«عين داخل القصر».. عندما حاول إدوارد الثامن تسليم بريطانيا لهتلر

خلال الحرب العالمية الثانية كاد ملك بريطانيا جورج السادس والملكة إليزابيث يفقدان حياتهما عندما استهدفت طائرة نازية قصر باكنغهام.
ووفقا لصحيفة "ديلي ميل"، كاد الهجوم يودي بحياة الملك جورج السادس وزوجته الملكة إليزابيث (الملكة الأم لاحقا).
لكن ما جعل الأمر أكثر رعبًا هو أن العدو لم يكن يعتمد فقط على خططه العسكرية، بل كان لديه مصدر معلومات من داخل القصر نفسه.
وفي الثالث عشر من سبتمبر/أيلول عام 1940، تلقى طيار ألماني أوامر بقصف قصر باكنغهام وقتل الملك والملكة، وكان نجاحه في هذه المهمة سيمثل انتصارًا عسكريًا كبيرًا للزعيم النازي أدولف هتلر.
في ذلك اليوم، حلّق الطيار النازي بطائرته على ارتفاع منخفض فوق شارع "ذا مول" المؤدي إلى قصر باكنغهام، وأسقط القنابل المتفجرة على رمز بريطانيا.
كان الملك جورج السادس يجلس في غرفة صغيرة تطل على الفناء الداخلي للقصر برفقة زوجته، الملكة إليزابيث، عندما تم إخطارهما باحتمال وقوع هجوم وشيك ومطالبتهما بالتوجه إلى الملجأ.
لكن التحذير جاء متأخرا فأسقطت الطائرة قنبلة على بعد ثلاثين ياردة فقط منهما، محدثة عمودًا ضخمًا من الدخان والتراب.
ووصف ونستون تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا آنذاك، الحادثة قائلاً: "لو كانت النوافذ مغلقة بدلاً من أن تكون مفتوحة، لتهشّم الزجاج بالكامل وتطاير إلى وجهي الملك والملكة، متسببًا في إصابات خطيرة".
ولحسن الحظ، كانت الأميرتان إليزابيث (14 عامًا) ومارغريت (10 أعوام) في أمان بقلعة وندسور في أثناء الغارة.
وفي ذلك اليوم، أسقطت الطائرة 6 قنابل على القصر، وكان هذا الهجوم المباشر هو الأكثر نجاحًا للنازيين ضد العائلة الملكية، مما أثار الشكوك حول وجود خيانة داخلية.
هل كان متورطًا؟
سرعان ما أثيرت الشكوك حول أن الخائن كان أحد أفراد العائلة الملكية، وبالتحديد الأمير إدوارد الثامن، دوق وندسور، وشقيق الملك جورج السادس.
وكان إدوارد قد تنازل عن العرش عام 1936 من أجل الزواج بالأمريكية المطلقة واليس سيمبسون، وأصبح منبوذًا من العائلة المالكة. لكن الأخطر من ذلك، أنه كان معروفًا بتعاطفه مع النازيين.
ففي زيارته لألمانيا عام 1937، التقى إدوارد هتلر وأدى التحية النازية أمامه، كما أرسل له لاحقًا رسالة شكر قال فيها: "لقد تركت زيارتنا لألمانيا انطباعًا عميقًا. نشكرك جزيل الشكر على الوقت الرائع الذي أمضيناه معك".
وقبل اندلاع الحرب بشهر واحد، سجل إدوارد رسالة للشعب البريطاني يدعو فيها إلى "إيجاد تسوية مع ألمانيا النازية"، لكن هيئة الإذاعة البريطانية رفضت بثها.
وثائق ماربورغ
لم يكن الملك جورج السادس يثق بشقيقه، إذ منعه في أثناء الحرب من الاطلاع على أي وثائق سرية.
وخلال الأيام الأخيرة من الحرب، اكتشف دبلوماسيون أمريكيون وثائق سرية مدفونة بالقرب من قلعة ماربورغ في ألمانيا، تُعرف اليوم بـ"ملفات وندسور".
وتضمنت الوثائق مراسلات بين الأمير إدوارد دوق وندسور والقيادة النازية، وكشفت عن خطة ألمانية للإطاحة بالنظام الملكي البريطاني وإعادة إدوارد إلى العرش كملك تحت سيطرة هتلر.
وإحدى تلك المراسلات جاء فيها: "الدوق مقتنع بأنه لو بقي على العرش، لما نشبت الحرب، وهو يرى أن استمرار القصف الشديد سيجعل بريطانيا مستعدة للسلام".
وفي وثيقة أخرى، تم التأكيد على أن إدوارد أبلغ النازيين بمواقع حساسة في قصر باكنغهام، مما أثار الشكوك حول دوره في الهجوم.
«خيانة» لم تخضع للمحاسبة
رغم جميع الأدلة، لم يتم اتخاذ أي إجراء ضد دوق وندسور، ربما لحماية سمعة العائلة الملكية.
ومع ذلك، فإن الوثائق والتقارير تشير بوضوح إلى أن القصف الذي استهدف الملك جورج السادس والملكة الأم لم يكن مجرد هجوم عشوائي، بل كان بتوجيه من داخل العائلة نفسها.
وكتب المؤرخ ألكسندر لارمان في كتابه "آل وندسور في الحرب" يقول: "لم يكن الملك بحاجة إلى الإفصاح عن شكوكه، فقد كان يعلم الحقيقة في داخله".
وأضاف: "لم تكن الحرب فقط بين الدول، بل امتدت إلى العائلة نفسها، حيث انقسم الإخوة إلى طرفين متنازعين".