التصالح مع الإخوان.. الماضي "الأليم" يفشل محاولات تزييف الوعي
رغم إغلاق الباب في وجه محاولات عودة "الإخوان" إلى المشهد السياسي في مصر، إلا أن التنظيم "الإرهابي" لم يترك بابا إلا وطرقه، في مسعى منه للولوج من أية ثغرة قد تتاح أمامه.
محاولات عدة تحطمت على صخرة الإرادة السياسية الرافضة للتصالح مع من تلوثت أياديهم بدماء المصريين، وروعوا الآمنين، في أحداث أعقبت إزاحة تنظيم الإخوان من على سدة الحكم في البلد الأفريقي، إبان احتجاجات 2013.
إلا أن دعوات انطلقت مؤخرا تطالب بالتصالح مع تنظيم الإخوان الإرهابي ونسيان الماضي، من أجل "السلم الاجتماعي"، في مخالفة "للإجماع الشعبي الرافض للتعامل مع من حمل السلاح وأراق دماء المصريين".
فما موقف القوى السياسية منها؟
بتصريحات غاضبة، استنكرت القوى السياسية في مصر الدعوات التي حملها مضمون حديث البرلماني السابق أحمد طنطاوي، والذي أعلن عن نيته الترشح للرئاسة، في الاستحقاق الديمقراطي المحدد له عام 2024 موعدا.
يوم السبت، أصدر حزب التجمع بيانا، أعرب فيه عن قلقه البالغ بعد أنباء اجتماع قادة الحركة المدنية مع عضو مجلس النواب السابق أحمد طنطاوي، باعتباره مرشحا محتملا للرئاسة، وما كشف فيه عن نيته وعزمه إعادة تنظيم الإخوان إلى المشهد السياسي مرة أخرى، حال فوزه.
وأكد حزب التجمع موقفه "الثابت والتاريخي" برفض وجود تنظيم الإخوان بأي صورة كانت، مذكرا الجميع بموقف الشعب المصري بخروجه في ثورة 30 يونيو/حزيران 2013، لإسقاط حكم المرشد.
وقال مساعد رئيس حزب التجمع في مصر عماد فؤاد إن حديث طنطاوي مع الحركة المدنية عن إمكانية عودة الإخوان للحياة العامة استفز الحزب، مستنكرا مطالب "إعادة الإخوان بالقانون، في بلد ثار عليهم".
وأوضح السياسي المصري، في تصريحات تلفزيونية، أن "تاريخ الإخوان الدموي والحديث عن عودتهم للحياة العامة تزييف للوعي"، مضيفا "كنا نتوقع أن تعلن الحركة المدنية موقفا حاسما من تصريحات أحمد طنطاوي عن عودة الإخوان".
إجماع شعبي
في السياق نفسه، دعا حزب الجيل الديمقراطي في مصر أحزاب الحركة المدنية وحزبي الكرامة والمحافظين إلى تحديد موقفهما من دعوة طنطاوي بالمصالحة مع "الإخوان".
وأكد حزب الجيل الديمقراطي أن تصريحات طنطاوي تعني "مصالحة تنسى دماء المصريين التي سالت وروت أرض الوطن الغالي في سيناء والوادي، ما يخالف الإجماع الشعبي الرافض للتعامل مع من حمل السلاح وأراق دماء المصريين".
وبحسب البيان، فإن المكتب السياسي لحزب الجيل شدد على "ضرورة اتفاق الأحزاب والتكتلات السياسية الحزبية على عدم التسامح مع من رفعوا السلاح في وجه الوطن وروعوا المواطنين ونشروا الفزع والرعب في كثير من المناطق في طول البلاد وعرضها وتلطخت أياديهم بدماء المصريين، سواء كانوا من أبطال الجيش والشرطة والمواطنين المدنيين، والسماح لهم بالعودة من خلال أشكال جديدة، عبر طي صفحة الماضي ونسيان أحداثها الدامية التي دفع الوطن ثمنا غاليا لها".
وحث حزب الجيل، المرشح الرئاسي المحتمل أحمد طنطاوي، على "مراجعة تصريحاته والعدول عنها"، مؤكدا أن "الشعب لن يقبل المصالحة مع الإخوان وطي صفحة الماضي، ونسيان دماء المصريين التي سالت في السنوات العشر الماضية".
حزب الجيل أكد أنه "من مصلحة طنطاوي نفسه كمرشح رئاسي محتمل ألا يقف في مواجهة الإجماع الوطني الرافض لعودة تلك الجماعة الإرهابية بأشكال جديدة خادعة ومضللة كما فعلت في الماضي".
لا تصالح
بدوره، قال المتحدث باسم حزب العدل معتز الشناوي إن "الماضي مع تنظيم الإخوان لا يمكن طيه، بالإضافة إلى أنه لا يمكن أن نبني مستقبلاً في وجوده"، مؤكدا أنه "لا تصالح مع من تلطخت أياديهم بدماء المصريين".
وفي السياق نفسه، يقول الباحث في شؤون تيارات الإسلام السياسي عمرو فاروق، في تدوينة عبر حسابه بـ"فيسبوك"، إن المتابع لجماعة الإخوان بدقة يجدها منشغلة بتفعيل "تكتيكات العودة"، ومحاولة لملمة ما تبقى من كياناتها التنظيمية، ما يجعل جل اهتمامها منصباً على "لمّ الشمل"، وتطبيق "استراتيجية دار الأرقم"، أو ما يطلق عليه "التربية والدعوة السرية".
وأوضح الباحث في شؤون تيارات الإسلام السياسي أن جماعة الإخوان تحاول صناعة تكوينات فكرية لعناصرها، تطرح خلالها العديد من الإشكاليات التي لحقت بها، وتفنيد تعثرها على المستوى السياسي، والاجتماعي، والتنظيمي، تحت مسمى "المراجعات التنظيمية".
aXA6IDMuMTM4LjEyNS44NiA= جزيرة ام اند امز