ذهب السودان وخطوط غاز سيناء.. درب الإخوان من النهب للخراب (3-3)
القاهرة محطة أولى في مسار ينطلق من الخرطوم إلى الحدود السودانية المصرية ليمر في صحراء سيناء إلى الأنفاق
تواصل "العين الإخبارية" في الحلقة الثالثة والأخيرة كشف آلية إدارة الإمبراطورية المالية لجماعة الإخوان الإرهابية بمصر، بالتطرق إلى الذهب القادم من السودان، وكيفية تهريب الملايين خارج البلاد.
عبر حقائب وطرود كرتونية مرر تنظيم الإخوان الإرهابي ملايين الدولارات من بوابات الخدمة المميزة (vip) بمطار القاهرة الدولي باعتبارها حقائب خاصة بمستثمرين ورجال أعمال، فيما كان عناصره ينشطون بالقدر نفسه من أجل تهريب الذهب الخام من السودان للقاهرة، بحسب وثائق التحقيقات في القضية 721 حصر أمن الدولة العليا.
كانت القاهرة محطة أولى في مسار ينطلق من الخرطوم إلى الحدود السودانية المصرية ليمر في صحراء سيناء إلى الأنفاق على الحدود بين العريش وقطاع غزة وبالعكس.
درب إخواني يبدأ بالنهب من بلد عربي وينتهي بالخراب في بلد عربي آخر بعون من عناصرها في بلد عربي ثالث، هكذا ترسم الجماعة فكرتها عن الوحدة.
ومن مناجمه في شرق وشمال السودان يصل الذهب الخام إلى الخرطوم، مهربا تحت ضغط فساد نخبه إخوانية هيمنت على حكم الخرطوم على مدار 3 عقود، ليباع هناك لمشتر يستعين بمهربين لعبور الحدود المصرية السودانية.
ويقول رئيس شعبة مصدري الذهب في السودان عبدالمنعم صديق إن ما نسبته 70% من إنتاج الذهب في السودان يهرب إلى مصر عبر الطريق البري بحسب موقع روسيا اليوم الإخباري.
ويروي أحد تجار الذهب للموقع نفسه تفاصيل عملية وضع وإخراج ما بين 3 و5 كيلوجرامات من الذهب داخل رحم ناقة ولفها بقطعة من القماش "الدبوكة" بواسطة رعاة الإبل الذين يستخدمهم مهربو المعدن النفيس.
تسيل الذهب بمصر
تجارة رائجة نعرف اليوم وقائع إحدى صفقاتها، حيث تشير أوراق التحقيق في قضية "الإضرار بالاقتصاد المصري"، إلى ضلوع عطوة أبورياش، حسن سلامة، أحمد ميراز، وشقيقه محمد، وهم من عناصر جماعة الإخوان بمساعدة كل من عزت عبدالهادي (عزت حلاوة)، رضا عبدالله (رضا الروبي) في عقد صفة لشراء 150 كيلوجراما من ذهب السودان.
وبحسب أوراق القضية، يتولى الأخوان ميراز اللذان يملكان شركة "نوران" للمصوغات الذهبية في القاهرة أمر الذهب. وفي ورشة للشركة يتكفّل كرم عبدالوهاب وفاتن إسماعيل بإذابة الخام وصبه في صورة سبائك وختمه بالعيار المناسب قبل بيعه لعدد من تجار الصاغة.
عوائد الذهب المهرب من السودان لا تستقر طويلا في خزائن شركة "نوران" المغلقة في الوقت الحالي بأمر من النيابة العامة المصرية، إذ سرعان ما تجد طريقها إلى شرق البلاد في رحلة تنتهي في قطاع غزة، حيث تعقد الجماعة الإرهابية صفقات لشراء أسلحة من حركة حماس.
من تولى مسؤولية نقل الذهب إلى حماس؟
وبحسب نص التحقيقات التي أجريت مع المتهمين تقول أوراق القضية 721 حصر أمن الدولة العليا إن "كرم عبدالوهاب وفاتن إسماعيل تمكنا من جلب كمية كبيرة من السبائك الذهبية من دولة السودان عن طريق متجر النوران للمصوغات الذهبية، المملوك للأخير ثم تهريب الذهب والأموال عبر الأنفاق لحركة حماس مطلع عام 2014 تمهيدًا لإمداد الأخيرة الجماعات الإرهابية بشمال سيناء بالأسلحة والمفرقعات للسيطرة على محافظة شمال سيناء".
وترتبط حركة حماس بتنظيم الإخوان فكريا وتنظيميا، وخلال سنوات ما سمي بالربيع العربي كانت وفود الحركة تلتقي مرشد الجماعة محمد بديع في حصن التنظيم بجبل المقطم شرق القاهرة.
كما لعبت عناصر حماس دورا حاسما ليلة 28 يناير/كانون الثاني 2011 حينما بادروا بالتنسيق مع قيادة الجماعة في القاهرة باقتحام سجن وادي النطرون، حيث كانت السلطات المصرية تتحفظ على قيادات في الجماعة من بينهم محمد مرسي الذي سيدفع به الإخوان بعد عام لحكم البلاد.
وكشفت وثائق القضية المعروفة إعلاميا باسم "الإضرار بالاقتصاد المصري" معلومات جديدة عن التعاون بين حركة حماس والإخوان لتمويل الإرهاب في مصر.
ورغم الاتهامات التي توجهها القاهرة لحماس، حافظت القاهرة على علاقات جيدة بالحركة لصون مصالح الشعب الفلسطيني، كما رعت اتفاق المصالحة بينها وبين فتح وهو الاتفاق الذي وقع في العاصمة المصرية عام 2017، وتدخلت عدة مرات لإقرار التهدئة في غزة مع وصول الاعتداءات العسكرية الإسرائيلية على القطاع إلى شفير الحرب.
