السودان.. خطوات عملية لتصفية دولة "الإخوان" العميقة
على مدى 30 عاما مضت استطاع النظام الإخواني السابق السيطرة على مفاصل الدولة السودانية ومؤسسات الخدمة المدنية عبر سياسة "التمكين"
مطالبات متكررة من الشعب السوداني بتطهير مؤسسات الدولة من عناصر الإخوان، فرضت نفسها بقوة على المشهد خلال الأسبوع الماضي.
وعلى مدى 30 عاماً مضت، استطاع النظام الإخواني السابق السيطرة على مفاصل الدولة السودانية ومؤسسات الخدمة المدنية عبر سياسة "التمكين" التي أحيل بموجبها الآلاف إلى المعاش واستبدالهم بعناصر من التنظيم الإخواني.
ومنذ نجاح الثورة السودانية في الإطاحة بنظام الرئيس المعزول عمر البشير في 11 أبريل/نيسان الماضي، تزايدت دعوات تطهير مؤسسات الخدمة المدنية والدولة من عناصر الإخوان.
والأيام الماضية، أصدر رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك حزمة قرارات بإقالة عدد من وكلاء الوزارات ومديري مؤسسات أخرى، وتحديداً في قطاعي النفط والكهرباء اللذين يسيطر عليهما النظام البائد بشكل كبير.
سياسة التمكين
ويرى المحلل السياسي خالد الفكي في حديثه لـ"العين الإخبارية" أن نظام الإخوان السابق في السودان زرع المنتسبين إليه في جميع مؤسسات الدولة عبر سياسة التمكين، بعد تشريده الموظفين الكفاءات واستبدالهم بموالين له.
وبحسب الفكي فإن الأمر يحتاج إلى قرارات حاسمة لتطهير الخدمة المدنية وجميع مؤسسات الدولة من العناصر الإخوانية حتى لا تستخدم لاحقا في تقويض الفترة الانتقالية.
وأوضح أن الإجراءات التي قامت بها حكومة حمدوك من خلال إعفاء وكلاء الوزارات وبعض قيادات المؤسسات التابعة للدولة، تأتي في سياق العمل على تطهير وتنظيف مؤسسات الخدمة المدنية من فلول الإخوان.
وأشار إلى أن عناصر الإخوان لا ينحصر وجودهم فقط على رأس الوزارات والمؤسسات الأخرى وإنما يتم داخل موظفي الخدمة المدنية وكل منهم سيكون له دور يؤديه لصالح التنظيم ضد الحكومة الانتقالية.
قطاع الإعلام
يعد الإعلام أحد أكثر القطاعات التي يتمركز فيها عناصر النظام الإخواني السابق، فالتلفزيون والإذاعة ووكالة السودان للأنباء مراكز خالصة للفلول، ولا تزال تنتظر التطهير.
ولا يخفى على كثير من السودانيين أن المؤسسات الخاصة المالكة للصحف الورقية أو الإذاعات المحلية هي الأخرى يملكها المنتسبون للنظام السابق.
وطالبت شبكة الصحفيين السودانيين -أحد مكونات تجمع المهنيين السودانيين- السلطات المختصة بوزارة الثقافة والإعلام بضرورة تصفية الفلول من هذا القطاع المهم.
وشددت في بيان تلقت "العين الإخبارية" نسخة منه الخميس، على ضرورة العمل على تنقية الأجهزة والمؤسسات الإعلامية من فلول النظام السوداني القديم، لتعود أصلها صوتاً للشعب لا أداةً للثورة المضادة والأحادية.
أزمات مفتعلة
يواجه السودان، هذه الأيام، أزمات بائنة في عدد من القطاعات الخدمية المتصلة بالمواطن، خصوصاً "الكهرباء" التي تشهد انقطاعا متكررا بجانب أزمة المواصلات العامة والوقود لشقيه "الجازولين والبنزين"؛ لكن أغلب المتابعين عزوا هذه الأزمات إلى تحرك أذرع فلول النظام الإخواني البائد داخل أجهزة الدولة والمراكز الخدمية لافتعالها.
ويؤكد المحلل السياسي علاء الدين بابكر، في حديثه مع "العين الإخبارية"، أن الأزمات التي تشهدها البلاد هذه الأيام في "المواصلات والوقود والكهرباء والدقيق" كلها من صنع الدولة العميقة للنظام السابق بغرض استعداء الشارع ضد الحكومة الانتقالية ما يسهل لهم طريق العودة إلى السلطة بحسب ظنهم.
وأضاف: "اكتملت حلقات التآمر بواسطة النظام البائد من خلال تعطيل المواصلات العامة من أجل إفشال الحكومة الانتقالية وزيادة معاناة الشعب".
وشهدت العاصمة السودانية الخرطوم خلال الأسبوع الماضي أزمة حادة في المواصلات، اختفت على إثرها معظم سيارات النقل العام من الشوارع بشكل فجائي.
بابكر أوضح أن عناصر نظام الإخوان البائد أحكموا القبضة على مفاصل الدولة عن طريقين الحزب والقبيلة عبر ما سموه التمكين، لكن من السهولة بمكان تصفيتهم من الدولة، حسب قوله.
وأشار إلى أن إبعاد وكلاء الوزارات واحدة من خطوات التطهير، لكنه غير كافٍ وحده.
وذكر أن خطورة الفلول ستظهر من خلال عملهم على إعاقة تنفيذ الخطط وافتعال الأزمات والتقاعس عن أداء الواجب، وربما تصل إلى حد تنفيذ الاغتيالات.
aXA6IDE4LjIyMy4xMjUuMjM2IA== جزيرة ام اند امز