سقوط ورقة الإخوان.. بيئة مواتية للتفاوض بين مصر وتركيا
فتحت المصافحة "التاريخية" بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، الباب أمام مسار جديد لتطبيع العلاقات، فيما قطعت الطريق نهائيا أمام تنظيم الإخوان
التحرك التركي السريع نحو مصر أسقط من حساباته تماما الرهان على التنظيم الإرهابي، كورقة يمكن التعويل عليها، بعدما تدارك خطأ حساباته القديمة، بحسب خبراء سياسيين من مصر وتركيا.
هؤلاء الخبراء قالوا في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية"، إن تحسين العلاقات بين الدولتين يبدو معقدا، لا سيما في النقاط الخلافية سواء بالملف الليبي أو شرق المتوسط، مستدركين:" لكن البيئة التفاوضية باتت الآن أفضل مما كانت عليه قبل المصافحة، بعد نقل مستوى الحديث إلى مستوى القمة ما سيسهل أمور عديدة، ويزيل حواجز كثيرة"
وعلى هامش حفل افتتاح كأس العالم لكرة القدم في العاصمة القطرية الدوحة، صافح أردوغان الرئيس المصري للمرة الأولى منذ توتر العلاقات بين البلدين العام 2013.
بداية لتطوير العلاقات
وفي تعليق لافت، صرح السفير بسام راضي المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، الاثنين، بأن الرئيس السيسي تصافح مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان بالدوحة، مشيرا إلى أنه تم التأكيد المتبادل على عمق الروابط التاريخية التي تربط البلدين والشعبين، كما تم التوافق على أن تكون تلك بداية لتطوير العلاقات الثنائية بين الجانبين
ومن جهته، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تصريحات سابقة، أن بلاده تريد أن تكون الاجتماعات مع مصر على مستوى أعلى واستئناف المحادثات بين البلدين، معتبرا أن المصافحة التي جرت بينه ونظيره المصري خطوة أولى على طريق تطبيع العلاقات.
وطالب الرئيس التركي من القاهرة "تغيير في الموقف" من أجل السلام في البحر المتوسط، ويشير أردوغان على ما يبدو إلى دعم القاهرة حقوق اليونان وقبرص في احتياطات نفط وغاز شرق المتوسط، تقول تركيا إن بعض حقوله داخل مياهها الإقليمية.
فشل الرهان على الإخوان
"الإخوان لم تعد ورقة يمكن الرهان عليها"، هكذا قرأ الدكتور بشير عبد الفتاح الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجي، التصريحات الصادرة عن الرئيس التركي.
وقال عبد الفتاح في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن أردوغان اتخذ القرار بأن جماعة الإخوان لم تعد ورقة يمكن الرهان عليها، بعدما فشل الرهان عليها، وانقسامها لأكثر من جماعة، ولم تعد أيضا بذات الأهمية التي كانت عليها منذ سنوات قليلة مضت.
وأشار إلى أن "موضوع الإخوان تراجع ولم يعد يحمل أولوية قصوى بالنسبة لمصر، لأن الجماعة أصبحت محاصرة بمشاكلها الداخلية، بعدما كان ملف الجماعة في فترة من الفترات بين مصر وتركيا رقم واحد، ولكنه تراجع حاليا للمركز الثالث، وتقدمت ملفات ليبيا، وشرق المتوسط.
حياة أو موت
وفي رده على دلالات طلب الرئيس التركي من القاهرة "تغيير في الموقف" في شرق البحر المتوسط، قال الخبير المصري، عقب استقرار الأوضاع في ليبيا، أصبح شرق المتوسط مسألة حياة أو موت بالنسبة لتركيا، لأنها دولة متوسطية وأطول حدود بحرية على البحر المتوسط لكن حدودها تخلو من النفط والغاز.
أنقرة تريد، والحديث لـ"عبد الفتاح"، توسعة الحدود، أو المشاركة مع قبرص أو اليونان أو ليبيا في حقول الغاز أو النفط، أو الحصول على الغاز من شرق المتوسط بأسعار مخفضة، بحيث تحصل على أي مكاسب من غاز ونفط شرق المتوسط.
