الإخوان بمهب الريح.. خلافات "منير-حسين" تعري تنظيم الإرهاب
فتح الخلاف الأخير الذي دب بين جبهتي لندن-إسنطبول، ويعد الأكبر في تاريخ الجماعة، الباب أمام تساؤلات حول مآل تنظيم الإخوان الإرهابي.
وقبل أشهر، أعلن فريق الأمين العام السابق لجماعة الإخوان محمود حسين من داخل إسطنبول انشقاقه على جبهة لندن، التي يقودها القائم بأعمال المرشد العام للإخوان إبراهيم منير، قبل أن تتفاقم الأزمة بإعلان جبهة حسين تنصيب القيادي الإخواني مصطفى طلبة قائماً بأعمال المرشد، وعزل منير من منصبه.
الخلاف الأخير كشف هشاشة التنظيم داخلياً بشكل كبير، في الوقت الذي تحاول فيه كل جبهة لملمة أوراقها المبعثرة للسيطرة على مقاليد الأمور داخل التنظيم الذي بات في مهب الريح.
ويرجع تأسيس التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، حسب الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية أحمد سلطان، لـ"العين الإخبارية"، إلى أربعينيات القرن الماضي، حيث أقدم المؤسس الأول للإخوان حسن البنا على إنشاء ما أسماه رابطة الاتصال بالعالم الإسلامي، بغرض توسيع دائرة حركته بشكل كبير.
ومع إحكام الحقبة الناصرية على مقاليد الأمور الداخلية، وملاحقة الإخوان بعد ارتكابهم جرائم داخلية، تشرد العديد من قيادات الإخوان في أكثر من دولة عربية وأجنبية، وداخل هذه الدول بدأت القيادات في تأسيس تنظيمات قطرية وإقليمية في العديد من الدول، والاتصال بالمتعاطفين مع الإخوان في تلك البلدان وتكوين جبهات.
وفي عام 1981 - والكلام لا يزال على لسان سلطان- اتجهت قيادات الإخوان بعد انتشار مكاتبهم الإقليمية في العديد من الدول الأوروبية والعربية إلى إطلاق تنظيم موحد يجمع المكاتب الإقليمية في الدول تحت ريادته، وهي الفكرة التي تلقفها المرشد الخامس للإخوان مصطفى مشهور، ونفذها في أواخر الثمانينيات، ورئيس التنظيم الدولي هو أعلى رأس للإخوان كونه رئيساً للأفرع القطرية للإخوان ويرأسه مرشد الإخوان، والذي بدوره يكون من مكتب القاهرة بحسب اللوائح الداخلية للإخوان.
تفلت كبير
ويؤكد سلطان أن التنظيم الدولي للإخوان متحكم في الأفرع القطرية على مستوى العالم خلال السنوات الماضية، حتى واتته ضربة الانقسام الأخير بين جبهتي محمود حسين وإبراهيم منير، وانقسمت المكاتب والفروع القطرية منها من انحاز إلى الجبهة الأولى التي تدار من إسطنبول، ومنهم من فضل الثانية التي تدار من لندن.
ويعتقد سلطان أن جبهة إبراهيم منير، وإن كانت لا تزال الأقوى ومدعومة من مكاتب الإخوان في الصومال وبريطانيا وماليزيا، إلا أنها تواجه احتكاكا غير مسبوق وغير معلوم عواقبه، ولا سيما أن العديد من المكاتب الإقليمية للتنظيم الدولي دعمت جبهة محمود حسين، منها مكتبا سوريا وتركيا وما يعرف برابطة الإخوان المسلمين بالخارج، فضلاً عن أن اختيار جبهة حسين لمصطفى طلبة لمجابهة منير يعتبر ضربة قاصمة، باعتبار أن الأخير من القوى المالية الكبرى التي لا يستطيع إبراهيم منير تجاوزها دون خسائر في مكاتب التنظيم المنتشرة حول العالم.
ويراهن سلطان على أن الخلاف الدائر الآن بين شقي التنظيم سيؤدي بلا شك إلى خسائر لتنظيم الإخوان الإرهابي، الذي بدا مترهلاً وبات البساط يسحب من تحت قدميه بعد انقسام مكاتب التنظيم في العالم على نفسه، فضلاً عن حرب أخرى قد تواجهه، حيث طلب مكتب العراق مؤخراً تغيير لوائح الإخوان باعتبار مرشد الإخوان هو مسؤول مكتب القاهرة، لتكون رئاسة التنظيم وتولي منصب المرشد بالتدوال فيما بين المكاتب المختلفة، ليفتح الباب أمام مزيد من الانقسام.
ويرى سلطان أن هذه الخلافات مؤداها مزيد من التفتت الخارجي للتنظيم الدولي، وتحوله إلى مجموعات متناثرة ومكاتب ذات استقلالية عن التنظيم، خاصة أن هناك مطالبات شبابية من داخل مصر تطالب التنظيم بتغير جوهري وتكتيتي من ساحة الخلاف، لكي تبعد عن القبضة والملاحقات الأمنية.
أوراق محروقة
الخبير في شؤون الإرهاب الدولي العقيد حاتم صابر، قال في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن أيادي أجهزة المخابرات الأجنبية ظاهرة في الخلاف القائم بين الجبهات الإخوانية المتصارعة، ولا تزال كفة إبراهيم منير في حسم الصراع لصالحه هي الأقوى، باعتباره كان مدعوماً بشكل مباشر من المخابرات البريطانية.
وأشار صابر إلى أن استضافة لندن للمذيع الإخواني معتز مطر تؤكد أن دولة بريطانيا ستستمر لسنوات في دعم تنظيم الإخوان المسلمين، ولكن بشكل وآليات جديدة.
وتابع "المخابرات التركية والبريطانية تركتا الخلاف بين شقي التنظيم يتفاقم، لفشل الإخوان في تحقيق الأهداف السياسية لهما، وعدم قدرة التنظيم على تولي مهام الحكم في مصر عام 2012، ولفظهم من الشارع المصري بعد عام واحد من تولي السلطة.
واختتم صابر حديثه لـ"العين الإخبارية" قائلا، إن المخابرات في كلتا الدولتين ستستمر حتماً في دعم التنظيم لتحقيق مكتسبات سياسية واستخدامهم للضغط وتحقيق مصالح لهما في مصر والوطن العربي، ولكن بعد أن يكون رؤوس الإخوان قد قضوا على أنفسهم بأنفسهم، فمخابرات الدولتين تتعامل معهما باعتبارهما أوراقا محروقة لا يمكن الاستفادة منهم.