الإخوان والبرلمان.. نائب تونسي يضبط لـ"العين الإخبارية" بوصلة المحاسبة والأولويات
أضرار جسيمة ألحقها حكم الإخوان لتونس في إرث مسموم لا يزال يهدد مفاصل الدولة، ويلقي بظلاله على يوميات الشعب.
هذا ما أكده النائب التونسي عبدالرزاق عويدات بمعرض توقفه عند ملفات الساعة بعد نحو عامين على الإطاحة بالتنظيم وبدء مسار إصلاحي لترميم مخلفاته.
وفي مقابلة مع "العين الإخبارية" تطرق عويدات إلى أولويات البرلمان، المتعلقة بتمويل تفاوض عليه تونس مع صندوق النقد الدولي، الملف الذي يثير الكثير من الجدل.
كما يرى أن القوانين المتعلقة باستكمال دور الوظيفة التشريعية تعدّ ذات أولوية بالنسبة لكتلته.
وعويدات هو نائب عن حركة الشعب (قومية)، وعضو بالكتلة البرلمانية "الخط الوطني السيادي" التي خرجت إلى النور مؤخرا وتضم 15 نائبا من نواب حركة الشعب وحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد "الوطد" (يسار)، إلى جانب نواب مستقلين.
المحاسبة
يؤكد عويدات أن الإخوان أضروا بتونس ومصالح شعبها، داعيا إلى ضرورة محاسبتهم.
ويقول إن "المنظومة السابقة التي حكمت تونس أضرت بالبلاد وبمصالح شعبها ولا بد من محاسبتها"، حاثا على ضرورة خلق منظومات بديلة تحمل خيارات اقتصادية واجتماعية تقضي على الفساد وتحمي المال العام.
وأضاف: "أما بالنسبة لقيادات الإخوان أو حلفائهم الذين تورطوا في الفساد والإرهاب، فإن الأمر موكول للقضاء وهو القادر على حسم تلك الأمور".
ومستدركا، أردف قائلا: "نحن ندعو لتغيير تلك المنظومة وإرساء قيم العدل وتغيير منظومة الاقتصاد الريعي الفاشل والفاسد وتعويضه باقتصاد يثمن قيمة العمل ويخلق الإنتاجية".
وأكد أن حركة الشعب متمسكة بمسار 25 يوليو/تموز 2021 الذي يقوده الرئيس قيس سعيد، والذي شمل إزاحة برلمان الإخوان وإقالة حكومة هشام المشيشي، مع الإصرار على ممارسة النقد من أجل إنجاح المسار وليس من أجل تعطيله.
وشدد النائب على أن الحركة تتموقع داخل المسار وليس خارجه.
كما طالب بضرورة تشكيل حكومة جديدة بدلا من حكومة رئيسة الوزراء نجلاء بودن "تكون لها استراتيجية ورؤية واضحة وعدم الاكتفاء برد الفعل على معطيات الواقع، وتكون منفتحة على الأفراد أو الأحزاب المؤمنة بمسار 25 يوليو/تموز".
أولويات البرلمان
بالمقابلة نفسها، اعتبر عويدات أن مسألة العلاقة بين صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والوضعية الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها تونس من أولويات البرلمان، باعتبارها من أولويات الشعب.
وأشار إلى أن القوانين المتعلقة باستكمال دور الوظيفة التشريعية تعدّ ذات أولوية بالنسبة لكتلته، مضيفا أن "الواقع الاقتصادي والمالي للبلاد يفرض على البرلمان بعض الأمور بما فيها المصادقة على القروض".
وأوضح أنّ المنطق القانوني والتشريعي يفرض وضع مشروعي قانون المحكمة الدستورية ومجلس الجهات والأقاليم ضمن أولويات عمل البرلمان.
واعترف قائلا: "إن واقع البلاد يفرض بعض الأمور، نظرا للوضع المالي والاقتصادي واستحقاقات التوريد وسداد الديون الخارجية".
مس بالسيادة
وبخصوص ملف التمويل، يقول عويدات إن صندوق النقد الدولي بصدد الضغط على تونس للتخلي عن القطاع العام، مُشدّدا على أنّ "الإملاءات والشروط التي وضعها تُعتبر مسًّا بالسيادة الوطنية".
وبالنسبة له، فإن "صندوق النقد الدولي يريد من تونس أن تلتزم بالخيار الرأسمالي المتوحش، في حين أن الرئيس قيس سعيد يرى أن أي تحول لهذا المسار مرفوض، وهو متشبث بخيار الاقتصاد التضامني والاجتماعي".
ولفت إلى أنّ "صندوق النقد لم يُوافق على القرض، لأنّه لم يجد الضمانات التي يرغب بها على غرار بيع المؤسسات الحكومية ورفع الدعم"، معتبرا أنّ "هذه الشروط تُمثّل تدخّلاً في الشأن الداخلي لتونس".
وتابع قائلا إن "حكومة يوسف الشاهد أخلّت سابقا بالتزاماتها مع صندوق النقد ومع ذلك واصل الصندوق التعامل مع تونس، إلاّ أنّه لم يعد يقبل بسياستنا اليوم لأنه متأكد من أن مسار قيس سعيد يلتزم بخيار الاقتصاد التضامني والاجتماعي".
وأكد أن الرئيس سعيّد يرفض رفضاً قاطعاً الموافقة على بيع القطاع العام.
وتفاوض تونس من أجل الحصول على تمويل بقيمة 1.9 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، الذي يفرض شروطا تتمثل في رفع الدعم وخصخصة المؤسسات الحكومية، في حين يرى الرئيس التونسي قيس سعيد أن هذه الشروط إملاءات تهدد السلم الاجتماعي.
والإثنين الماضي، جدد الرئيس التونسي رفضه أي إملاءات من صندوق النقد الدولي، مشيرا إلى أن الذين يقدمون الوصفات الجاهزة أشبه بالطبيب الذي يكتب وصفة دواء قبل أن يُشخّص المرض.
وأكد سعيد أن "ما يطلبه صندوق النقد سيفجر الأوضاع التي لن تمس بالسلم الأهلي في تونس فحسب، بل ستطال آثارها المنطقة كلها دون استثناء".
مقترح إصلاح
عويدات قال أيضا إن كتلته قدمت منذ أسبوع مقترح قانون لرئاسة البرلمان، يتمثل في استحداث صندوق للإصلاح التربوي يمول داخليّا.وأضاف أن تمويلات الصندوق ستكون بالأساس من مساهمات الدولة ومن تبرعات التونسيين ومن نسبة 0,5% من عائدات المؤسسات التي تتعامل مع قطاع التربية.
وأشار إلى أن عائدات الصندوق سيتم صرفها على إصلاح المؤسسات التربوية، وقال "لا يمكن أن نجلب هذه الأموال من قروض أو هبات تكون مشروطة"، مؤكدا أن الإصلاح التربوي لا يكون إلا بمجهودات تونسية.
وفي السابع من أبريل/نيسان الماضي قرر الرئيس قيس سعيّد تشكيل لجنة مكلفة بإعداد مشروع لإصلاح التربية والتعليم، تضمّ في عضويتها ممثلين عن الوزارات المعنية ومتخصصين في علم الاجتماع.
ويعاني قطاع التعليم في تونس من ضعف الإمكانيات واهتراء جزء من البنية التحتية للمؤسسات، بالإضافة إلى ارتفاع قياسي في عدد التلاميذ المنقطعين عن التعليم.