تونس على طريق حظر «النهضة» الإخوانية.. القضاء يمهد والتشريعات تتأهب

بشكل عملي انطوت صفحة حركة النهضة الإخوانية من تاريخ وحاضر ومستقبل تونس، فأغلب قياداتها في السجون وصدر في حقهم الأحكام المشددة.
ويرى خبراء ومراقبون للمشهد السياسي التونسي تحدثت إليهم «العين الإخبارية» أن الأحكام المشددة بالسجن التي تراوحت بين 13 و66 عامًا بحق العشرات من قادتها، في «قضية التآمر على أمن الدولة»، تمهد إلى تصنيف جماعة الإخوان إرهابية خاصة مع المبادرة البرلمانية الداعية إلى ذلك.
- إخوان تونس و«التآمر».. خبيران يتعقبان لـ«العين الإخبارية» خيوط «بيت العنكبوت»
- نور الدين البحيري.. ذراع الغنوشي الأمنية بمقصلة «التآمر على تونس»
ومن بين المحكوم عليهم شخصيات بارزة من حركة «النهضة» الإخوانية، مثل نور الدين البحيري وقيادي إخواني من الصف الأول ووزير العدل الأسبق، حيث حكم عليه بالسجن لـ43 عاما.
وأيضا عبد الحميد الجلاصي، وهو أيضا قيادي بارز سابق في الحركة، وحكم عليه بالسجن لمدة 13 عاما.
وتعد «قضية التآمر على أمن الدولة» من أبرز ملفات المحاسبة القضائية التي طالت رموز التنظيم الإخواني منذ تولي الرئيس قيس سعيد السلطة في يوليو/تموز 2021.
القرارات القضائية الصادرة فجر السبت لا تقتصر على إسقاط النخب القيادية لحركة النهضة، بل فتحت الباب على مصراعيه أمام جدل سياسي واسع حول ضرورة حل الحركة نهائيًا وتصنيفها تنظيمًا إرهابيًا.
خصوصًا في ظل المبادرات البرلمانية التي بدأت تتبلور في هذا الاتجاه داخل أروقة مجلس النواب.
أحكام تنهي «وهم العودة»
المحلل السياسي التونسي عمر اليفرني أكد في حديث خاص لـ«العين الإخبارية» أن الأحكام الأخيرة «عصفت بأوهام الإخوان في العودة للحكم».
وأشار إلى أن ما حدث هو نتيجة «تراكم ملفات تورّط النهضة في قضايا إرهابية وأمنية، أبرزها محاولة اغتيال الرئيس قيس سعيد، التي يُنتظر أن يصدر فيها الحكم في مايو المقبل، وقد تصل عقوبتها إلى الإعدام».
ولفت اليفرني إلى أن «هذه الأحكام تعزز من فرضية تصنيف النهضة كحزب إرهابي، لاسيما وأن رئيسها راشد الغنوشي صدرت ضده عدة أحكام بينها 22 سنة في قضية التخابر و5 سنوات في ملف التمويل الأجنبي».
كما أشار إلى أن «الحركة متورطة أيضًا في ملفات الاغتيالات السياسية وتسفير الشباب إلى بؤر التوتر».
وبحسب رأيه، فإن «وجود أغلب قيادات الحركة داخل السجون جعل الإخوان بلا قدرة على التأثير أو إدارة الصراعات السياسية، وفقدوا أدواتهم الأساسية: الإعلام، والتمويل، والتحالفات»، مضيفًا أن «الحل القانوني لحركة النهضة بات مطلبًا شعبيًا لا يمكن تجاهله».
تصنيف قانوني مرتقب
من جهته، قال المحلل السياسي عبد الرزاق الرايس، في تصريح لـ«العين الإخبارية»، إن «النهضة انتهت سياسيًا وشعبيًا، وسقوطها القانوني مسألة وقت فقط».
وأوصح أن ما يجري من تحقيقات وإجراءات أمنية وقضائية شاملة، مثل غلق المقرات ومنع الاجتماعات، يشير إلى أن الدولة ماضية نحو تفكيك ما تبقى من شبكة الحركة.
وأشار الرايس إلى أن «قرار حل النهضة قد لا يكون بالأهمية التي يُظن بها، لأن الحركة أصبحت كيانًا فاقدًا للوظيفة السياسية، غير أن عملية التصنيف الإرهابي قد تحمل أبعادًا قانونية أوسع، من حيث ملاحقة رموزها ومنعها من النشاط بأي صفة مستقبلًا».
مبادرة برلمانية للحسم
في موازاة المسار القضائي، تقدّمت مجموعة من النواب بلائحة سياسية إلى البرلمان تطالب بحل حركة النهضة وتصنيفها تنظيمًا إرهابيًا.
وقد جاء في هذه اللائحة أن «تفكيك منظومة الخراب» التي ارتبطت بالنهضة هو أحد الشروط الأساسية لبناء الدولة واستعادة المؤسسات الوطنية من الاختراقات، داعيةً كل مؤسسات الدولة، بما فيها البرلمان، للانخراط الكامل في هذا المسار.
ووفق فحوى اللائحة، فإن حركة النهضة تضم في صفوفها قيادات متورطة بتلقي تمويلات مشبوهة من جهات أجنبية، ومرتبطة بـ«الجهاز السري» المسؤول عن الاغتيالات السياسية وعمليات التسفير والإرهاب العابر للحدود.
محطة تاريخية
وبحسب الخبراء، فإن ما يمر به المشهد التونسي حاليًا لا يُعد مجرد محاكمة تنظيم سياسي، بل يمثل محطة مفصلية في تاريخ العدالة الانتقالية في البلاد.
وبينما يواصل القضاء التونسي تطهير المؤسسات من بقايا عشرية «الإخوان»، تتعزز القناعة الشعبية والنخبوية بأن ما تبقى من حركة النهضة لم يعد يمتلك شرعية قانونية أو أخلاقية أو سياسية.
وبحسب المراقبين، فإن الأيام القادمة قد تشهد ما وصفوه بـ«الضربة القاضية» للحركة، بإصدار حكم حلها وتصنيفها رسميًا كتنظيم إرهابي، في خطوة ستكون لها تداعيات داخلية وإقليمية تتجاوز حدود تونس.
aXA6IDMuMTQ1LjE2NS4yMTcg جزيرة ام اند امز