موقف الإخوان من تفجير إسطنبول.. انبطاح يكشف العورات
كشفت ردود فعل جماعة الإخوان تجاه تفجير ضرب تركيا الأحد الماضي، عما اعتبره مراقبون انحدارا أخلاقيا وانبطاحا يأتي من موقف التابع الخاضع
وكان انفجار هز مدينة إسطنبول الأحد الماضي مخلفا 6 قتلى وعشرات الجرحى، ما دفع الجماعة التي تعمل إحدى أبرز جبهاتها الثلاث الرئيسية من الأراضي التركية إلى المسارعة بإصدار ثلاثة بيانات إدانة واستنكار للحادث الإرهابي.
واختلفت الرسائل التي حملتها تلك البيانات وأهدافها، لكنها عكست جميعها خللا يعتري الجماعة وتناقضا عميقا في مواقفها تجاه العمليات الإرهابية التي خططوا لها وأقدموا على اقترافها في مصر وأدانوها واستنكروها في تركيا.
وتضرب الانقسامات منذ شهور جماعة الإخوان المصنفة إرهابية في عدد من البلدان. وتتوزع الولاءات بين أعضاء الإخوان بين 3 جبهات رئيسية، جبهة "إبراهيم منير" نائب مرشد الإخوان السابق الذي تُوفي أوائل الشهر الجاري في لندن، وجبهة محمود حسين الأمين العام السابق للجماعة والذي دفعت به جبهته إلى منصب القائم بأعمال المرشد، وأخيرا جبهة "الكماليون" نسبة للقيادي الإخوان محمد كمال الذي قتل خلال اشتباكات مع الشرطة المصرية قبل سنوات.
وعقب التفجير الذي استهدف شارعا مكتظا في مدينة إسطنبول التركية وأسفر عن مقتل 6 أشخاص وإصابة 80 آخرين، سارعت جبهة منير بعد دقائق من العملية الإرهابية إلى إصدار بيان إدانة تقدمت خلاله بواجب العزاء، ولحقت بها جبهة حسين التي أعلنت بدورها عن شجبها واستنكارها للحادث على لسان المتحدث الرسمي باسمها طلعت فهمي.
أما جبهة "الكماليون" التي تعرف أيضا بـ"المكتب العام" فأصدروا من جهتهم بيانا باللغتين العربية والإنجليزية،هذا بالإضافة لشخصيات عامة، من أمثال يحيى موسى، وطارق الزمر القيادي الجهادي الهارب إلى تركيا، وكذلك أسامة رشدي، وغيرهم من الشخصيات الإخوانية التي هرولت لتثبت أنها متعاطفة مع أنقرة.
ودشن نشطاء الإخوان على مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاج "حفظ الله تركيا"، في وقت لم يسجل فيه للجماعة إصدارها بيان إدانة واضح تجاه عشرات العمليات الإرهابية التي استهدفت مصر خلال السنوات الماضية.
دفع الاتهامات
ويرى مراقبون أن من بين الأسباب التي دعت الجماعة الإرهابية إلى المسارعة بإصدار تلك البيانات هي خشيتها من الربط بين عناصرها وذلك التفجير، في ضوء انتشار تعليقات ومقاطع صوتية لكوادر الجماعة خلال الفترة الماضية التي توعدت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إذا ما أقدم على تسليم قيادات إخوانية إلى السلطات المصرية.
ومنذ أواخر الشهر الماضي نشرت كوادر إعلامية إخوانية في تركيا ما قالت إنه عمليات توقيف تعرضت لها، أبرزها مزاعم الإعلامي الإخواني حسام الغمري بشأن إلقاء القبض عليه ونقله إلى سجون على حدود البلاد.
وفي إطار سعي أنقرة إلى التقارب مع القاهرة أقدمت السلطات التركية على غلق فضائيات إخوانية وطلبت من قيادات بها مغادرة البلاد.
وفي ظل هذه الأجواء المضطربة سارعت الجماعة إلى محاولة التنصل من الاتهامات في خطوة استباقية.
كما يرى مراقبون أن مسارعة الجبهات الثلاث إلى إدانة عملية إسطنبول تأتي في إطار صراعهم على نيل الرعاية الرسمية من أنقرة إن نزع هذه الصفة عن الجبهة المنافسة.
مزايدة ممجوجة
وإلى جانب المسارعة في إدانة العملية الإرهابية، قفزت المنصات الإعلامية الإخوانية إلى مسرح المزايدة لتتفوق على المنصات التركية، حينما كالت المديح لأجهزة الأمن في البلاد بعد إعلانها إلقاء القبض على مشتبه به في الحادث، فيما كانت وسائل الإعلام التركية نفسها تنتقد الأجهزة الأمنية بعد إخفاقها في إحباط العملية.
وتجاهلت منصات الجماعة الأسئلة التي طرحها الأتراك أنفسهم بشأن ما اعتبروه فشلا أمنيا خاصة أن الحادث وقع في منطقة ذات تأمين عال بحكم كونها منطقة سياحية شهيرة خصص لمراقبتها نحو مئتي كاميرا مراقبة.
وحدهم الإخوان الذين أفردوا ساعات للحديث عن العملية وملابساتها من منظور الأمن التركي الرسمي، وساهموا في الدفع باتهام حزب العمال الكردستاني، وأبدوا إعجابًا منقطع النظير بالداخلية التركية، في انبطاح اعتبره مراقبون "مثيرا للشفقة"، بدأه محمد ناصر بالتغزل في العملية الأمنية التي ألقوا فيها على المشتبه بهم، ووصف العملية الأمنية بأنها لا نظير لها في العالم، وأن تلك الإجراءات تدل على احترافية شديدة.
فصام إخواني
وبينما سارعت الجماعة لإدانة العملية والتغزل في قدرات السلطات الأمنية في تركيا، قارن نشطاء في مصر بين موقف الجماعة من عملية إسطنبول وعمليات أخرى وقعت في مصر خلال السنوات الماضية.
وكانت ردود فعل الجماعة تجاه العمليات الإرهابية في مصر تتراوح بين التلميح بوقوف السلطات خلفها أو التشفي الصريح خاصة خلال عمليات الاغتيال أو محاولات الاغتيال التي تبين لاحقا أن الجماعة كانت تقف خلفها.
وكانت أبرز تلك العمليات مقتل النائب العام المصري هشام بركات، الذي ثبت لاحقا أن عناصر حركة حسم الإخوانية هي التي أقدمت على تنفيذها، ووقتها تبنى نشطاء الإخوان على صفحاتهم تبرير هذا العمل الإجرامي موجهين إدانات وسبابا بحق النائب العام الذي قتل خلال العملية.
وتعكس ردود فعل جماعة الإخوان أيضا عمق كراهيتهم للمجتمع المصري والدولة خاصة بعد أن عزلهم الشعب المصري عن السلطة في ثورة 30 يونيو عام 2013.