حرب إخوانية خفية.. شراكات تجارية لإعادة الانتشار داخل مصر
رغم الضربات الأمنية المصرية، خلال السنوات الأخيرة، تخوض جماعة الإخوان الإرهابية حربا خفية لإعادة تدوير نفسها اقتصاديا واجتماعيا.
نجاح ملموس سجلته السلطات المصرية في مجال مراقبة ومتابعة حركة أموال الجماعة الإرهابية، دعمه صدور عشرات الأحكام بالتحفظ وإدارة أموال أبناء التنظيم المتورطين في جرائم غسل الأموال واستخدامها في عمليات إرهابية.
لكن لا تزال الجماعة تعيد بناء نفسها من الداخل بالمشاركة والمساهمة وإنشاء شركات وكيانات اقتصادية صغيرة ومتوسطة لتحريك رأس المال بعيدا عن أعين أجهزة الأمن.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، تمكنت الأجهزة الأمنية في مصر من إجهاض مخططات جماعة الإخوان الإرهابية، التي تستهدف المساس بأمن الوطن والنيل من استقراره، وإعادة إحياء نشاط التنظيم.
ونجح قطاع الأمن الوطني والجهات المعنية من ضبط شقة بمنطقة حدائق الأهرام بمحافظة الجيزة تم إخفاء بها مبلغ 8 ملايين و400 ألف دولار أمريكي وبعض العملات الأخرى لاستخدامها في الأعمال الإرهابية.
وتبين من التحقيقات تورط الإخواني يحيى مهران عثمان كمال الدين صاحب شركة استيراد وتصدير بدور بارز في ذلك المخطط، باعتباره أحد الأذرع الرئيسية للقيادي الإخواني المحبوس صفوان ثابت.
واتضح أن ثابت كلفه باستغلال شركاته في عمليات نقل وإخفاء أموال التنظيم واستثمار عوائدها لصالح أنشطته الإرهابية في محاولة للتحايل والالتفاف علـى إجراءات التحفظ القانونية المتخذة ضد الكيانات.
تحرك مشبوه
أمين عام الجبهة الوسطية لمكافحة التطرف والتشدد الديني صبرة القاسمي، أكد في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن أعضاء تنظيم الإخوان داخل مصر يبني آمالاً عريضة خلال الفترات الماضية على إعادة الاندماج في الداخل من خلال إنشاء كيانات اقتصادية صغيرة ومتناهية الصغر .
ويجرى تنفيذ ذلك عبر الشراكة في عدد من المشروعات بعد ضبط وحبس القيادي الإخواني صفوان ثابت، والذي كان أحد المراكز المالية للجماعة الإرهابية والممولين لها من خارج السجن حتى إلقاء القبض عليه قبل شهور قليلة.
وأكد القاسمي أن تنظيم الإخوان غير استراتيجية المشاركة بالمشاريع العملاقة لسهولة الرصد والمتابعة، خاصة أن أغلب رؤوس الأموال تكون مرسلة بطرق غير شرعية إلى الداخل من تمويلات الإخوان من الخارج وتكون تلك المشرعات مجرد واجهة لها لإتمام عملية غسيل الأموال.
إلا أن أكثر ما يسعى إليه الإخوان هو الاندماج في شراكات مع أفراد وأشخاص غير منتمين للإخوان بهدف ربط مصالح هؤلاء بمصالحهم إذا اكتشف أمرهم بأي وسيلة.
ولهذا يلجأ الإخوان عادة إلى التودد والتقرب إلى الفئات الأكثر احتياجاً للشراكة أو لتزويد رأس المال لمشاركتها، وهم في العادة أصحاب المشاريع المتوسطة أو الصغيرة أو متناهية الصغر.
مجالات العقارات
واتفق عمرو عبدالمنعم الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، مع الرأي السابق، مؤكداً في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن أعضاء الجماعة الإرهابية قرروا الاتجاه إلى المهن التي تجنبهم ترصد تحركاتهم واستحالة مراقبتهم، وكان أبرز ما يستثمر فيه عنصر التنظيم مجال العقارات حيث رأس المال المضمون الذي يمكن تحويله إلى سيولة نقدية متى اقتضت الحاجة إلى ذلك في أي توقيت من خلال البيع.
كما ينخرط الإخوان بحسب عبدالمنعم في المشاركة في المحال التجارية الغذائية برأس مال قليل رغم امتلاكهم الأموال، لكي لا يتم متابعة تحركاتهم سيما بعد إحكام القبضة الأمنية على تحركات الأموال للحيلولة دون استخدامها في أي جريمة جنائية أو تمويل الإرهاب.
وأشار إلى أن الجماعة باتت تسعى إلى تأسيس أو الدخول في شراكات تجارية في كافة المجالات ولكن بنسبة قليلة في الوقت الذي انتهت فيه تماماً من اللجوء إلى أي منافذ تعليمية كي لا يتم رصدها بسهولة، خاصة أن تأسيس المنافذ التعليمة حالياً بات بضوابط أكثر بكثير مما كان عليه سابقاً.
فيما يرى خالد الزعفراني، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، أن الأجهزة الأمنية وجهت ضربات قاسمة للإخوان خلال السنوات الماضية، ولهذا فإن الجماعة الإرهابية باتت تخشى أن تشارك في تأسيس شركات خوفاً من كشفها وملاحقتها أمنياً في الوقت الذي يملكون فيه أموالاً طائلة سائلة جراء التمويلات الخارجية.
ويرى الزعفراني في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن الإخوان في الداخل يحصلون على أموال طائلة من تمويل التنظيم الدولي تحت ما يدعونه من مظلومية تحدث لهم في الداخل ويتم دخول تلك الأموال من خلال خلايا نائمة لا تعلن انتماءها للجماعة ولكنها في الحقيقة تعمل لصالحهم، إضافة إلى أنه خلال سنوات طوال كان لدى الإخوان ملايين الجنيهات السائلة غير المودعة في البنوك كتلك التي تم ضبطها قبل أقل من شهر في شقة مملوكة للكادر الإخواني المحبوس صفوان ثابت.
ملاحقة أمنية
من جانبه، أكد اللواء محمد نور الدين، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن الأجهزة الأمنية بمصر في حالة يقظة مستمرة على الدوام، ولديها دائما خطوات استباقية وتعرف كيفية تحركات تلك الجماعات وخططهم ولهذا نجحت خلال تلك السنوات في رصد حركة الأموال المشبوهة لهم وضبطها في التوقيت المناسب، فضلاً عن أن الأمن لديه كافة المعلومات المالية عن عناصر التنظيم.
واختتم نور الدين حديثه بالتأكيد أن الأمن المصري نجح منذ عقود في اختراق تلك الجماعات الإرهابية المسلحة، ولدية قطاعات كاملة تتحرك لرصد أي تحركات مشبوهة والتعامل معها بالشكل المناسب وفي التوقيت الأمثل.