"العين الإخبارية" تتعقب إرث البنا.. من ألغام الإخوان لفخاخ طارق رمضان
مقابلات وشهادات تسبر أغوار الإخوان وتكشف فكرا متطرفا نفثه مؤسس الجماعة حسن البنا وتشرّب منه أحفاده البيولوجيين والفكريين.
حقائق كشفها كتاب "حفيد البنا: ضحايا وشهادات" لمؤلفته هالة أمين، رصدت فيه شهادات حول طارق رمضان حفيد مؤسس الجماعة الإرهابية، استنادا لمقابلات مع مفكرين ونواب شيوخ وأكاديميين كبار من أكثر من 8 دول في العالم، وأيضا مع عدد من ضحاياه.
وفي مقابلة مع "العين الإخبارية"، عادت أمين على كتابها لتقدمه بعين تعاملت عن كثب مع شواهد إدانة طارق رمضان الملاحق بتهم اغتصاب في فرنسا وسويسرا، وتكشف خبايا تختلف لتتقاطع جميعها عند نقطة واحدة وهي أن سم التطرف الذي نفثه البنا يستوطن أحفاده البيولوجيين والفكريين.
تحدثت أمين عن استخدام رمضان الدين للإيقاع بضحاياه قبل أن يكشف وجهه المتطرف العنيف، وكيف حاولت الجماعة تلميعه وإظهاره كرمز للإسلام السياسي لخداع العالم، قبل أن تعري حقيقة تلاعبه بالعقول وسقوطه في النهاية، لتسقط معه جميع المفاهيم الخاطئة.
غطاء الدين
تقول أمين إن طارق رمضان كان يقدم نفسه في الأوساط السياسية والاجتماعية بالغرب على أنه مفكر وأكاديمي إسلامي ما منحه منذ تسعينيات القرن الماضي، حضورا إعلاميا واسعا نوعا ما.
واستنادا لذلك، كان محاضرا لتدريس العلوم والدراسات الإسلامية في أشهر الجامعات الغربية ومنها أكسفورد، لذلك كان دائم الظهور في الندوات والمحاضرات ووسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية في أوروبا.
وبحسب الكاتبة، "سمحت له طبيعة منصبه وظهوره ببث أفكاره للجمهور الغربي حيث خدعهم بتقديم نفسه على أنه صوت الإسلام الوسطي، وكان متحدثا عاما ذو كاريزما وضيفا متكرر على شاشات التلفزيون".
وبتلك الطريقة، تتابع، "استفاد حفيد البنا من احترام الشباب والنساء في الغرب لاعتقادهم بتعلمه الديني وسلطته العلمية والدينية كداعية إسلامي للإيقاع بهن كضحايا جسدية، بالإضافة إلى إيقاعه بضحاياه فكريا ومنهم اليسار في الغرب والشباب وخاصة المهاجرين في أوروبا".
صورة استطاعت خداع حتى بعض الساسة في الغرب مثل ميشيل روسيتي، المستشار الإداري لمدينة جنيف في سويسرا، وجان زيجلر النائب الاشتراكي، مع أنه كان على رأس خلايا إخوانية لم تعرف عنها أوروبا إلا مؤخرا.
فرمضان، توضح هالة، هو أحد القادة الإخوان في فرنسا وأوروبا ضمن شبكات تسللت إلى الأحزاب السياسية والنقابات ومكاتب تحرير الصحف والمواقع الإخبارية على الإنترنت ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة والبلديات وجمعيات حقوق الإنسان ووحدات التدريب والبحث، وأيضا الكليات والجامعات والمراكز البحثية.
الحقيقة
تعتبر أمين أن طارق رمضان يمثل "خير مثال على كشف الإخوان بشكل عام وسقوطهم، فقد أصبح قوة مستهلكة، تم تقليصه حتى إنه حاول إصدار ألبوم موسيقي في محاولة يائسة للظهور، وتحول لرمز تراجع سلطة الإخوان وتأثيرهم".
وأشارت إلى أن قضايا الاغتصاب التي تلاحق حفيد البنا أضرت بمصداقيته وشرعيته على نطاق واسع، وفقد بالفعل الكثير من الدعم خاصة بين الشباب"، لافتة إلى أنه "لا يزال مدعوًا إلى الصحف والمحطات الإذاعية، نظرًا لأن لديه عشرات المحامين للدفاع عنه، ومن هنا يمكننا أن نعتقد أنه لا يزال يتمتع بدعم مالي كبير".
وحذرت من أنه رغم أن طارق رمضان "أصبح رمزا إخوانيا منتهي الصلاحية، إلا أن هناك دعاة جدد مرتبطين بجماعة الإخوان في طريقهم للظهور بالواجهة، بعضهم تدرب في أوروبا، لذلك لا ينبغي أن نتفاجأ برؤية طارق رمضان الجديد في المستقبل".
