"تقارب" سعيد واتحاد الشغل .. آخر مسمار بنعش إخوان تونس
لقاء بعد جفاء دام شهورا بين الرئيس التونسي قيس سعيد والأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي يذيب الجليد بين الطرفين لتزهر العلاقة من جديد من أجل الانتصار للوطن ولقضاياه الصادقة.
هذا اللقاء هو بمثابة تقارب مع قيس سعيد ليكون بمثابة "آخر مسمار في نعش الإخوان"، خاصة بعد إزالة جميع الخلافات التي كانت ترهق العلاقة الثنائية بينهما.
ومنذ 25 يوليو /تموز الماضي، لم يلتق قيس سعيد بشكل فردي بالأمين العام لمنظمة الشغل والمحادثة الوحيدة بينهما كانت في ديسمبر/كانون الأول الماضي، قبل أن تعود حدّة الخطاب الرئاسي ضد المنظمة من الاتهامات المبطنة لتجيب عنها المنظمة بالتهديد والوعيد بشن إضرابات ستشل 80 في المئة من القطاعات.
هذا اللقاء الذي كان مطولا جمع الرئيس والأمين العام لاتحاد الشغل ليلة السبت نفى فيه سعيد وجود "جفاء" بين الرئاسة والاتحاد.
وأكد سعيّد في ذات اللقاء أنه يرحب بالحوار مع الأطراف المستعدة للنقاش لصنع تاريخ تونس، لكنه يرفض الحوار مع من أسماهم بـ"اللصوص".
وشدد على مواصلة نهجه بعد الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها في 25 يوليو/تموز، وجمد بمقتضاها أعمال البرلمان كما علّق العمل بأجزاء من الدستور.
وقال الرئيس التونسي: "نحن مستمرون وثابتون ولا تهزنا الأراجيف والأكاذيب التي دأب عليها الكثيرون".
من جهته، أكد الطبوبي عقب اللقاء أنه "يرجو أن تكون الفترة المقبلة فترة وعي حقيقي لبناء وحدة وطنية حقيقية على قاعدة الوطنية وعلى قاعدة انتظارات الطبقات الفقيرة والمهمشة، إضافة إلى الشركات العامة".
القطع مع منظومة الإخوان
وأفادت مصادر خاصة لـ"العين الاخبارية" بوجود تقارب بين الرئيس والطبوبي، بضرورة عدم العودة لبرلمان الاخوان والقطع مع تلك المنظومة والدخول في مرحلة المحاسبة والعقاب وتأسيس لنظام جديد.
وأوضحت ذات المصادر، مفضلة عدم الكشف عن هويتها كونها غير مخول لها الحديث للإعلام، أن قيس سعيد يعمل على إذابة الجليد مع جميع الأطراف الصادقة والنزيهة لحشر الإخوان في الزاوية وقطع دابرهم من البلاد من أجل تطهيرها بالكامل وتأسيس دولة قانون لضمان حقوق الشعب التي نهبت في عهدهم.
برلمان الإخوان لم يكن برلمانا عاديا بل كان، وفق مراقبين، بل حلبة مصارعة بين نواب النهضة وأذرعتها العنيفة داخله من حزب ائتلاف الكرامة ونواب يتظاهرون بالاستقلالية في العلن وينفذون مخططات الإخوان في السر.
تكفير واعتداءات وضرب شهدها ذلك البرلمان، ما دفع قيس سعيد لتجميد أعمال المؤسسة التشريعية التي يتزعمها رأس الاخوان راشد الغنوشي في 25 يوليو.
وبعد ستة أشهر شرع سعيد في تجميع مناصريه من القوى الوطنية التي لا تلاحقها قضايا لبناء دولة جديدة قوامها القيم والمبادئ لتحقيق مطالب شعب ارهقته عشر سنوات عجاف في عهد منظومة الخراب.
اتحاد الشغل هو أول حليف قوي باعتباره منظمة عمالية ذات نفوذ واسع في البلاد، وضع يده مع سعيد ضد الإخوان وحلفائهم، فالاتحاد أيد القرارات التي أعلنها سعيّد في الخامس والعشرين من يوليو، كما أيد القطع مع المنظومة السياسية التي حكمت البلاد خلال العشرية الماضية بقيادة حركة النهضة.
إعادة بناء تونس
ويعتبر عبد المجيد العدواني، الناشط والمحلل السياسي، أن قيس سعيد ونور الدين الطبوبي قد عقدا العزم على إعادة بناء تونس ووضعا اليد في اليد لتطهير البلاد من الأدران التي لحقتها منذ دوس الاخوان عتبات البلاد.
وقال في تصريحات لـ"العين الاخبارية إن اتحاد الشغل دعته النهضة منذ أيام لمساندتها في اعتصاماتها، لكنه رفض رفضا قطعيا لذلك لأن المبادئ التي تأسس من أجلها الاتحاد هي مبادئ لمناصرة الحق والصدق.
وأضاف أن اتحاد الشغل الذي تأسس سنة 1946 اي قبل عشر سنوات من تأسيس الجمهورية لا يمكنه أن يصطف مع عرابي الخراب وإنما اصطفافه دائما مع الوطن والقضايا العادلة ومع حقوق الشعب.
واعتبر أن "سعيد اختار الاتحاد كي يكون أكبر داعم له لتاريخه الوطني المشرف باعتباره أنجب خيرة المناضلين في زمن حركة التحرر الوطني من الاستعمار الفرنسي ولعل ابرزهم فرحات حشاد والحبيب عاشور ومحمد علي الحامي".
ولفت إلى أن سعيد يعمل على تطهير البلاد من الاستعمار الإخواني الذي شل حركة البلاد وأفلسها وخربها وجوع شعبها واستنزف ثرواتها وارهقها اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا.
كذلك ترى نرجس بن قمرة، الباحثة السياسية التونسية، أن " قيس سعيد يخير دائما الاصطفاف مع الوطن ليصحح مسار بلاد تجرعت المرار من سنوات حكم مجرمين مسكوا بزمام الامور طيلة عقد من الزمن".
وأوضحت في تصريحات لـ"العين الاخبارية أن قيس سعيد متمسك بالمضي قدما في إزاحة الإخوان من المشهد السياسي والوطني والمجتمعي، حيث شرع في الكشف عن ملفات حطيرة تورطوا فيها، متحديا جميع الضغوطات التي يفتعلونها لتشتيت الرأي العام التونسي والدولي بخصوص ما ينجزه سعيد.
واعتبرت الباحثة التونسية إن التقارب بين الاتحاد وسعيد هو تأكيد لعدم عودة برلمان الاخوان باعتبارهما يشتركان في نفس المطالب وفي نفس الرؤى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
وأوضحت بالقول إن الرسالة التي وجهها سعيد من خلال هذا اللقاء هي أن الوطن بدأ يسترجع أنفاسه بتجميع كل الصادقين والثابتين حسب توصيفه.
aXA6IDMuMTI5LjIxNi4xNSA= جزيرة ام اند امز