سياسة
بوركينا فاسو تفقد بوصلتها.. "الانقلاب" يبدد جهود 10 أشهر وينكأ جراح الماضي
بعد ثاني انقلاب عسكري لبوركينا فاسو خلال عام، بات البلد الواقع في غرب أفريقيا، والذي يعد واحدًا من أفقر البلدان حديث العالم.
ففي ختام يوم شهد إطلاق رصاص في حي مقر الرئاسة في العاصمة واغادوغو، أعلن حوالي 15 عسكريا بعضهم يضع قناع وجه في حوالي الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي، إقالة رئيس المجلس العسكري الحاكم اللفتنانت كولونيل بول هنري سانداوغو داميبا الذي تولى السلطة، في نهاية يناير/كانون الثاني الماضي.
وأعلن مسؤول عسكري في بوركينا فاسو، في خطاب أذاعه التلفزيون الرسمي مساء الجمعة، حل الحكومة الحالية وإقالة زعيم المجلس العسكري، الرئيس المقدم بول هنري داميبا، وإغلاق حدود البلاد البرية والجوية ووقف العمل بدستورها.
وقال المسؤول العسكري إن قائد الجيش إبراهيم تراوري سيتولى الآن زمام الأمور كرئيس للمجلس العسكري الحاكم في البلاد، متهمًا الرئيس السابق بـ"خيانة" هدف الجيش في إعادة الأمن إلى البلاد.
اختيارات "خطرة"
وأوضح المسؤول العسكري، في رسال وجهها إلى شعب بوركينا فاسو: في مواجهة تدهور الوضع الأمني، حاولنا عدة مرات إعادة تركيز المرحلة الانتقالية على قضية الأمن، إلا أن "الاختيارات المحفوفة بالمخاطر التي قدمها المقدم داميبا أضعفت بشكل متزايد أجهزتنا الأمنية".
ويبدو أن الجهود السابقة لتهدئة التمرد باءت بالفشل؛ ففي وقت سابق يوم الجمعة، بعد أن استيقظ سكان العاصمة واغادوغو على أصوات إطلاق النار، فسر قادة المجلس العسكري الوضع على أنه نتيجة "لتقلب المزاج" بين بعض أفراد الجيش، مشيرين إلى أن المحادثات جارية.
وسُمع دوي إطلاق نار كثيف من المعسكر الرئيسي للجيش وبعض المناطق السكنية في واغادوغو، وشوهد عدة جنود مسلحين يتخذون مواقع على طول الطريق الرئيسي المؤدي إلى الرئاسة، فضلا عن منع الوصول إلى المباني الإدارية والتلفزيون الوطني.
من جانبها، أدانت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) يوم الجمعة استيلاء العسكريين على السلطة في بوركينا فاسو، قائلة، إن الانقلاب جاء في وقت غير مناسب بعد أن أحرزت بوركينا فاسو تقدما نحو العودة إلى الحكم الدستوري عقب سيطرة الجيش على السلطة في يناير/ كانون الثاني من حكومة مدنية.
احتواء "الإرهابيين"
وكافحت قوات الأمن في بوركينا فاسو لاحتواء الجماعات "الإرهابية" التي اجتاحت مساحات شاسعة من البلاد في السنوات الأخيرة، بعد أن تولى داميبا السلطة إثر انقلاب عسكري في 24 يناير/كانون الثاني أطاح بالرئيس السابق روش كابوري وحل الحكومة، بحسب شبكة "سي إن إن".
وتعهد باستعادة الأمن بعد سنوات من أعمال العنف التي نفذها "إرهابيون" مرتبطون بتنظيمي القاعدة و"داعش"، لكن حكومته كافحت من أجل تحقيق ذلك، فيما كانت الهجمات مستمرة والجيش في حالة فوضى.
وهذا الأسبوع، قتل مهاجمون مجهولون أحد عشر جنديًا خلال هجوم على قافلة مؤلفة من 150 مركبة كانت تنقل الإمدادات إلى بلدة في شمال بوركينا فاسو، فيما لا زال خمسون مدنيا في عداد المفقودين.
وأصبحت مناطق واسعة في الشمال والشرق غير خاضعة للحكم منذ 2018، فيما فر الملايين من منازلهم خوفا من المزيد من المداهمات التي يشنها مسلحون كثيرا ما ينزلون على المجتمعات الريفية على دراجات نارية.
وتعد الدولة الواقعة في غرب إفريقيا، وهي واحدة من أفقر دول العالم، بؤرة لأعمال العنف التي بدأت في مالي المجاورة في عام 2012 لكنها انتشرت منذ ذلك الحين عبر الامتداد القاحل لمنطقة الساحل جنوب الصحراء الكبرى.