رئيس أركان بوركينا فاسو.. «رأس حربة» بمواجهة الإرهاب

من الظل قفز إلى الواجهة ليبرز كرأس حربة في معركة بوركينا فاسو مع الإرهاب، وأحد أعمدة مشروع هيكلة الجيش وتعزيز الاستقرار.
وبينما تطول التحديات الأمنية البلد الأفريقي، يتصدى رئيس الأركان موسى ديالو، بخبرة ميدانية واسعة وشبكة علاقات متينة مع قادة المرحلة الانتقالية، مشهد المواجهة مع التهديدات الإرهابية ومساعي إصلاح الجيش.
فمن هو رجل الظل الذي أصبح اليوم في قلب الأحداث ببوركينا فاسو؟
يشغل موسى ديالو منذ 19 ديسمبر/كانون الأول 2024 منصب رئيس أركان الجيوش في بوركينا فاسو، خلفًا للجنرال سيلستين سيمبور الذي انتقل لتولي حقيبة الدفاع في الحكومة الانتقالية.
وجاء تعيين ديالو وسط ظروف استثنائية، مع تصاعد الهجمات الإرهابية واتساع رقعة التوتر داخل الثكنات العسكرية.
ووفقًا لمجلة "جون أفريك" الفرنسية، جاء هذا التغيير في القيادة العسكرية في إطار عملية "إعادة هيكلة شاملة" لقوى الأمن والدفاع، بهدف استعادة زمام المبادرة في مواجهة التنظيمات الإرهابية، لا سيما في الشمال والشرق حيث تنشط جماعات مرتبطة بتنظيمي القاعدة وداعش.
وديالو، المعروف بانضباطه الصارم، يعد من العسكريين الذين تدرجوا في مناصبهم بهدوء وثبات عبر مختلف المناصب القيادية، مكتسبًا سمعة قوية داخل صفوف الجيش.
تكوين وخبرة
وينحدر موسى ديالو من الجيل الجديد من الضباط الذين تلقوا تدريبًا عالي المستوى، إذ تخرج من الأكاديمية العسكرية بموريتانيا في أوائل الألفية الثانية، قبل أن يكمل تأهيله المهني في فرنسا، في إطار التعاون العسكري بين باريس وواغادوغو.
حصل ديالو على شهادات متقدمة في إدارة العمليات القتالية ومكافحة التمرد من كلية الحرب البرية في باريس، كما شارك في برامج متخصصة في حفظ السلام ضمن قوات الأمم المتحدة، ما صقل مهاراته في التعامل مع النزاعات المركبة متعددة الأطراف.
خلال مسيرته، قاد ديالو عدداً من المناطق العسكرية الاستراتيجية، خاصة في الشمال الشرقي، حيث أدار معارك كبرى ضد الجماعات المسلحة، مما أكسبه احترام الضباط والجنود على السواء.
«ثالوث السلطة»
لم يقتصر دور الجنرال موسى ديالو على إدارة المعارك ضد الإرهاب، بل لعب أيضًا دورًا محوريًا في تعزيز الانضباط داخل القوات المسلحة خلال الفترات الحرجة.
وفي سبتمبر /أيلول الماضي، شهدت بوركينا فاسو محاولة انقلابية فاشلة خطط لها عدد من الضباط الساخطين.
وأوردت مجلة "جون أفريك" الفرنسية أن ديالو قاد حينها خطة دفاعية دقيقة شملت نشر قوات النخبة حول القصر الرئاسي والمقار الحساسة في العاصمة واغادوغو، مما ساعد على إفشال المخطط خلال ساعات محدودة، دون أن تشهد البلاد انزلاقًا للفوضى.
وهذا الأداء عزز صورته كضامن للشرعية الدستورية خلال المرحلة الانتقالية.
كما تربط ديالو علاقة شراكة استراتيجية بالرئيس الانتقالي الكابتن إبراهيم تراوري، الذي تولى السلطة عقب انقلاب عسكري في أكتوبر/ تشرين أول 2022.
وتشير قراءات خبراء، بينهم الباحث الفرنسي جان-بيير مارتي، إلى أن ديالو يشكل مع الرئيس تراوري ووزير الدفاع سيلستين سيمبور "ثالوث السلطة" الذي يشرف على رسم السياسات الأمنية وإعادة هيكلة المنظومة الدفاعية للبلاد.
تقدير ورؤية
يحظى موسى ديالو بتقدير واسع داخل المؤسسة العسكرية، إذ يعتبره الكثيرون رمزًا للثقة والانضباط في وقت تشتد فيه الحاجة إلى قيادة موثوقة.
كما بدأ حضوره يتعزز في الأوساط المدنية، خاصة بعد تصريحات رسمية له أكد فيها أن الجيش "لن يكون بديلاً عن المؤسسات المدنية" وأن "مستقبل بوركينا فاسو يعتمد على التلاحم الوطني والتنمية المتوازنة"، في إشارة إلى رؤيته الشاملة لتحقيق الأمن والاستقرار.
وفي خطاب ألقاه في وقت سابق بالأكاديمية العسكرية بواغادوغو، قال موسى ديالو: "نحن نخوض معركة وجود، وليست مجرد حرب على الإرهاب. الحل الحقيقي يتطلب تطوير القرى، بناء المدارس، توفير المياه والطاقة، وتعزيز المصالحة الوطنية".
وتؤكد هذه الكلمات قناعته بأن الحلول العسكرية وحدها ليست كافية لمواجهة التحديات التي تعيشها البلاد.
وفي ظل التحولات العميقة التي تشهدها بوركينا فاسو، يبرز الجنرال ديالو كأحد الوجوه القادرة على إحداث الفارق، سواء من خلال بناء جيش أكثر احترافية، أو عبر المساهمة في صياغة مستقبل سياسي أكثر استقرارًا.
وبينما لا تزال البلاد تخوض معركة طويلة الأمد ضد الإرهاب والفقر والانقسامات الداخلية، تتملك الخبراء قناعة بأنه سيكون لديالو دورًا محوريًا في رسم ملامح الغد.
aXA6IDE4LjE4OS4xNzEuMTAyIA== جزيرة ام اند امز