وترغب أنقرة أيضا في توسط مصر مع ليبيا وقبرص واليونان حتى يكون الوضع التركي قانونياً وشرعياً ويكون لها دور في النفط والغاز، وألا يكون هناك إجماع في شرق المتوسط على إبعاد تركيا، وفقا للخبير المصري الذي أكد أن بلاده لا يمكن أن تتحرك بمفردها لكن لا بد من تنسيق مع قبرص واليونان وإسرائيل وغيرها.
هل ستستجيب أنقرة؟
وبسؤاله عن الخطوة المقبلة نحو تطبيع العلاقات عقب لقاء الرئيسين، أجاب "عبد الفتاح" بأن الأمر يتوقف على مدى استجابة أنقرة للمطالب المصرية الخاصة بليبيا وشرق المتوسط ووقف التدخلات في سوريا والعراق.
وأبرز أن "الأمور تبدو معقدة والحيز الذي يتحرك فيه أردوغان محدود من أجل الانتخابات، حيث أكل تحرك يفعله يضع نصب عينيه الانتخابات البرلمانية والرئاسية في يونيو/حزيران المقبل، وبالتالي سيكون حذراً بشكل كبير.
وفي المقابل، فإن هناك نقاط خلاف عديدة أعتقد أنها ستحتاج لوقت وثقة حتى يمكن تجاوزها، حيث إن لدى القاهرة حسابات مع قبرص واليونان ومصالحها في ليبيا.
بيئة تفاوضية مناسبة
وعاد عبد الفتاح ليستدرك "لكن البيئة التفاوضية الآن أفضل مما كانت عليه قبل اللقاء، ونقل العلاقات إلى مستوى القمة سيسهل أشياء كثيرة ويزيل حواجز كثيرة؛ لذا أعتقد أن المرحلة المقبلة ستكون أكثر مرونة مما مضى".
ومما استرعى انتباه الخبير بمركز الأهرام، تأخير تعليق مصر على المصافحة التي جرت أمس بالدوحة، قائلا : "التأخير يعكس تروي الموقف المصري، ويبين أن القاهرة ليست على عجلة في التقارب مع تركيا، وأنها ستظل متمسكة بالأسس والقواعد والمبادئ التي وضعتها من أجل التقارب مع أنقرة".
ومن جهته، قال المحلل السياسي التركي فراس رضوان أوغلو، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن تصريحات أردوغان اليوم، تأتي في إطار المصالح التركية الكبيرة التي ستجنيها من تطوير العلاقات مع مصر.
ورأى رضوان أوغلو، أن أردوغان يسعى للتقارب من مدخل اقتصادي وتجاري، وهناك مصالح تجارية مشتركة عديدة بين البلدين بعيدا عن الأمور السياسية"، متابعا : "حتى منطقة التنقيب التي تم الاتفاق عليها بين تركيا وليبيا يمكن أن تشارك مصر فيها".
تخفيف الارتباط باليونان
ولفت فراس رضوان إلى أن نجاح تركيا في استعادة علاقاتها مع إسرائيل ودولة الإمارات والسعودية خفف كثيرا من الضغط عليها، لذا تسعى من جديد لتطوير علاقاتها بالقاهرة، مشيرا إلى أن أنقرة تسعى لتخفيف حدة الارتباط بين مصر واليونان، وإيجاد رؤية مشتركة بشأن تخفيف التحالف بينهما في ملفات الطاقة وليبيا.
وكان السفير محمد العرابي، وزير خارجية مصر الأسبق، قد رأى أن لقاء (الرئيس السيسي وأردوغان) هو بمثابة "اختراق كبير للعلاقات بين الدولتين، والبداية الصحيحة للمسار الجديد الذي يمكن البناء عليه".
وقال العرابي في حديث سابق لـ"العين الإخبارية": "لقاء اليوم بين الرئيسين المصري والتركي هو الأساس الذي يمكن البناء عليه، وقبل ذلك كان الأمر مجرد محادثات استكشافية"، مضيفا "اليوم عرف أردوغان أين عنوان مصر، وهو أمر يمكن أن يتم البناء عليه".
وأشار إلى أن ما حدث اليوم هو بداية صحيحة لعودة العلاقات بين القاهرة وأنقرة، مؤكدا أن طريق تطبيع العلاقات لا يزال طويلا.
وأشار إلى أن "اللقاء لم يكن متوقعا بالطبع"، ووصفه بـ"لقاء قمة يشير إلى أن هناك مباحثات تجرى وتبادل لوجهات النظر".
aXA6IDMuMTQ3LjcxLjE3NSA= جزيرة ام اند امز