وبحسب الكاتبة، فإن الإخوان عملت، منذ تأسيسها، على تنمية الشعور بالاضطهاد لدى الشباب العربي المسلم، مستفيدة من تقلبات الظروف السياسية والاجتماعية.
ولكن الحقيقة، تؤكد المؤلفة، تكمن في أن "الجماعة كانت أخطر بسبب عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي في معظم دولنا العربية، كما أن الثقافة الرجعية التي كرستها كانت من أخطر أسباب تردي الوضع المعيشي لفئات واسعة من مجتمعاتنا، خاصة تلك التي استطاعت الجماعة التغلغل في أوساطها وإغراقها بالجهل والتخلف والشعبوية".
حقيقة وأجندة انكشفت بعد 2011، مستشهدة بمصر، حيث إنه "بعد وصول الجماعة إلى سدة الحكم انكشف وجهها الحقيقي وظهرت عدم كفاءتها السياسية حيث أن التجربة الإدارية للإخوان أضرت بمصر بشدة في جميع نواحي الحياة".
وخلصت الكاتبة إلى أن طارق رمضان يعد "مثالا صارخا للشخصية الإخوانية ودليلا على ازدواجية الداعية أو الإخواني، وهو أوضح نموذج على الطرق الخداعية للجماعة".
اغتصاب ومحاكمات
تقول أمين إن كل الدعاوى المرفوعة ضد طارق رمضان سواء في فرنسا أو سويسرا تتضمن تهما بالاغتصاب والتحرش والإكراه الجنسي، وتمت إحالته للمحاكمة في سويسرا أمام محكمة الجنايات صيف العام الجاري.
ومتحدثة عن شهادة أولى ضحايا طارق رمضان، تشير هالة إلى أن الكاتبة والناشطة الفرنسية من أصل تونسي هند عياري هي أول من كشفته في عام 2017.
وأضافت نقلا عن هند: "قالت لي إنها ترددت قبل فضحه والتزمت الصمت لمدة 5 سنوات لأنها كانت تعلم أنها لن تملك الوسائل لمحاربة جماعة قوية مثل الإخوان ولن تحصل على الدعم كما يحدث في كل قضايا التحرش والاغتصاب".
ولكنها في النهاية تحررت من خوفها وكشفت ما قام به طارق رمضان بعد تواصلها معه بصفته صوت الإسلام المعتدل في الغرب وقد كانت تريد أن يفيدها ويرد على الكثير من أسئلتها، ولكن بحسب وصفها لي فقد تحولت القصة الخيالية لديها إلى "كابوس"، وأصبح "الأمير الساحر" وحشًا.
وقالت إنه شتمها وخنقها بشدة، لدرجة أنها اعتقدت أنها ستموت، ثم صفعها عدة مرات لأنها كانت تقاوم، وبعدها اغتصبها في غرفة فندق بباريس، ولم يكتفِ بذلك بل أهانها بعدما انتهى من فعلته قائلًا: "جئتِ من أجل ذلك.. بحثت عنه ووجدته.. أنت تستحقين ما حدث".
وإضافة لهند، أوضحت هالة أن هناك 5 أو 6 ضحايا رفعوا دعاوى ضده في فرنسا وسويسرا، ولكن التحقيقات تؤكد أن ما لا يقل عن 25 امرأة قام طارق رمضان بمطاردتهن جنسيًا بالبلدين إضافة إلى لوكسمبورج وبلجيكا والولايات المتحدة، وأن ملفات الضحايا متنوعة للغاية، ومنهن طالبات قاصرات حتى أنه وصلت به الوحشية لأن تكون إحدى ضحاياه فتاة تبلغ من العمر 15 عامًا، لكنهن يخشين رفع دعاوى علنية ضده.
في سطور
بحسب هالة، استغرق كتابها نحو 5 سنوات وذلك منذ أن كتبت قصتها الأولى عن طارق رمضان في 2017، ويعد دراسة استقصائية ويتضمن رحلتها للبحث وتوثيق الحقيقة حول جرائم طارق رمضان وكيف أوقع ضحاياه وطرقه في استقطابهم سواء فكريا وجسديا.
ويتضمن الكتاب الذي ينقسم إلى 17 فصلا، شهادات الضحايا ضد رمضان، في رحلة طويلة امتدت بعدد من دول العالم وقدمتها بشكل مفصل.
وفي ديمسبر/ كانون أول الماضي، أكد القضاء السويسري إحالة طارق رمضان على المحاكمة بتهمة الاغتصاب العام المقبل أمام قضاء جنيف، في وقائع تعود إلى أكثر من 14 عاما.
وكان التحقيق بطيئا لتعذر استجوابه في ظل خضوعه لرقابة قضائية منعته من مغادرة فرنسا، قبل أن يسمح له بحضور جلسات استماع الشهود في 2020 بجنيف.
aXA6IDEzLjU5LjIzNC4xODIg جزيرة ام اند امز