سقوط مُدو لإخوان تونس.. «النهضة» على وشك الحظر

منذ 25 يوليو/تموز 2021 اندثرت أحزاب الإسلام السياسي في تونس إثر الإطاحة ببرلمان الإخوان، ولم يتبقَّ سوى حزب "حركة النهضة" الإخواني الذي يواجه قضايا متعددة.
وانحسر دور هذا الحزب الإخواني على الساحة السياسية التونسية بعد غلق مقارِّه ومنع اجتماعاته، إضافة إلى سجن قياداته البارزة من الصفين الأول والثاني بعد إدانتهم في جرائم إرهابية.
فحركة النهضة التي كانت لاعبا رئيسيا في الحكم بتونس منذ 2011، تلاحقها اتهامات أمام القضاء بالاغتيالات السياسية والإرهاب واختراق أجهزة الدولة.
ويرى مراقبون أن الإسلام السياسي انتهى في تونس، وأن التشريعات موجودة لحل هذا الحزب ومنعه من النشاط السياسي، لكن الإدارة السياسية تتمهل في تنفيذ قرار الحل نظرًا إلى أنها تريد كشفَ وفضحَ جرائم حزب النهضة أمام الشعب التونسي كي لا يلعب دور الضحية ويتسلح بخطاب المظلومية.
وأوضح مراقبون أنه بالاحتكام إلى القانون المنظم للأحزاب السياسية في البلاد الصادر سنة 2019، والأحكام الصادرة في حق أعضائه، فإن حزب النهضة يمكن حظره وحلّه.
ويوم السبت الماضي، قضت المحكمة الابتدائية بتونس بالسجن النافذ ما بين 13 و66 عامًا على المتهمين، وأدينوا بدرجات متفاوتة بتهم أبرزها "التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي" و"تكوين وفاق إرهابي له علاقة بالجرائم الإرهابية والانضمام إليه".
أستاذ القانون والمحلل السياسي التونسي زياد القاسمي قال إن "الفصل السابع في القانون المنظم للأحزاب السياسية الصادر سنة 2019 يمنع الحزب السياسي أن يعتمد في نظامه الأساسي أو في برامجه أو في نشاطه أو في بياناته الدعوةَ إلى العنف أو الكراهية أو التعصب أو التمييز بجميع أشكاله، أو تهديد وحدة الدولة أو نظامها الجمهوري أو الديمقراطي".
وأكد القاسمي لـ"العين الإخبارية" أن كل هذه المحاذير وقع فيها حزب حركة النهضة الإخواني، لذلك تم منع نشاطه واجتماعاته، وتم غلق جميع مقارِّه في كافة أنحاء البلاد منذ أبريل/نيسان 2023.
وقال إن "حركة النهضة تزعم منذ عقد مؤتمرها العاشر في مايو/أيار 2016 أنها تخلت عن الجانب الدعوي والديني وتخصصت في العمل السياسي، لكن الحقيقة أن النهضة لم تتخلَّ عن عقيدة حزبها وأفكار جماعة الإخوان المتطرفة".
وأضاف أن حلَّ هذا الحزب ومنعه من النشاط السياسي مسألة وقت، لأن الإدارة السياسية للرئيس قيس سعيد تريد كشفَ وفضحَ حجم جرائم حزب النهضة أمام الشعب التونسي كي لا يلعب دور الضحية.
نبذ شعبي
من جهة أخرى، قال الناشط والمحلل السياسي التونسي نبيل غواري إن ظاهرة الإسلام السياسي عمرها في تونس أكثر من 50 سنة منذ تأسيس الحركة الإسلامية سنة 1972، وباتت تسمى "الجماعة الإسلامية"، وشارك في تأسيسها راشد الغنوشي وعبدالفتاح مورو والمنصف بن سالم، والتحق بهم فيما بعد كثيرون منهم علي العريض، واقتصر نشاطها في البداية على الجانب الفكري والدعوي.
وأوضح غواري لـ"العين الإخبارية" أنه سرعان ما تم اعتقال قياداتها في مراحل متعددة منذ نشأتها، كان آخرها الحملة الواسعة التي شنها نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في عام 1991 بعد تورطهم في عمليات حرق لمراكز الأمن وارتكاب عمليات قتل.
وقال إنه "بعد 2011 وسقوط نظام بن علي عادوا رافعين شعار الدين لينتقموا من البلاد وشعبها، وقسموا الغنائم فيما بينهم وعاثوا فسادًا وتورطوا في الاغتيالات السياسية وتسفير الإرهابيين إلى بؤر التوتر، ما دفع بالرئيس قيس سعيد في 25 يوليو/تموز 2021 إلى إيقاف هذا التنظيم عند حده وتطهير البلاد من براثنه".
وأكد أن الشعب التونسي لفظ هذا الحزب بعد تفطنه للحجم الهائل من الجرائم، ما زاد في تضييق الخناق على التنظيم حيث خسر خزانه الانتخابي وقاعدته الجماهيرية.
وأوضح أن كل هذه الخسائر جعلت من الإخوان وحزبهم في خانة المنبوذين شعبيا وسياسيا، مشيرًا إلى أنه رغم حظر نشاط حركة النهضة قانونيًا، فإن عناصرها ما يزالون ينشطون ويعقدون المؤتمرات الصحفية بكل حرية، مختبئين تحت غطاء جبهة الخلاص الإخوانية والتي يقودها أحمد نجيب الشابي.
وقال إن "الفصل 56 من قانون الأحزاب السياسية لسنة 2019 ينص على أنه 'يُحلُّ الحزب السياسي بحكم قضائي إذا قَبِل تمويلًا أجنبيًا أو خالف الفصل 7 من هذا القانون أو لم ينشر قوائمه المالية وتقرير مراقبة حساباته لثلاث سنوات متتالية بعد انقضاء آجال النشر'، وهو ما فعلته حركة النهضة، ولكن رغم ذلك لم يتم حل الحزب لأن الإدارة السياسية ترى أن المنع أو الحل أو التصنيف كحزب إرهابي خطوات ليس لها أي قيمة بعد زوال هذا الحزب وسجن قياداته ومنع أنشطته".
وفي مايو/أيار 2024، حكم القضاء التونسي بالسجن 3 سنوات في تونس بحق راشد الغنوشي زعيم الإخوان، وغرامة مالية بحقه، في قضية تتعلق بتمويلات أجنبية.
وجاء الحكم في القضية التي تعرف إعلاميًا بقضية "اللوبينغ" أو التمويل الأجنبي المرفوعة ضد حركة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي (مسجون حاليا) وصهره رفيق عبد السلام (فارٌّ حاليا).
وفي تقريرها العام حول نتائج مراقبة تمويل الحملات الدعائية للانتخابات الرئاسية السابقة والتشريعية لعام 2019، رصدت محكمة المحاسبات أن حركة النّهضة تعاقدت في 2014 مع شركة الدعاية والضغط BCW الأمريكية لمدّة 4 سنوات بمبلغ قدره 285 ألف دولار.
وجرى تجديد هذا العقد من 16 يوليو/تموز 2019 إلى 17 ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه، بمبلغ قدره 187 ألف دولار، ما اعتبرته المحكمة "شبهة تمويل أجنبي" بنص الفصل 163 من القانون الانتخابي.
aXA6IDE4LjE4OC43LjI1NCA= جزيرة ام اند امز