بتاريخ 22 مايو 1991 تحت عنوان "مذكرة تفسيرية حول الهدف الاستراتيجي العام للجماعة في أمريكا الشمالية"، كشفت عن أهم أهداف واستراتيجيات الإخوان الإرهابية، كما أظهرت الوثيقة كيف تتعامل منظمات الجماعة مع تطوير "جهاد الحضارة" حسب زعمهم.
الوثيقة كانت عبارة عن خطة مقدمة من محمد أكرم، أحد أهم محركي الجماعة في الولايات المتحدة، إلى أمين مجلس شورى الجماعة وأعضاء المجلس، كتفسير لما جاء في الخطة بعيدة المدى التي اعتمدها مجلس شورى الإخوان في أمريكا الشمالية عام 1987، وخطة المؤتمر التنظيمي الذي عقد في نفس عام كتابتها.
ويشغل كاتب الوثيقة (محمد أكرم) حالياً منصب أمين عام منظمة القدس العالمية بلبنان التي يترأسها مفتي الإرهاب يوسف القرضاوي، والتي تم تصنيفها كمؤسسة إرهابية، وكذلك يشغل منصب مدير معهد القدس الدولي المعروف عنه أنه ذراع للإخوان.
حوت الوثيقة أسماء 29 منظمة تتعاون مع منظمة الإخوان الإرهابية، وتضم :"الجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية"ISNA"، وجمعية الطلاب المسلمين"MSA"، و"جمعية الشباب العربي المسلم "MAYA"، و"الصندوق الإسلامي لأمريكا الشمالية "NAIT"، و"المعهد الدولي للفكر الإسلامي "IIIT".
وكذلك "صندوق الأرض المحتلة "OLF"، الذي أصبح فيما بعد مؤسسة الأرض المقدسة "HLF"، وجماعات أخرى تعمل كداعم لميول الإخوان، مثل المجلس الوطني لمسلمي كندا CAIR CANI، وجمعية الطلاب المسلمين MSA، التي تكونت في الولايات المتحدة الأمريكية ولكنها فعالة في كندا، والجمعية المصرية الكندية لدعم الديمقراطية التي أنشئت في ديسمبر 2013، ومنظمة مسلمي كندا أو إم إيه سي، ومنظمة عرفان الخيرية، التي كانت قد داهمت الشرطة الكندية مكاتبها في إطار التحقيق في تمويل حركة حماس، وتم إدراجها كمنظمة إرهابية عام 2014.
في عام 2014 تلقت لجنة الأمن الوطني بالبرلمان الكندي معلومات ومستندات عام 2014 من شبكة خبراء الإرهاب والأمن، تؤكد تورط جماعة الإخوان في تمويل أنشطة إرهابية داخل كندا، وبناء هيكل تنظيمي للجماعة من خلال بعض المصريين الحاصلين على الجنسية الكندية.
إثر تقرير شبكة خبراء الإرهاب والأمن تحركه "أوتاوا" (عاصمة الاتحادية أو الفيدرالية لكندا، ورابع أكبر مدنها) ووضعت الذراع المالية لتنظيم الإخوان داخل كندا على لائحة التنظيمات الإرهابية بجانب حركة حماس، ومنظمة الجهاد الإسلامي.
لكن في الوقت الذي وجدت فيه الحكومة الكندية ضغوطا لإدراج اسم تنظيم الإخوان نفسه، وبشكل رسمي على لائحة الإرهاب، وضعت "مؤسسة عرفان الخيرية" أحد أذرع الإخوان الأخطبوطية في كندا على قوائم المنظمات الإرهابية عام 2014، بعد ثبوت تمويلها حملات لصالح جماعة الإخوان الإرهابية داخل كندا.
أماكن وجود الجماعة الإرهابية في كندا
أما عن أماكن وجود الجماعة الإرهابية في كندا، فلم تخل المقاطعات التي ذكرتها كندا في وقت لاحق كمناطق مسموح بوجود اللاجئين فيها، وقررت فتح اللجوء فيها بالفعل للفارين من قيادات وعناصر الإخوان، كرد فعل للضغط الإخواني داخلها، والذي نجح في تنفيذ القرار، بمقاطعة كيباك، والعاصمة مونتريال وتحديدا المنطقة الواقع بها مسجد أبوبكر الصديق، بالإضافة إلى جامعة سانت ماري الكندية.
اتسع المخطط التآمري للجماعة الإرهابية، عبر العناصر التي هربت من مصر بعد ثورة 30 يونيو 2013، والتي أطاحت بحكم الرئيس المعزول محمد مرسي، المنتمي للتنظيم الإرهابي، وسعت للتوغل بشكل أكبر داخل كندا، واستغلال ذلك النفوذ لتشويه الثورة المصرية لصالح الجماعة الإرهابية.
الدور المشبوه نفسه مارسته ذيول الجماعة الإرهابية في كندا ضد دول الخليج الداعمة للحرب على الإرهاب، عبر قيادات إخوانية بينهم زيد النعمان، رئيس المكتب التنظيمي لفرع الإخوان في الولايات المتحدة، ووائل هدارة، المستشار السابق للرئيس المعزول مرسي، وجمال بدوي، الأستاذ السابق بجامعة سانت ماري الكندية.
ونتاجاً لما زرعه الإخوان في كندا، فإن الاقتصاد الكندي تكبد خسائر تتراوح بين 13 و20 مليار دولار، جراء تجميد السعودية علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع كندا، إثر تدخل الأخيرة في شؤون المملكة الداخلية.