ويقول مراقبون إنه بسبب من إصرار القاهرة على تحييد القضية الفلسطينية عن طبيعة الصراع مع تنظيم الإخوان الإرهابي نادرا ما أعلنت السلطات في مصر صراحة عن دور للحركة في العمليات الإرهابية التي تفجرت في البلاد عقب عزل مرسي.
وكان اغتيال النائب العام المصري هشام بركات واحدا من تلك الاستثناءات حينما اتهمت مصر قيادات تنظيم الإخوان المحظورة في الخارج بالتآمر مع متشددين من حماس لاغتياله.
وقتل بركات (64 عاما) في تفجير استهدف موكبه بالقاهرة في يونيو/حزيران عام 2015 وهو أكبر مسؤول مصري يقتل على يد التنظيمات الإرهابية منذ عزل الإخوان في 2013.
وقال وزير الداخلية المصري حينها، مجدي عبدالغفار، إن جماعة الإخوان تقف وراء عملية الاغتيال، واتهم حماس بلعب ما قال إنه "دور كبير جدا" في الحادث.
وأدين قادة جماعة الإخوان في قضية عرفت إعلاميا بـ"التخابر مع حماس" والتي صدر الحكم الأول فيها عام 2015 قبل أن تصدر أحكامها النهائية العام الجاري. وتوثق أوراق القضية ضلوع الجماعة بمساعدة حماس خلف العمليات الإرهابية في سيناء.
وتشير أوراق قضية اغتيال بركات إلى أن دور حماس تمثل في تدريب شباب الجماعة على تنفيذ عمليات نوعية، وعلى ما يبدو كان هؤلاء العناصر وراء العمليات التي نفذها كوادر الإخوان في محافظات مصر المختلفة، وإن ظل شمال سيناء يحتفظ بخصوصيتها في أجندتهم الإرهابية.
وخلال السنوات الماضية عانت سيناء من نوعين من العمليات الإرهابية؛ الأول ارتبط بالمواجهة المفتوحة بين الإخوان وقوات الجيش والشرطة، لكن النوع الآخر ارتبط بمحاولات الجماعة التأثير على اقتصاد البلاد.
وكان الإخواني فارس عبدالجواد الذي كان مفتاح اللغز الذي قاد إلى معرفة شبكة تهريب الدولار كلمة السر في الاطلاع على دور الجماعة في إرباك المشهد السياسي بالضغط على اقتصاد البلاد.
وبحسب أوراق القضية 721 حصر أمن الدولة العليا فقد عثر بحوزة عبدالجواد على ملف مكون من 6 ورقات يشمل خطة عمل اللجان النوعية المسؤولة عن العمل المسلح بالتنظيم لمدة 3 أشهر بالقطاعات الجغرافية المختلفة، وملزمة مكونة من 14 ورقة بها أسماء شركات بدول خليجية، وشركات أخرى في الولايات المتحدة، وبها ملحق خريطة خطوط الغاز في سيناء.
وخلال السنوات من مطلع 2011 وحتى بداية 2016 تعرضت خطوط الغاز في سيناء إلى 30 عملية تفجير، استهدفت خطوط الغاز الرئيسية بمدينة العريش، والشيخ زويد، وخط الغاز المتجه للأردن وإسرائيل والمنطقة الصناعية.
وتقول مصادر أمنية مطلعة لـ"العين الإخبارية" إن الجماعة الإرهابية وزعت خريطة خطوط الغاز المصري على قيادات العمل النوعي وأرسلت نسخة منها لحركة حماس والتنظيمات الإرهابية في شمال سيناء؛ لتنفيذ مخططات تفجير تلك الخطوط للضغط على الدولة المصرية وتنفيذ مخططات خاصة بالتنظيم.
وثائق العمل النوعي من داخل خزينة قيادات الجماعة
الوثائق التي عثر عليها بمنزل قيادات الإخوان بعد عام 2014 تؤكد وقوف التنظيم خلف جميع العمليات الإرهابية التي وقعت في مصر خلال السنوات الست الماضية.
وعثرت الأجهزة الأمنية بمنزل القيادي الإخواني حسن مالك على عدة مستندات تمثل خريطة عمل الجماعة في الفترة ما بعد 2013، أبرزها مذكرة بعنوان "التحفظات العشرة على فكرة استخدام العنف المقيد بهدف تحقيق الردع والإرباك للانقلابيين في ضوء واقع الحراك الثوري في مصر"، "ملاحظات على مشروع الخطة الجديدة للجماعة"، ورقتان مطبوعتان بعنوان "حالة النجاح في كسر الانقلاب وقيادة الثورة للمجتمع وثقة بالمشروع الإسلامي والجماعة والاستعداد للمستقبل"، فضلًا عن 3 ورقات مطبوعة بعنوان "الإخوان وخلخلة المشهد الراهن".
وقال مصدر أمني إن مذكرة تحمل عنوان "واجبات الأفراد في التصعيد الثوري الاقتصادي" قادت الأمن المصري إلى كشف مخطط الإضرار بالاقتصاد القومي.
حرب شنها التنظيم الإرهابي على اقتصاد مصر لهدم المعبد بعد أن أيقن قادته أن الأمل في استيعابهم مجددا داخل المشهد في البلاد بات دربا من الخيال.
حرب تكشفت في أوراق القضية التي كان أحد أبرز أحرازها مذكرة تحمل عنوان "واجبات الأفراد في التصعيد الثوري الاقتصادي" كشفت مخطط الإضرار بالاقتصاد القومي المصري.
aXA6IDMuMTQyLjIwMC4xMDIg
جزيرة ام اند امز