قمة ألاسكا.. 3 قوى عظمى ترسم ملامح النظام العالمي الجديد

يترقب العالم حدثا دبلوماسيا بارزا، حين يلتقي الرئيس الأمريكي ترامب نظيره الروسي بوتين في ألاسكا، في لقاء يوصف بأنه «للكبار فقط».
وترى صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أن هذا الاجتماع الذي طال انتظاره يأتي في ظل مشهد جيوسياسي متوتر، حيث تتقاطع المصالح والصراعات بين 3 قوى عظمى: الولايات المتحدة، وروسيا، والصين.
الطريق إلى هذا اللقاء لم يكن عاديا، إذ مهد ترامب له بخطوة اعتبرها مراقبون ذكية حين أزال عقبة أمام انعقاده، وهي ربط الاجتماع بمقابلة بوتين للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وعندما سُئل عن ذلك، أجاب ترامب بوضوح: "لا، لا يتعين عليه ذلك"، في إشارة إلى أن النقاش بينه وبين بوتين سيكون حكرًا على القضايا الكبرى التي تهم القوى العظمى.
وفي الكواليس، يراقب الرئيس الصيني شي جين بينغ من كثب، مدركا أن له تأثيرا عميقا على موسكو، وأن أي تقارب أمريكي–روسي قد ينعكس على التوازنات العالمية.
وتشير الصحيفة إلى أن ملامح النظام العالمي بدأت تتشكل بوضوح نحو ثلاثية النفوذ، إذ تكشف خريطة التحالفات والمناطق المتأثرة أن الولايات المتحدة تحتفظ بقاعدة نفوذها في أوروبا ومعظم العالم الغربي،
في الوقت ذاته، تمد الصين أذرعها الاقتصادية عبر آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية، في حين تحافظ روسيا على حضورها العسكري والسياسي في مناطق من شرق أوروبا وشمال أفريقيا وأبعد من ذلك.
الولايات المتحدة: قوة شاملة تبحث عن إعادة التموضع
ورغم التحديات الاقتصادية وتراجع الهيمنة المطلقة للدولار كعملة احتياطية عالمية، لا تزال واشنطن تمزج بين قوتها المالية والعسكرية و"القوة الناعمة" التي تصدرها عبر الثقافة والأفلام والموسيقى وحتى نمط الحياة الأمريكي.
وقد عزز فوز ترامب بولاية ثانية النهج الانعزالي، مع تقليص الالتزامات الدولية وتوجيه رسائل صريحة إلى الحلفاء بأن زمن الضمانات الأمنية المجانية قد ولّى.
ورغم هذا الانكفاء، فإن واشنطن تدرك أن ترك المجال مفتوحا أمام تقارب روسي–صيني سيضعف نفوذها، وهو ما دفع ترامب إلى التعهد بمحاولة "تفكيك" أي تحالف بين موسكو وبكين.
الصين: صعود اقتصادي واستراتيجية شراء النفوذ
منذ إطلاق "مبادرة الحزام والطريق"، تتبع بكين سياسة اقتصادية ذكية تقوم على منح قروض واستثمارات ضخمة للدول النامية، مقابل امتيازات استراتيجية طويلة الأمد، تشمل السيطرة على الموانئ والموارد.
ومع سيطرتها على معظم سوق المعادن الأرضية النادرة، عززت الصين موقعها في الصناعات المتقدمة مثل الطاقة المتجددة والتكنولوجيا.
ورغم هذه النجاحات، تواجه بكين تحديا ديموغرافيا كبيرا، إذ تتقلص القوى العاملة وتزداد نسبة كبار السن نتيجة سياسة «الطفل الواحد» التي أُلغيت قبل أقل من عقد.
أما على الصعيد الجيوسياسي، فإن الصين لا تخفي تطلعها لاستعادة أراض تعتبرها جزءا من سيادتها التاريخية، وعلى رأسها تايوان، التي تحظى بحماية أمريكية ضمنية.
روسيا: نفوذ عسكري يمتد بالتحالفات
فيما تمتلك موسكو مساحات شاسعة غنية بالموارد الطبيعية، وتستفيد من صادرات النفط والغاز للحفاظ على مكانتها كلاعب رئيسي في سوق الطاقة العالمي، حتى في ظل العقوبات الغربية.
كما توفر الصين لروسيا دعما لوجستيا وتقنيا حيويا، يشمل مكونات متطورة للطائرات المسيرة ومواد أساسية للصناعات العسكرية، في علاقة وصفها مراقبون بأنها "شراكة مصلحة" يستفيد منها الطرفان.
في مقابل كل ذلك يجد الاتحاد الأوروبي وبريطانيا نفسيهما في مواقع ثانوية، بينما تتحول بقية دول العالم إلى ساحات تنافس أو أوراق مساومة على طاولة الكبار.