حرب "منير – حسين".. هل يحسم أذيال الإخوان صراع الرأس؟
بعضها فضَل النأي عن الحرب المستعرة بين جبهتي الإخوان المتناحرتين، فيما تفتقد البقية لأي وزن يمكَنها من التأثير أو الحسم.
هذا هو حال فروع الإخوان سواء عربيا أو دوليا، ممن تبدو بلا تأثير خصوصا أن معظمها مشغول بمعالجة أزماتها الداخلية عقب هزائمها السياسية، ما يحشر أزمة الجناحين في زاوية ضيقة لا يبدو أن حتى الفروع قادرة على التأثير فيها أو حسمها بشكل أو بآخر.
خلاصة توصل إليها محللون سياسيون ومراقبون ممن أكدوا عزوف أغلب فروع تنظيم الإخوان عربيا ودوليا عن الصراع الحالي الذي يضرب رأس التنظيم بين جبهتين متناحرتين، فيما يغيب عن بعض الفروع القدرة في الوقت ذاته على التأثير أو حسم الصراع.
وكشف هؤلاء الخبراء، في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية"، أن بعض عناصر التنظيم عربيا -تحديدا في الأردن والجزائر - دخلت مؤخرا على خط الأزمة للحديث عن قيادة التنظيم بعيدا عن إخوان مصر أو ما يطلق عليه داخليا "الجماعة الأم"، ما من شأنه أن يعمق الأزمة الحالية.
وانشطر الإخوان إلى جبهتين بسبب الصراع على من يتولى أمر التنظيم ماليا وإداريا؛ الأولى يقودها الأمين العام السابق للجماعة محمود حسين من داخل تركيا، فيما يقود الثانية القائم بأعمال المرشد العام للتنظيم إبراهيم منير، البريطاني المقيم بلندن.
عزوف أغلب فروع الإخوان عن الصراع الحالي عززه، وفق خبراء، ما كشفه القيادي الإخواني حلمي الجزار في بث صوتي مؤخرا عن غياب أي تأثير للإخوان من غير المصريين، مشددا على أن مركز ثقل الجماعة في مصر.
وأقر الجزار المحسوب على جبهة منير، ضمنيا، بعزوف فروع التنظيم داخل دول مختلفة عن الأزمة، قائلا: "بعثت أقطار برسائل واضحة للقائم بأعمال المرشد (منير) بأنها تريد أن ترى العمل فقط وتنتظر الأفعال"، كاشفا في هذا الصدد عن جهود مبذولة لإخوان غير مصريين لحل الأزمة، لكنها لم تصل إلى نتائج.
وبحسب مراقبين، تعاني معظم فروع التنظيم العربية من أزمات عنيفة تشغلهم عن الصراع الداخلي، علاوة على أن بعضها أعلن فك الارتباط بإخوان مصر عقب تصنيف الجماعة إرهابية في مصر وعدة دول عام 2014.
منير أديب، الخبير في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، يرى أن أغلب فروع تنظيم الإخوان على المستوى العربي والدولي بلا أي تأثير تنظيمي، مشيرا إلى انكفاء معظمها على أزماتها الداخلية في بلدانها.
واستشهد أديب على ذلك، في حديث لـ"العين الإخبارية"، بالقول إن "الإخوان على سبيل المثال في الأردن انقسموا، وانشق عدد كبير منهم عن الجماعة، وفي المغرب يعتبرون شبه منفصلين عن التنظيم الدولي".
ولمح أديب أيضا إلى غياب أي دور أو تأثير لحركة حماس الفلسطينية، خاصة مع إعلان تغيير لائحتها الداخلية لها قبل سنوات وعدم صلتها بالتنظيم الدولي، والتأكيد على أنها "حركة مقاومة إسلامية فقط".
وأضاف: "إذا تدخلت الحركة وأعلنت انحيازها حاليا لأحد الأطراف، فسيكون الرد أنكم لستم جزءا من التنظيم الدولي كما أعلنتم من قبل".
وأوضح أديب أن "الصراع داخل الإخوان سيستمر لأننا نتحدث عن انشطار طول وعرضي للتنظيم"، متابعا : "حتى لو حسمت جبهة ما الأمر، فمن يكسب من كلاهما فهو الخاسر في حقيقة الأمر، سواء حسم الأمر لصالح محمود حسين فقد خسر التنظيم، أو حسم الأمر لصالح إبراهيم منير فقد تهاوى التنظيم".
من جانبها، قالت الدكتورة دلال محمود، أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن فروع التنظيم لن يكون بمقدورها حسم الصراع لصالح جبهة ما، مستدركة : "لكن قد يكون هناك بعض التأثير؛ فربما تنقسم تلك الفروع ولائيا لأحد طرفي الصراع".
وحول مآل التنظيم في ظل الأزمة الحالية وعدم قدرة الفروع على الحسم، أضافت محمود لـ"العين الإخبارية": "سيكون هناك انقسام واضح داخل قمة هرم التنظيم دون أن يستطيع أيا منهما الانفراد بقيادته".
واعتبرت أن "البعض يرى أن هذا الانقسام هو البديل الأنسب للتنظيم في الوقت الحالي؛ من أحل توزيع الأدوار بين أعضائه في مرحلة يزداد فيها تأزم ظاهري للجماعة في أغلب الدول العربية".
وفي إشارة لطبيعة تأثير ودور فروع التنظيم في الأزمة الحالية، يرى طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن عناصر من التنظيم الدولي للإخوان ممثلين عن الأردن والجزائر، دخلت على خط الأزمة لا لحسم الصراع بل للحديث عن تدويل قيادة التنظيم وعدم اقتصار القيادة على الإخوان بمصر.
وأكد الخبير في شئون حركات الإسلام السياسي، لـ"العين الإخبارية"، أن الصراع ممتد ومفتوح بين الجبهتين وسط مخاوف من حظر التنظيم داخل بعض الدول لاسيما عقب حظر حركة حماس في بريطانيا.
ومما ينذر بتفكك وانهيار التنظيم وجود انقسام داخل جبهة حسين بين تيارين آخرين، علاوة على أن جبهة منير تتفكك نتيجة صراعات بينها، وفقا لفهمي.
وأشار الخبير إلى أن وجود القيادي الإخواني مصطفى طلبة يمثل مشكلة إضافية، خاصة أنه لا يملك أوراقا حقيقية لممارسة دور كبير ممثلا لجبهة حسين.
ويعزز من حالة الانشطار تلك، تنصيب محمود حسين المجمد وفق قرارات صدرت عن الجانب الآخر، القيادي الإخواني مصطفى طلبة مرشدا عاما مؤقتا كبديل لإبراهيم منير القائم بأعمال المرشد والمعزول بقرار من الجبهة المناوئة.
ومنذ توقيف القائم بالأعمال السابق محمود عزت القيادي التاريخي لإخوان مصر، تولى إبراهيم منير أبرز أقطاب التنظيم الدولي أعلى منصب في الجماعة الإرهابية.
لكن الصراع على المال والمناصب والنفوذ وصل لطريق مسدود مع قرارات عزل متبادلة وسعت خارطة تشظي التنظيم إلى جناحين في الخارج؛ جناح لحسين وآخر لمنير وجناح في الداخل لعناصر أكثر تطرفا.
aXA6IDMuMTMzLjE0NS4xNyA=
جزيرة ام اند امز